نونو الهلال

نونو الهلال

بعد سنوات طويلة من الغياب عن واجهة كرة القدم الأوروبية، عاد نوتنغهام فورست في الموسم الحالي للمنافسة على المراكز المتقدمة في الدوري الإنجليزي والبحث عن مقعد في البطولات القارية التي صال وجال فيها، قبل أن يُحرز كأس أبطال أوروبا في عامي 1979 و1980، في إنجاز تاريخي جعل هذا النادي يدخل قائمة كبار أوروبا، إلى جانب أندية لا يمكن للتاريخ تجاوزها حتى إن غابت عن المشهد.

لم يكن نوتنغهام فورست بحاجة إلى تشكيلة تضم أهم نجوم كرة القدم العالمية حتى يعود إلى الواجهة، بقدر حاجته إلى مدير فني يستطيع الاستفادة من الموارد المتاحة في بناء فريق يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً، ويبدو أن النادي الإنجليزي وجد في المدرب البرتغالي نونو سانتو ما يبحث عنه، حين تعاقد معه لإنقاذ الفريق من الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية، ويُحسب للمدرب سانتو أنه قاد نوتنغهام إلى المركز السابع عشر، وحافظ على بقائه في الدوري الممتاز، غير أن هذا البرتغالي أبهر متابعي البطولة الإنجليزية منذ بداية الموسم الحالي بنتائجه اللافتة، وقدرته على تجاوز أهم المدربين من أمثال بيب غوارديولا.

وللمرة الثالثة برهن نونو سانتو أنه خير مَن يُنفذ خطط إعادة التأهيل للفرق التي تعاني من التراجع بفعل نقص الموارد والافتقار إلى النجوم، إذ نجح سابقاً في إعادة الثقة إلى وولفرهامبتون باحتلال المركز السابع، ومنحه دفعة قوية نحو منافسة الأقوياء بإمكانات محدودة، كما نجح في ترميم فريق الاتحاد المتهالك «قبل وصوله»، وتمكّن من إعادة تأهيله، ثم قيادته للفوز ببطولة الدوري السعودي للمرة الأولى منذ 2009، ويُحسب للمدرب سانتو أنه تصرَّف وفق الإمكانات المتاحة، واستعان بلاعبين لم يصدق بعضهم أن فريقه أصبح بطلاً للسعودية!

طريقة نونو سانتو لم تتغير يوماً، ونهجه في الاعتماد على الموارد المتاحة لا يمكن أن يتبدل، حتى بات مثالاً للمدرب الزاهد في الصفقات الكبرى بسبب عدم إيمانه بقدرة نجوم الصف الأول على تقديم كل ما لديهم، قياساً على اللاعبين الشبان المتعطشين للفوز وتحقيق الإنجازات، وتثبت تجربته مع الاتحاد في موسمه الأخير أنه لا يُرحب بنجوم الصف الأول، ولا يعتمد على سمعتهم حتى لو كان من بينهم كريم بنزيمة، أفضل لاعب في العالم!

وبعد رحيله عن السعودية بنحو عام ونصف العام، عاد اسم نونو سانتو للتداول في وسائل الإعلام على أنه المرشح الأول لخلافة البرتغالي خورخي خيسوس في تدريب الهلال، ومع أن مسؤولي نوتنغهام نجحوا في اتخاذ قرار التعاقد مع سانتو وفقاً لحاجة الفريق الفعلية، فإن نظراءهم في النادي السعودي سيرتكبون واحداً من أكبر الأخطاء في حال صدقت الأنباء التي تحدثت عن رغبتهم في التعاقد مع نونو سانتو، لاعتبار أن الهلال ليس بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل للاستعانة بمدرب مختص في هذه المشروعات، ولا سانتو يستطيع التخلّي عن نهجه الذي تسبب في إبعاده عن توتنهام هوتسبير بعدما عجز عن التعامل مع هاري كين ورفاقه خلال موسم كارثي للفريق اللندني.

يبقى أن نجاح المدرب في أي مكان في العالم مرهون بمدى حاجة النادي إلى القدرات التي يمتلكها، وتميزه عن غيره من المدربين، إذ لا يمكن للهلال أن يتأقلم مع خطط نونو سانتو الدفاعية، وغالباً سيواجه مصيراً مشابهاً للنصر المتخبط بفعل عدم الانسجام مع طريقة الإيطالي ستيفانو بيولي، أو الاتحاد المترنح الذي يعاني بصمت من فلسفة مدربه الفرنسي لوران بلان، وكثيراً ما انتهت علاقة بعض الأندية بمدربين مهمين بسبب أن مسؤولي النادي اختاروا إبرام صفقة إعلامية وليست فنية، قبل أن يكتشفوا لاحقاً أن المدربين يختلفون باختلاف الحاجة لخدماتهم، وأن اختيار المدرب المناسب في أحيان كثيرة يفوق في أهميته التعاقد مع أهم لاعبي العالم.

نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط