خريف جوارديولا: هل ستساهم بطولة الأندية في محو أحزان الفيلسوف؟

عاش بيب جوارديولا موسمًا استثنائيًا مخيبا مع مانشستر سيتي الذي فقد بريقه المعتاد في 2024-2025. المدرب الذي اعتادت الجماهير رؤيته يبتكر ويهيمن، بدا في لحظة ما وكأنه فقد البوصلة، وواجه موسمًا يمكن وصفه بـ”الخريف الكروي”، بعد سنوات من السيطرة شبه المطلقة على الكرة الإنجليزية.
افتتح السيتي موسمه بآمال كبيرة في تكرار إنجازات الثلاثية، لكن الواقع كان مغايرًا. افتقد الفريق مبكرًا خدمات لاعبه الأهم في خط الوسط، رودري، بسبب إصابة طويلة. ومع غياب الإسباني، اهتز البناء التكتيكي الذي كان يعتمد عليه جوارديولا في الاستحواذ والتحكم بإيقاع اللعب. والبدائل، مثل كوفاسيتش، لم تقدم الأداء المطلوب، ففقد الفريق توازنه وأصبح أكثر عرضة للضغط والاختراق.
توالت الإخفاقات، ومر الفريق بأسوأ سلسلة نتائج في عهد المدرب الإسباني، تضمنت خسائر متتالية في الدوري ودوري الأبطال وكأس الرابطة. ظهر السيتي وكأنه فقد هويته، وبدا أن جوارديولا قد استُنزف ذهنيًا وتكتيكيًا. حتى قلب الهجوم إيرلينج هالاند، بدا معزولًا وسط قلة الفرص، خاصة بعد التخلي عن جوليان ألفاريز دون إيجاد بديل.
تبدل القناعات وضغط الواقع
جوارديولا الذي اشتهر بمرونته وذكائه التكتيكي، بدا هذا الموسم مترددًا في إجراء تغييرات جذرية. تمسك لفترات بأسلوب لعب لم يعد فعالًا في ظل الإصابات وتراجع المستوى. تأخر في تجربة حلول بديلة، رغم امتلاكه أسماء مثل جون ستونز وأكانجي الذين كان يمكنهم شغل مركز محور الوسط لتعويض رودري.
لكن مع دخول يناير/كانون الثاني، بدأت ملامح مراجعة ذاتية تظهر على جوارديولا. أدرك أن موسم السيتي ينهار، فبدأ في ضخ دماء جديدة وتجربة عناصر شابة، كما عاد لتدوير لاعبيه بمرونة أكبر. ومع ذلك، كانت النتيجة النهائية صادمة: موسم صفري بدون أي لقب، في سابقة لم تحدث منذ أعوام.
المونديال.. اختبار أخير أم فرصة جديدة؟
وسط هذا الظرف الصعب، يظهر في الأفق تحدٍّ جديد: كأس العالم للأندية 2025. البطولة، التي تُقام لأول مرة بنظامها الموسع، قد تمثل طوق نجاة لجوارديولا لاستعادة الهيبة وتضميد الجراح. الفريق وقع في مجموعة تضم الوداد المغربي، والعين الإماراتي، ويوفنتوس، ما يجعله مرشحًا قويًا للتأهل، لكنه يعلم أن أي إخفاق جديد قد يفتح الباب لانتقادات أوسع.
ما يزيد من صعوبة التحدي أن البطولة تقام مباشرة بعد موسم طويل ومرهق، دون فترة كافية للراحة أو التحضير. هذا التلاحم الزمني يفرض على جوارديولا التعامل مع المونديال كامتداد للموسم السابق، وهو ما قد يحمل فرصًا للتصحيح، أو خطرًا باستمرار النزيف.
تفهمت إدارة السيتي حاجة الفريق لتجديد الدماء، فدعمت المدرب بثلاث صفقات رئيسية:
ريان أيت نوري، الظهير الأيسر الجزائري جاء من وولفرهامبتون ليعالج ضعف الجبهة اليسرى، ويمنح الفريق جهودًا هجومية مفقودة منذ فترة.
وسيكون تيجياني رايندرز، لاعب الوسط الهولندي صاحب الأداء الديناميكي والقدرة على نقل الكرة وصناعة اللعب، أحد أهم التعزيزات لتعويض رحيل كيفن دي بروين والمحدودية التي ظهرت بغياب رودري.
أما ريان شرقي، الموهبة الفرنسية الشابة ذات القدرات الفردية العالية، تُعَدّ خيارًا مثاليًا لتعزيز الإبداع في الثلث الأخير، ومنافسًا مباشرًا على مراكز الجناح أو صانع الألعاب.
بيب جوارديولا مدربٌ استثنائي، لا شك في ذلك، لكن الموسم 2024-2025 فرض عليه تحديًا لم يعتده. أزمة نتائج، قلة حلول، ونقد مستمر. كأس العالم للأندية قد تكون لحظة الخلاص، أو محطة تثبت أن العبقري بحاجة إلى إعادة اختراع نفسه.