فهم حب الوطن في الإسلام

في حلقة خاصة من برنامج (صباح الخير يا مصر) استضاف البرنامج الشيخ إبراهيم حلس مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر للحديث عن مفهوم حب الوطن في الإسلام وأهمية الحفاظ على استقراره.
أكد الشيخ إبراهيم حلس أن الشريعة الإسلامية تقوم على مقاصد عظيمة تهدف إلى تحقيق مصالح الناس، حيث حدد العلماء خمسة مقاصد رئيسية هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسب، وحفظ المال.
وأشار إلى أن هذه المقاصد الشرعية لا يمكن أن تتحقق بالشكل الأمثل إلا في ظل وطن آمن ومستقر، مؤكداً أن حب الوطن والإخلاص له من صميم الإيمان، واستدل على ذلك بقوله تعالى: “الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ” (سورة قريش: 4)، موضحاً أن نعمتي الأمن والاستقرار تمثلان الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات وتنميتها.
وشدد على أن هذه المقاصد الشرعية تتكامل فيما بينها، حيث أن حفظ الدين يعزز الأمن الفكري، وحفظ العقل يضمن سلامة التفكير، وحفظ المال والنفس يوفر مقومات الحياة الكريمة، وجميعها تتحقق في إطار الوطن الآمن الذي يحفظ حقوق أبنائه ويصون كرامتهم.
وعن مشاركة الاخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، استدل فضيلته بالحديث النبوي الشريف: “كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ” (رواه مسلم)، مؤكداً أن هذا الحديث يضع ضوابط أخلاقية لاستخدام وسائل التواصل الحديثة، حيث يحذر من تداول الأخبار دون تحقق أو تبين، لما في ذلك من مخاطر على أمن المجتمع واستقراره.
وحذّر من مخاطر التطرف الفكري بجميع أشكاله، سواء أكان تشدداً في الدين أم إفراطاً في التساهل، مستنداً في ذلك إلى سيرة الخوارج الذين ضلّوا طريق الوسطية والاعتدال، مستذكراً تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو في الدين بقوله: “إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”.
كما استشهد بقوله تعالى: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ” (البقرة: 143)، موضحاً أن الوسطية الإسلامية تمثل منهجاً متوازناً يجنب الأمة مغبة التطرف والغلو من جهة، والتفريط والإهمال من جهة أخرى، وأكد أن هذه الوسطية تشكل ضمانة لحماية الوطن من الأفكار المتطرفة التي تهدد نسيجه الاجتماعي.
وأكد أهمية التمسك بالمنهج العلمي الرصين في فهم النصوص الشرعية، داعياً إلى الرجوع إلى علماء الأمة الذين يجمعون بين العلم الشرعي والحكمة العملية، مشيراً بخصوصية إلى دور الأزهر الشريف العريق كمؤسسة علمية رائدة تحرس الاعتدال وتصون الوسطية، وتقدم الفهم الصحيح للإسلام القائم على السماحة والاعتدال والانفتاح على الحياة دون تفريط أو إفراط.
وذكر أن هذه المرجعيات العلمية الموثوقة تمثل الدرع الواقي للأمة من الانحرافات الفكرية، والحصن الحصين الذي يحمي الشباب من الوقوع في براثن التطرف أو الانزلاق نحو الإفراط، مؤكداً أن الفهم المتزن للدين هو الضمانة الأكيدة لبناء مجتمع متماسك يحقق الأمن والاستقرار.
وفي ختام اللقاء دعا الشيخ إلى التربية السليمة والوعي بدور الفرد في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، مؤكدًا أن الإسلام يحث على التعاون والبناء وليس الهدم.
يذاع برنامج ( صباح الخير يا مصر ) يومياً على شاشة قناة مصر الأولى في تمام الساعة السابعة صباحًا.
لمتابعة البث المباشر للقناة الأولى المصرية..اضغط هنا