من الشرق: دول الخليج تعيد تنظيم شراكاتها التجارية

البوصلة الخليجية تتجه نحو الشرق في إعادة رسم خرائطها التجارية، ومن بين عشر دول دخلت معها دول المجلس في مفاوضات اتفاقيات تجارة حرة، ثماني دول تنتمي للقارة الآسيوية، في مقابل دولتين فقط من خارجها وهما بريطانيا وتركيا.
كوالالمبور ونيودلهي وجاكرتا تحل الان محل بروكسل وبرلين وباريس في أولويات الشراكة الخليجية، حيث الواقعية الاقتصادية والمصالحة المشتركة، تنبض أسواق ناشئة وواعدة، وتبدو الفرص أكثر مرونة واستعدادًا للاتفاق. بعد عقود من المفاوضات المتعثرة مع الاتحاد الأوروبي
ووقعت ماليزيا قبل أيام إطلاق مفاوضات التجارة الحرة مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث وقّع الاتفاقية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، ووزير الاستثمار والتجارة والصناعة الماليزي زافرول تنكو عبدالعزيز، وذلك على هامش القمة الخليجية مع رابطة (الآسيان) في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وماليزيا هي الدولة العاشرة التي يدخل معها مجلس التعاون في مفاوضات التجارة الحرة بعد كل من: بريطانيا، الصين، ونيوزيلندا، اليابان، جمهورية الهند، جمهورية تركيا، باكستان، كوريا الجنوبية، وإندونيسيا، إضافة إلى ماليزيا.
ويولي مجلس التعاون الخليجي أهمية كبيرة لاتفاقيات التجارة الحرة مع العالم، لمساهمتها في تخفيض التكاليف على المصدرين والموردين والمستثمرين، وإزالة العوائق غير الجمركية، وتعزيز التنافسية الاقتصادية لدول الخليج. كما أنها تقلل من درجة عدم اليقين والمخاطرة للمستثمرين، حيث توفر قنوات رسمية لمعالجة التحديات التي يواجهها القطاع الخاص والمواطنون بسهولة ويسر.
وتُساهم هذه الاتفاقيات بشكل مباشر في زيادة التبادل التجاري بين الدول الموقعة، مما يعزز من مكانة تلك الدول على حساب الدول الأخرى التي لم تدخل في اتفاقيات تجارة حرة، وهو ما يعرف بتحوّل التجارة لصالح دول الاتفاقية.
وحسب بيانات مجلس التعاون، أصبحت دول المجلس مجتمعة ضمن قائمة أكبر سبع مناطق مالية عالمية، حيث بلغت القيمة السوقية الإجمالية لأسواق المال الخليجية أكثر من 4.3% من إجمالي القيمة السوقية العالمية. كما شهدت التجارة البينية بين دول مجلس التعاون نموًا ملحوظًا، حيث بلغ حجم الصادرات البينية 131.6 مليار دولار أمريكي بنسبة نمو قدرها 67%، مما يعكس عمق التكامل الاقتصادي وتيسير حركة السلع بين الدول الأعضاء.
كما بلغ إجمالي رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة المسموح تداول أسهمها من قبل مواطني دول مجلس التعاون الأخرى 520.4 مليار دولار أميركي بنسبة نمو قدرها 226.9%، بما يدل على انسياب رؤوس الأموال الخليجية وسهولة النفاذ إلى الأسواق. وفي مجال التعليم العالي، بلغ عدد الطلاب الخليجيين الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في دول مجلس التعاون غير دولهم نحو 12.8 ألف طالب.
كما تُعتبر دول المجلس من بين أكثر الدول في العالم جاهزية لتطبيق الاقتصاد الرقمي، حيث تجاوز مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي المتوسط العالمي، ويتوقع مساهمة الذكاء الاصطناعي بنسبة 34% من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بحلول عام 2030.
أما في مجال التنمية المستدامة، فقد شهدت دول المجلس نموًا كبيرًا في قدرتها الإنتاجية من مصادر الطاقة النظيفة، إذ بلغت قدرة إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة في دول المجلس نسبة 30% من إجمالي إنتاج الشرق الأوسط، كما بلغت 54.5% من إنتاج طاقة الرياح، وهو ما يُعد 30% من الإنتاج العالمي.