ماريان جرجس تكتب: القاهرة – باريس .. رسائل بعلم الوصول

ماريان جرجس تكتب: القاهرة – باريس .. رسائل بعلم الوصول

زيارة استطاعت أن تغير شكل وملامح العلاقات الدبلوماسية بين مصر وفرنسا وترتقي بها إلى درجة الشراكة الإستراتيجية، لم تكن زيارة عادية من حيث الشكل أو دلالة التوقيت، زيارة خالية من الرسميات والبرتوكولات المعهودة ، كانت قريبة لنفس كل مواطن عربي وكأن الدولة المصرية استغلت هذا التوقيت الحرج من عمر الإقليم والتهاب القضية الفلسطينية لتخلق جسرًا بين العالم العربي والغربي .

فزيارة ماكرون للقاهرة تلك المرة لا يمكن اختزالها في ترفيع العلاقات الدبلوماسية أو توسيع أفق العلاقات الاقتصادية ومذكرات التفاهم التي – بالطبع – شهدت انتعاشًا كبيرًا ولا يمكن اختزالها في الترويج السياحي للقاهرة التاريخية ولمصر بشكل عام من خلال تلك الزيارة وجذب مزيد من السياحة ولكنها كانت زيارة ودودة حملت العديد من الرسائل بتوليفة عربية غربية ، على رأسها ؛ تدويل القضية الفلسطينية بشكل أوسع وأقرب  لقلب المواطن الغربي ، الذي شاهد من خلال شخصية ماكرون مشاهد المصابين من الأشقاء الفلسطينيين واستمع إلى الويلات التي عانوا منها اثر الحرب الشعواء ودور مصر في استقبال المصابين والتي تحملت مسؤوليتهم دون أن تطلب من المجتمع الدولي أي مقابل سوى الحل العادل والشامل لحل تلك القضية ، ولكن من خلال زيارة ماكرون لمستشفى العريش وصلت الرسالة لملايين من البشر في المجتمع الدولي .

أمّا عن زيارة العريش وهبوط طائرة الرئيس الفرنسي في مطار العريش الدولي فهي رسالة في حد ذاتها ،تلك البقعة من أرض سيناء التي كان يسٌتهدف عليها كل طائرة تهبط من قبل الفصائل المسلحة وتم تطهيرها بدماء أبطال القوات المسلحة ، وتحقيق وعد السيد الرئيس بهبوط الطائرات في سيناء هو رسالة أخرى بأن مصر إذا أرادت ، فعلت وأنها هزمت الإرهاب عن بكرة أبيه ، بل لولا ذلك المطار الدولي  الذي كان خاربًا وخاليًا ، لما استطاعت المساعدات الاغاثية الوصول إلي غزة ولما استطاع أي مسؤول مشاهدة المشهد عن قرب ، فلنا أن نتخيل كيف أن يصل رئيس فرنسا إلى مواطن من غزة ؟ وجهًا لوجه ؟ وهو من المحال زيارة القطاع على الأقل على الصعيد الأمني.

أمّا الرسالة الثالثة وهي من داخل القاهرة ، فزيارة الرئيسين إلى خان الخليلي وهو من الأماكن الأثرية والتاريخية والتي يصعب تأمين تلك الأماكن نظرًا لضيق شوارعها ولكن التجول بين تلك الأماكن التاريخية وترحيب الأهالي وتصدير المشهد المصري الحقيقي الدافئ والذي يؤكد على وقوف الشعب خلف قيادته يدعمها ويساندها ويثق في قراراتها .

لم تكن الزيارة مصطنعة ولكن من وضع البرنامج  لتلك الزيارة أظهر مهنية الدبلوماسية المصرية التي تستطيع توظيف قوتها الناعمة في إظهار قوتها الحقيقية التي تكمن في قيادتها وقواتها المسلحة وشعبها ومواقفها السياسية التي تبعث رسائل بعلم الوصول لخصومها .