تناقض عجيب.. جاريث بيل يعيش الحلم مرتين

تناقض عجيب.. جاريث بيل يعيش الحلم مرتين

في أمسية ربيعية من عام 2014، وعلى أرضية ملعب مستايا بمدينة فالنسيا، وقف ريال مدريد وجها لوجه أمام غريمه التقليدي برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا.

كانت النتيجة تشير إلى التعادل 1-1 حتى الدقيقة 85، عندما انفجر جاريث بيل نجم ريال مدريد، في لحظة ساحرة حفرت اسمه في تاريخ النهائيات.

وقتها، استلم الويلزي الكرة بالقرب من خط المنتصف، وانطلق بسرعة خارقة على الجهة اليسرى، وحاول مارك بارترا مدافع برشلونة، دفعه خارج حدود الملعب، ونجح للحظات، لكن بيل لم يفقد توازنه.

وأكمل جاريث بيل العدو من خارج الخط، ليعود إلى الملعب كإعصار لا يمكن إيقافه، لينفرد بالحارس بينتو، ويسدد الكرة بلمسة خفيفة بين قدميه إلى الشباك، مانحًا الميرينجي هدف حسم اللقب.

تلك اللقطة، التي قطع خلالها بيل قرابة 60 مترا في ثوانٍ معدودة، بمتوسط سرعة مذهل، جعلته يحصد لقب “جاريث بولت” تشبيها بالعداء الأسطوري أوسين بولت.

لم يكن هدفا جميلا فقط، بل كان رمزا للعزيمة والانتصار في لحظة فارقة، حيث وصفه زملاؤه بأنه هدف لا ينسى، ومدربه كارلو أنشيلوتي اعتبره أهم أهداف بيل مع الملكي.

تلك الليلة لم تكن مجرد انتصار، بل كانت إعلانًا بأن بيل قد وصل ليكتب فصله الخاص في كتاب أساطير ريال مدريد.

أين هو الآن؟

ابتعد بيل عن صخب النهائيات وصيحات الجماهير، حيث يجلس على أريكته الوثيرة، يشاهد المباريات عبر شاشته، وربما أنهى قبل ذلك جولة جولف هادئة في أحد ملاعبه المفضلة.

ولم يكن الجولف، بالنسبة لبيل، مجرد هواية عابرة بل كان عشقه الدائم، لطالما تحدث بحماس عن شغفه بهذه الرياضة، حتى بنى في حديقة منزله ملعب جولف صغير يحاكي 3 من أشهر حفر الجولف في العالم.

كل حفرة كانت بمثابة تحفة مصغرة من ملاعب أسطورية مثل تي بي سي سوجراس وأوجستا الوطني.

حين كان لاعبًا في مدريد، أطلق عليه زملاؤه لقب “لاعب الجولف” لكثرة حديثه عن اللعبة. حتى أن صورة شهيرة التقطت له مع زملائه في منتخب ويلز وهو يحمل علماً كُتب عليه: “ويلز. جولف. مدريد. بهذا الترتيب”، في إشارة فكاهية إلى أولوياته.

ومارس بيل الجولف بشغف لا يخفيه، وشارك بعد اعتزاله في بطولات للهواة إلى جانب محترفين، واستطاع أن يحقق مستوى متقدمًا يُحسد عليه، لكنه مع ذلك أصر أنه لا ينوي أن يصبح لاعب جولف محترف.

وكان يؤكد دائمًا أن كرة القدم كانت عمله ومسيرته، أما الجولف فهو عشقه للمتعة لا أكثر.

ما يثير الإعجاب في قصة بيل هو هذا التناقض الجميل: اللاعب الذي عرفه العالم كرمح بشري يخترق دفاعات الخصوم بسرعة البرق، هو نفسه الذي يجد سعادته في الهدوء، في مراقبة الكرة وهي ترتطم بالعشب على أرض الجولف.

124-014722-gareth-bale-golf-photo-pose_700x400

في الملعب، كان بيل يجسد العاصفة: سرعة، شراسة، حماس لا يهدأ. أما على ملاعب الجولف، فهو يجسد الصفاء: تركيز هادئ، ضربات محسوبة، ومتعة خالصة خالية من صخب المدرجات.

هكذا، عاش جاريث بيل الحلم مرتين: مرة حين ركض منفردا نحو المجد في نهائي كأس الملك، ومرة حين أدار ظهره للأضواء واختار ملاعب الجولف ليجد فيها سعادته الحقيقية.