«موني ويك» البريطانية: السعودية “عوامل استقرار”

تناولت مجلة موني ويك البريطانية الاستثمارية التغييرات التي شهدتها المملكة خلال عقد من الزمان، معتبرة أن تغيرا جذريا حدث في جوانب مهمة خلال السنوات العشر التي انقضت منذ تولي الملك سلمان العرش ومنذ أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد.
وتطرقت المجلة التي تصدر في لندن التغييرات التي حدثت في إطار الاجتماعي والاقتصادي على حد السواء، لافتة إلى تمكين المرأة من الدخول إلى سوق العمل، إلى جانب ذلك أيدت المجلة ما ذكرته مجلة الإيكونوميست، في وقت سابق حيث وصفت السعودية بأنها “قوة من أجل النظام” و”تأثير مستقر في الشرق الأوسط”، لافتة إلى دور الرياض في التوسط في تهدئة الصراعات بالشرق الأوسط، فقد نصحت بضبط النفس في الصراع في اليمن. وهي منفتحة على علاقات أفضل مع كل من إيران وإسرائيل وفقا للمجلة، وساعدت الحكومة السورية الجديدة من خلال سداد بعض ديونها.
وأشارت المجلة إلى أن مهمة ولي العهد المعلنة بموجب الرؤية السعودية 2030 تتمثل في تحويل المملكة من دولة نفطية إلى اقتصاد متنوع في القرن الحادي والعشرين مع قطاع خاص مزدهر وإعدادها لعهد ما بعد النفط. ولكن الحقيقة هي أنه على الرغم من البدء في هذه الخطط إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به، كما لا تزال حصة النفط في الاقتصاد مرتفعة أيضا على الرغم من أنها انخفضت من 36% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 26% العام الماضي وفقا للأرقام الرسمية.
ومع ذلك فإن تقديرات أخرى تضع الحصة أعلى من ذلك بكثير وبمجرد احتساب جميع الأنشطة الاقتصادية المتعلقة باستخراج النفط والغاز، فإن ما يقرب من نصف الاقتصاد السعودي 48٪ يعتمد على الهيدروكربونات، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، ولا يزال النفط يشكل ما بين 60% و75% من عائدات الحكومة.
ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي تحتاج المملكة إلى أن يكون سعر النفط العالمي أكثر من 90 دولارا للبرميل من أجل موازنة ميزانيتها، الأسعار حاليا أعلى بقليل من 60 دولارا ولا يتوقع أن ترتفع كثيرا هذا العام.
وقد خفض مصرف جولدمان ساكس توقعاته لسعر النفط في نهاية عام 2025 إلى 60 دولارا للبرميل لخام برنت و56 دولارا العام المقبل. إذا ظلت الأسعار حول 62 دولارا هذا العام فإن عجز الميزانية السعودية لعام 2024 البالغ 30.8 مليار دولار سيتضاعف إلى حوالي 70 مليار دولار – 75 مليار دولار
ووفقا لما قاله فاروق سوسة كبير الاقتصاديين في “جولدمان ساكس” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ “هذا يعني المزيد من الاقتراض، وربما يعني المزيد من التخفيضات في الإنفاق، وربما يعني المزيد من بيع الأصول، أو كل ما سبق، وهذا سيكون له تأثير على الظروف المالية المحلية وربما حتى الدولية.” ماذا عن الديون؟ يثير انخفاض أسعار النفط القلق، ولكنه لن يعجل بأزمة ديون.
وفي نهاية العام الماضي كانت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السعودية أقل بقليل من 30% وهي نسبة متواضعة مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة 124% أو فرنسا 111%. لا تزال الرياض تتمتع بمساحة كبيرة للاقتراض. ومع ذلك سيكون من الصعب على السوق استيعاب 75 مليار دولار من إصدارات الديون وسيتعين على السعوديين البحث عن حلول أخرى.
وفيما يتعلق بخفض الإنفاق يعتقد العديد من الاقتصاديين الإقليميين أن بعض المشاريع الأكثر جاذبية مثل مدينة نيوم (الخطية) الضخمة والمستقبلية سيتم تقليصها بشكل أكبر، وتشمل مشاريع أخرى مماثلة والتي تقدر تكلفتها بنحو 900 مليار دولار بحلول عام 2030، 50 فندقا فاخرا ممتدا على طول البحر الأحمر ومنتجعا للتزلج في الصحراء وأكبر مبنى في العالم في الرياض. وهناك أيضا إمكانية لبيع المزيد من الأصول المحلية بما في ذلك حصص في شركتي أرامكو السعودية وسابك المملوكتين للدولة.
القطاعات المزدهرة
ربما يكون الأهم من هذه المشاريع هو جهود الحكومة لتعزيز الصناعات الجديدة من السياحة إلى صناعة السيارات في الوقت نفسه يعيد موظفو الخدمة المدنية صياغة القواعد المتعلقة بكل شيء من الوضع الاجتماعي إلى الاستثمار الأجنبي، في وجود أكثر من 600 حزمة إصلاحات قيد التنفيذ. إن تحرير الإقراض العقاري يعني ازدهار قطاع البناء.
ينمو قطاع التجزئة والضيافة بسرعة وكذلك السياحة التي سجلت ارتفاعا ملحوظا، أحد الطموحات هو ترسيخ القوة في مجال الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. وقد وقعت شركة الذكاء الاصطناعي السعودية الجديدة المملوكة للدولة “هيومن” صفقات بقيمة 23 مليار دولار مع مجموعات التكنولوجيا الأمريكية بما في ذلك إنفيديا و AMD وامازون ويب و كوالكوم وفقا لرئيسها التنفيذي.
كما أطلقت صندوقا لرأس المال الاستثماري بقيمة 10 مليارات دولار حيث تقود جهود المملكة لتصبح مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي. وهي تجري حاليا محادثات مع مجموعات أمريكية، بما في ذلك أوبن إيه آي وإيلون ماسك xAI واندرسون هورويتز حول خططها.
ولكن إلى جانب هذه الطموحات الكبيرة هناك أهداف أكثر واقعية -من بينها تحسين نظام التعليم في البلاد وجذب الخبرات اللازمة لتعزيز القطاعات الناشئة بما في ذلك صناعة السيارات وأشباه الموصلات والطاقة المتجددة.