فاينانشيال تايمز: دول الخليج تستثمر في “الذكاء الاصطناعي” وتعتبر “البيانات” بمثابة النفط الجديد.

فينتك جيت: وكالات
حمل مقولة «البيانات هي النفط الجديد» دلالة خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يسعى قادة دول المنطقة إلى استثمار كثيف في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف تنويع الاقتصادات الخليجية، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الوقود الأحفوري، وقد عبّر وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، عن هذا التوجه مطلع العام الجاري بقوله: «سنصدّر البيانات بدلاً من النفط».
الذكاء الاصطناعي
ويبدو هذا الطموح منطقياً، إذ إن الذكاء الاصطناعي يتطلب ضخ كميات ضخمة من رؤوس الأموال، والمساحات، والطاقة — وهي موارد تزخر بها دول الخليج.
فعلى سبيل المثال: تستثمر أبوظبي، التي تدير أصولاً سيادية تقدر بنحو 1.7 تريليون دولار، في هذا القطاع عبر صندوق الذكاء الاصطناعي «إم جي إكس».
من جانبها، تحظى شركة «هيومين»، وهي شركة الذكاء الاصطناعي السعودية الجديدة المملوكة للدولة، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة، الذي تُقدّر قيمته بـ940 مليار دولار.
مراكز البيانات
وخلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة الشهر الماضي أسهم الصندوقان في عقد شراكات مع شركات تكنولوجيا أمريكية، نجحا من خلالها في تأمين الوصول إلى الرقائق المتقدمة والمهارات التقنية، مقابل ضخ أموال وتوفير منشآت لاستضافة مراكز البيانات.
والتوقيت ملائم أيضاً، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية بلوغ الطلب على النفط ذروته بنهاية العَقد الجاري، وإذا ما جرت الأمور على نحو جيد فمن شأن دخول الدول الخليجية عالم الذكاء الاصطناعي تعزيز الاستثمارات، وتحسين الإنتاجية، وتقليل أعباء التكلفة في قطاع الخدمات المدنية الكبير بالمنطقة.
وتشير تقديرات «ماكنزي» إلى استفادة اقتصادات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بـ 150 مليار دولار من اعتماد الذكاء الاصطناعي، لكن النجاح يواجه عدداً من التحديات، التي لا يمكن تجاهلها.
انخفاض أسعار النفط
ولدى الدول الخليجية سجل متفاوت في ما يتعلق بتحقيق أهداف تنويع الاقتصاد، كذلك فإنه في ظل الضغوط المتوقعة على المالية العامة نتيجة انخفاض أسعار النفط تزداد الحاجة الملحة إلى تركيز أكبر على استراتيجية الذكاء الاصطناعي بوصفها ركيزة للتحول الاقتصادي.
ورغم أن لدى المنطقة الموارد اللازمة للاستفادة من تنامي الطلب العالمي على قدرات معالجة البيانات فإن الاعتماد المفرط على استضافة مراكز بيانات الشركات الكبرى لا يعد مساراً مستداماً للنمو، فهذه المنشآت تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه.
ويمكن للمنطقة تحقيق المزيد من النمو المُستدام عبر الذكاء الاصطناعي عن طريق تشجيع اعتماد التكنولوجيا في صناعاتها الاستراتيجية.
ويشمل ذلك التصنيع، وإدارة الموانئ، والبنية التحتية للطاقة. وعلى سبيل المثال تستخدم أرامكو السعودية الذكاء الاصطناعي في تحديد حالات الانسداد والتسريب.
البنية التحتية للمدن الذكية
وتتمتع المراكز الحضرية في الإمارات، على وجه الخصوص، بوضع ملائم يؤهلها لتحقيق النمو من دمج الذكاء الاصطناعي، في ضوء تطبيقاته في مجالات التمويل، والبنية التحتية للمدن الذكية، ومن المنطقي أن تكون هذه من المجالات التي تركز عليها الإمارات في استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي لعام 2031.
وبالنسبة لتحدي الوصول إلى المهارات والمواهب اللازمة في هذا المجال تستطيع الإمارات حالياً، وعلى وجه الخصوص، اجتذاب خبراء التكنولوجيا الموهوبين من الخارج، من خلال تقديم رواتب عالية وضرائب منخفضة.
ومع ذلك، ومن أجل تطوير نظام بيئي مرن، ويتسم بالاكتفاء الذاتي، ستحتاج المنطقة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في تنمية المهارات التكنولوجية والشركات الناشئة في الداخل، من خلال معاهد تكنولوجية وجامعاتها.
كما يُعد تحسين التدريب والتعليم بصورة أعم مسألة ضرورية؛ للتخفيف من آثار فقدان الوظائف الناجم عن التكنولوجيا.
وأخيراً، تحتاج الدول الخليجية إلى تطوير إطار عمل تنظيمي قوي للذكاء الاصطناعي، وهكذا قد تكون البيانات بالفعل هي النفط الجديد، لكن دفع عجلة النمو الاقتصادي على المدى الطويل باستخدام الذكاء الاصطناعي لن يكون بسهولة بناء منصات الحفر ومد خطوط الأنابيب.
اقرا ايضا: