هل جاءت الكأس في وقتها؟

ما بين شك ويقين تَحلَّق أعضاء العائلة الودادية بكأس العالم للأندية التي حضرت إلى الدار البيضاء، إلى معقل الوداد، لتقدم نفسها تحفة فنية رائعة، وكأسا ملهمة تغري بكتابة ملحمة كروية جديدة.

أما اليقين، فهو أن حظوة الوداد المتوج بطلا لأبطال إفريقيا مرتين (2017و2022)، ليكون أول سفير لكرة القدم في هذه النسخة المحينة من الموندياليتو، على غرار ما حدث قبل ربع قرن من الزمان، عندما حظي الرجاء الرياضي بالتواجد في أول نسخة للموندياليتو بشكلها السابق التي انطلقت من البرازيل، هذه الحظوة هي تكريس لمرجعية الوداد، لعراقته وأيضا لضلوعه في كتابة فترات من تاريخ كرة القدم المغربية الممتد لعقود من الزمن.

وأما الشك، فمصدره حالة الوجع التي أصابت الوداد هذا الموسم، فجعلت من المولد القيصري للجيل الجديد لوداد الأمة مولدا عسيرا، لا يكاد شكله يتضح، وقد كان كل من أخذوا لهم صورا للتاريخ مع الكأس الفسيفسائية، التي نقش على جوانبها إسم الوداد مع الأندية المشاركة في النسخة الجديدة التي سنعيش فصولها الصيف القادم بالولايات المتحدة الأمريكية، بين سعيد بأن تخلد هذه الكأس بذاكرته، وبين متوجس وقلق من أن تكون الوداد قد وصلت لتنافس على هذه الكأس مع نخبة من ألمع أندية العالم، وهي متعبة ومرهقة، بل وغير مكتملة التكوين.

قال هشام آيت منا وقد تقدم ليكون رئيسا للوداد وأمينا على أحلام وتاريخ فريق الأمة الصيف الماضي خلفا لسعيد الناصري، أن كأس العالم هي هدف هذا المخطط الثوري الذي خضع له الوداد بشكل لا إرادي، وقد طوى الفريق الجيل الذي أهداه البطولات وأكمل دورته الزمنية، ولعله كان متفائلا بعض الشيء، لأن عملية التشكل والتكوين أخذت وقتا طويلا، بل إنها صادفت العديد من التعرجات والأعطاب والموانع، التي حالت دون أن يكون الوداد بمدربه الجديد وبلاعبيه الجدد، قد أكمل ملامح الشخصية الجديدة، روحا وحياة وأسلوب لعب أيضا، لذلك سيكون من الغلو أن ننتظر من الوداد حضورا قويا ومؤثرا في مجموعة مرعبة وممتعة في الآن نفسه، تضم إلى جانبه بطليين أوروبيين (يوفنتوس ومانشستر سيتي) وبطل أسيوي (العين الإماراتي).

على ملامح من التقيتهم في واحدة من الفعاليات التي نظمها الوداد عند استقباله للكأس الجميلة، إرتسمت عديد المشاعر، وأغلبها تمنى لو بكر هذا الموندياليتو بنسخته الجديدة، فصادف الجيل الرائع الذي أهدى الوداد لقبه الإفريقي الثالث مع وليد الركراكي سنة 2022، أو لو تأخر لسنة على الأقل إلى حين اكتمال البناء وانتفاء أعراض الترنح التي تظهر عليه في موسمه هذا الذي ودعه على إيقاع الأصفار، ولا يتبقى سوى خيط واهن يربط الفريق بمرتبة الوصافة التي تتيح له العودة لمسابقة عصبة الأبطال الإفريقية.

أيا كان الأمر، فإن الموندياليتو أشبه بالصخرة التي تقف أمام فريق الوداد، ما يحتاجه هو كثير من الجرأة والشجاعة والطموح أيضا، لكي يحرك الصخرة قليلا عن مكانها، فتترك ضوء التاريخ والخلود يعبر مجددا إلى فضاء الوداد فيعطينا الإنتعاشة وبهجة الحياة.  

نقلًا عن جريدة المنتخب المغربية