ماذا عن الخطة التي لم تُنفذ؟ ريال مدريد يترنح في فترة الحسم

تجرع ريال مدريد مرارة الخسارة الثانية على التوالي التي تضعه على المحك، وتنذر بنهاية لا يتمناها جمهور الميرينجي للموسم.
وسقط صاحب المقام الرفيع في دوري الأبطال، 15 لقبا، بقسوة على يد آرسنال 0-3 في ذهاب ربع النهائي، لتتعقد حظوظه في الدفاع عن لقبه، كما أنه أصبح على بُعد 4 نقاط من غريمه التقليدي، برشلونة، متصدر الليجا، بعد خسارته أمام فالنسيا منذ أيام في عقر داره (1-2).
وتسبب الأداء الباهت الذي ظهر به الملكي أمام آرسنال في تساؤلات عديدة بين الجميع، مع جانب خططي من الإيطالي كارلو أنشيلوتي، لم يجد الاستجابة من اللاعبين في مباراة بهذا الحجم.
خطة لم تُنفذ
يواجه أنشيلوتي أحد أسوأ الهزائم له منذ جلوسه على مقعد المدير الفني للفريق الملكي، من خلال أداء ونتائج تجعل الشك يتسرب لتفكير الإيطالي المخضرم حول مدى فاعلية نظامه الخططي.
واعتمد الريال على طريقة 4-3-3، مع لاعب ثالث في خط الوسط بمهام هجومية أكبر مثل الإنجليزي الدولي جود بيلينجهام، تتحول إلى 4-4-2 في الحالة الدفاعية مع مساعدة أقل من الجناحين، كشكل للفريق لا يمكن المساس به.
ورغم أن الريال مع أنشيلوتي هذا الموسم تلقى خسارتين قاسيتين على يد غريمه التقليدي، برشلونة، (0-4) في كلاسيكو الدور الأول لليجا، ثم (2-5) في نهائي كأس السوبر الإسباني في السعودية، إلا أن هذا لم يدفع المدرب للتفكير في خيار تدعيم خط الوسط.
EPA
فضلا عن ذلك، الإصابات العديدة التي ضربت صفوف الفريق وتسببت فيس غياب لاعبين مهمين في هذا المركز مثل داني ثيبايوس، بالإضافة لاعتزال النجم الألماني توني كروس.
ويبدو أن كل هذه العوامل أظهرت بطل أوروبا في صورة ضعيفة للغاية، استغلها لاعبو آرسنال وأحكموا قبضتهم على المباراة، وهو لاأمر الذي ظهر جليا في إحصائيات المباراة، أو في النتيجة الكبيرة التي انتهت بها (3-0) على حد سواء.
ولاشك أيضا أن استراتيجية الدفاع المتأخر التي فضل أنشيلوتي الاعتماد عليها، أفسحت الطريق أمام نظام لعب محكم من كتيبة الإسباني ميكيل أرتيتا، وأظهرت كل “عورات” الكتيبة المدريدية، سواء من الفضل في تطبيق الضغط الجماعي (9 كرات فقط تم قطعها في ملعب المنافس، مقابل 22 لآرسنال)، بالإضافة لأخطاء فادحة في الجوانب الدفاعية الفردية للاعبين، وغياب الدعم من الأجنحة، كشف الظهيرين الأيمن والأيسر فيدي فالفيردي وديفيد ألابا على الترتيب.
ريال مدريد متقزم
خاطر فيدي فالفيردي بحالته البدنية مرة أخرى، نظرا لأهميته، ولعب رغم معاناته من إصابة في مباراة فالنسيا في موسم تعرض فيه لأكثر من إصابة بسبب احتياجات الفريق بعد غياب داني كارباخال.
وكان أنطونيو روديجر في حالة أسوأ، حيث كانت تتوسل إليه ركبته اليسرى للتوقف، لكن الوضع أمام أنشيلوتي في قلب الدفاع -دون إيدر ميليتاو طوال الموسم بسبب إصابة في الركبة، مع عدم وجود ألابا في أفضل حالاته منذ تعافيه من إصابته، كما أظهر في مباراة الكأس أمام ريال سوسيداد، واللعب بالاعتماد على أسينسيو، الذي لم يكن جزءا من الفريق الأول حتى نوفمبر/تشرين ثان- أدى إلى رؤية المدافع الألماني بضمادة واضحة.
ولم يتمكن ريال مدريد من إيقاف آرسنال، خاصة في الشوط الثاني، عندما تزايد ضعف دفاعه، لكنه قاوم في ظل تصدي تيبو كورتوا، الذي لعب أيضا بعد تعافيه من إصابة عضلية وكان اللاعب الأفضل على الرغم من أنه لم يكن في كامل لياقته، لخمس تمريرات حاسمة.
كان من الممكن أن تكون الكارثة أكبر بسبب عدم الاتساق الدفاعي في صفوف الملكي، وفي ضوء 11 تسديدة من آرسنال تعزز رقم فريق أنشيلوتي في تلقي أكبر عدد من التسديدات في دوري أبطال أوروبا برصيد 79 تسديدة، ما يظهر تناقضا صارخا في المستوى مع استقبال فريق أرتيتا إجمالي 29 تسديدة فقط.
الأخطاء الفردية
في غياب خطة جماعية واللعب الجماعي، أنقذت المهارات الفردية حظوظ ريال مدريد في العديد من المباريات هذا الموسم. وفي ظل التزام أقل، يظهر في قطع مسافة 101.2 كيلومتر، على الرغم من انتظارهم معظم المباراة في نصف ملعبهم ودون استغلال سرعة الهجمات المرتدة التي يقوم بها ثلاثيهم، وفي المقابل، قطع مسافة 113.9 كيلومتر من جانب لاعبي آرسنال، فشلت جودة نجوم مدريد أيضا في الظهور وإنقاذ الموقف.
ومن المعروف أن الأخطاء الفردية تميز المباريات الكبيرة، وقد ارتكب ريال مدريد سلسلة من السقطات، منها، فرص كيليان مبابي في تسجيل الهدف الأول بتسديدة حرة انتهت بتمريرة سهلة لديفيد رايا، وخطأ ألابا الذي كان من الممكن تجنبه بالقرب من منطقة الجزاء، والذي تسبب في الهدف الأول لآرسنال، والتمركز السيئ لكورتوا عند المرمى، رغم أنه كان من المفترض أن يضع لاعب أو لاعبين إضافيين لجعل الأمر صعبا على رايس في التسديد.
EPA
على المستوى الفردي، هناك انخفاض في أداء لاعبين كانا أساسيين في انتصارات ريال مدريد الأخيرة في دوري أبطال أوروبا، وهما البرازيليان فينيسيوس ورودريجو، وكان الأول اللاعب الذي فقد أكبر عدد من الكرات في المباراة (16) ونفذ بالكاد 4 مراوغات دون أن ينجح في أي منها، كما لم تظهر مهارة الثاني في المباراة، واحتاج أنشيلوتي إلى 85 دقيقة ليستبدله بإبراهيم دياز.
يشار إلى أن رودريجو قد سجل هدفا واحدا في 17 مباراة منذ بداية فبراير/شباط الماضي، وهي أرقام ضعيفة لمهاجم لا يُضاهى بالنسبة لأنشيلوتي رغم أنه يعاني من تراجع في المستوى التهديفي، وهو جانب يعاني منه ريال مدريد كثيرا في الفترة الأخيرة.
ولم تظهر مهارات لاعبين مهمين مثل إبراهيم دياز، وهو الوحيد الذي أعطاه “كارليتو” مزيدا من الاستمرارية، أو أردا جولر أو إندريك، في اللحظات الحاسمة بالمواجهة.
ورغم انهيار فريقه، أجرى المدرب الإيطالي 3 تبديلات فقط، في الدقائق 71، و79، و85، ولم يكن أي منها هجوميا، وجانبه الصواب في إظهار أي رد فعل من جانب الفريق الذي لم ينافس بالمستوى المطلوب خلال الشوط الثاني.