الشمس ستتوسط الكعبة المشرفة غدًا في حدث فلكي خاص.

تشهد سماء مكة المكرمة غدًا الثلاثاء واحدة من أجمل وأدق الظواهر الفلكية المتكررة سنويًا وهي ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة حيث تصبح الشمس في موقع شبه عمودي فوق الكعبة فتصل أشعتها مباشرة إلى سطحها دون أن تلقي الأجسام العمودية أي ظل في مشهد فلكي فريد يعبر عن دقة النظام الكوني.
وكشفت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أن موعد التعامد الأول في عام 2025 سيكون يوم الثلاثاء 27 مايو عند الساعة 12:18 ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة متزامنًا مع أذان الظهر في المسجد الحرام حيث تبلغ الشمس في تلك اللحظة زاوية ارتفاع قدرها 89.56 درجة فوق الأفق.
وفي اليوم التالي الأربعاء 28 مايو يتكرر المشهد في التوقيت ذاته تقريبًا بزاوية ارتفاع تبلغ 89.54 درجة بفارق طفيف للغاية عن اليوم السابق وهذا يعني أن يوم الثلاثاء هو الأقرب للحظة التعامد المثالي في تأكيد على دقة الحسابات الفلكية وقدرتها على التنبؤ بهذه الظواهر بدقة متناهية.
علميًا يشير التعامد إلى سقوط أشعة الشمس بشكل عمودي تمامًا على نقطة معينة من سطح الأرض بحيث لا تُلقي الأجسام القائمة أي ظل في تلك اللحظة وبالنسبة لموقع الكعبة المشرفة فإن هذا التعامد يحدث مرتين سنويًا في نهاية مايو ومنتصف يوليو وذلك عندما تمر الشمس بشكل مباشر فوق خط عرض مكة (21.4° شمالًا) أثناء حركتها الظاهرية بين مداري السرطان والجدي.
تعود هذه الظاهرة إلى ميل محور دوران الأرض بمقدار 23.5 درجة مما يؤدي إلى حركة الشمس الظاهرية شمالًا وجنوبًا على مدار العام. فبعد الاعتدال الربيعي تتحرك الشمس شمالًا حتى تتقاطع مع خط عرض مكة في أواخر مايو ثم بعد الانقلاب الصيفي تبدأ في العودة جنوبًا وتتقاطع معه مرة أخرى في يوليو.
تكمن الأهمية الفلكية لهذه الظاهرة في أنها تتيح تحديد اتجاه القبلة بدقة عالية جدًا في أي مكان في العالم، دون الحاجة إلى أدوات حديثة، فكل ما على الشخص فعله هو رصد موقع الشمس في السماء لحظة التعامد فالجهة التي تقع فيها الشمس تشير مباشرة إلى اتجاه مكة المكرمة.
وقد اعتمد المسلمون هذه الطريقة التقليدية منذ قرون قبل اختراع البوصلة وهي لا تزال دقيقة وموثوقة حتى اليوم.
تمثل ظاهرة التعامد ايضًا فرصة نادرة لدراسة ظاهرة الانكسار الجوي وتأثير طبقات الغلاف الجوي على موقع الشمس الظاهري في السماء عند اقترابها من السمت (النقطة الرأسية فوق الرأس مباشرة).
عند لحظة التعامد يختفي ظل أي جسم عمودي بشكل كلي تقريبًا في ساحة الحرم، وهو ليس وهمًا بصريًا بل نتيجة مباشرة لوصول ضوء الشمس بزاوية عمودية على الأرض.
يمكن للزوار في مكة المكرمة خلال لحظة التعامد رؤية اختفاء الظلال لأجسام مثل الأعمدة أو أي أدوات مستقيمة قائمة مما يجعل من الحدث مشهدًا بصريًا رائعًا يجمع بين الجمال الطبيعي والدقة العلمية.
تعد ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة من أجمل الظواهر الفلكية التي تجسّد روعة النظام الشمسي ودقة الحسابات الفلكية وهي تمثل فرصة ثمينة للعلماء والهواة والمسلمين حول العالم لرؤية مشهد مميز، وتحديد القبلة بأعلى دقة ممكنة والتأمل في انتظام هذا الكون العظيم.