في اليوم العالمي للاجئين.. السعي نحو أمل جديد خارج الوطن

تكريما للباحثين عن احتياجاتهم الأساسية والساعين للعيش بكرامة ومحاولة تحقيق بعض أحلامهم المشروعة.. وللاعتراف بعزيمة وقوة اللاجئين والنازحين.. يحتفل العالم سنويا في 20 يونيو من كل عام باليوم العالمي للاجئين.
يستهدف هذا اليوم تسليط الضوء على حقوق واحتياجات وأحلام أولئك الذين أجبروا على الفرار من بلادهم هربا من الصراعات أو الاضطهاد وكذلك حشد الجهود لإعانتهم وحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم.
تبرز أهمية الاحتفال باليوم العالمي للاجئين في ظل تزايد الأزمات العالمية وارتفاع أعداد اللاجئين حول العالم.. في محاولة لإيجاد الحلول لمحنتهم وإنهاء الصراعات حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بأمان، وضمان حصولهم على الفرص للازدهار في المجتمعات التي رحبت بهم، وتزويد البلدان بالموارد التي تحتاجها لإدماج اللاجئين ودعمهم.
ﻛﻤﺎ أن ذﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ الطريقة المثلى ﻹﻋﺪادﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ دﻳﺎرﻫﻢ وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ يتسنى ﻟﻬﻢ ذﻟﻚ ﺑﺄﻣﺎن وﻃﻮاﻋﻴﺔ، أو النجاح في حياتهم إن أﻋﻴﺪ ﺗﻮﻃﻴﻨﻬﻢ في ﺑﻠﺪان أﺧﺮى.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن إدماج اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ وﺟﺪوا ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻣﺎن، ﺑﻌﺪ اﺿﻄﺮارﻫﻢ ﻟﻠﻔﺮار ﻣﻦ اﻟﺼﺮاعات واﻻﺿﻄﻬﺎد، يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻋﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﻌﺎﻫﻢ ﻹﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، وﻟﺘﻤﻜﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
– بداية الاحتفال
أُقيم أول احتفال بهذا اليوم على مستوى العالم لأول مرة في 20 يونيو عام 2001، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئ.
وكان ذلك اليوم يعرف بيوم اللاجئ الأفريقي قبل أن تخصصه الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا باعتباره يوما عالميا للاجئين حول العالم وذلك في ديسمبر عام 2000.
ويتميز يوم اللاجئ العالمي في كل عام بتنظيم مجموعة متنوعة من الأنشطة في العديد من البلدان وفي جميع أنحاء العالم بهدف دعم اللاجئين، ويقود هذه الأنشطة أو يشارك فيها اللاجئون أنفسهم، إضافة إلى المسؤولين الحكوميين والمجتمعات المضيفة والشركات والمشاهير وأطفال المدارس وعامة الناس.
– تعريف اللاجئ
وفقا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين، يعرف اللاجئ على أنه كل شخص يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك.
وهناك ملايين الأشخاص عديمي الجنسية، الذين حرموا منها ومن الوصول إلى الحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والتوظيف وحرية التنقل.
ويتم الخلط عادة بين مصطلح “اللاجئين” و”النازحين” فمصطلح اللاجئين ينصرف إلى الذين هجروا بلدهم إلى بلد آخر، أما المقصود بالنازحين فهؤلاء هم الذين انتقلوا داخليا في بلدهم من منطقة لأخرى.
– المفوضية العليا للاجئين
قدمت المفوضية العليا للاجئين الحماية والمساعدة لعشرات الملايين من اللاجئين وعملت على حشد الدعم للمحافظة على حقهم في التماس الأمان، وإدماجهم اقتصاديا واجتماعيا وتعزيز الحلول لمعالجة محنتهم.
جاء إنشاء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون للاجئين في أعقاب الحرب العالمية الثانية بهدف مساعدة الأوروبيين النازحين نتيجة لذلك الصراع، وتأسس مكتب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 14 ديسمبر 1950 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبحلول عام 1956 واجهت المفوضية أولى حالات الطوارئ الرئيسية، وتدفق اللاجئين عندما سحقت القوات السوفيتية الثورة المجرية.
وفي ستينيات القرن العشرين، أنتج إنهاء الاستعمار في أفريقيا أولى الأزمات العديدة للاجئين في القارة التي تحتاج إلى تدخل المفوضية.
وعلى مدى العقدين التاليين، كان على المفوضية تقديم المساعدة في أزمات نزوح في آسيا وأمريكا اللاتينية، ومع نهاية القرن العشرين نشأت مشاكل جديدة للاجئين في أفريقيا وظهرت موجات جديدة من اللاجئين في أوروبا نتيجة سلسلة من الحروب في منطقة البلقان.
وشهدت بداية القرن الـ21 بزوغ الأزمات الكبرى في أفريقيا، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال، ومشكلة اللاجئين الأفغان في آسيا امتدت ثلاثين عاما.
ووسعت المفوضية بشكل أقل دورها في مساعدة الأشخاص “عديمي الجنسية”، وهي مجموعة تم تجاهلها ويقدر عددها بالملايين، وهي مهددة بخطر الحرمان من الحقوق الأساسية لأنها لا تملك صفة المواطنة.
– أعداد اللاجئين
في نهاية يونيو 2024، بلغ عدد النازحين قسرا حول العالم 122.6 مليون شخص بسبب الاضطهاد والنزاعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث التي تخل بالنظام العام بشكل خطير.
من بينهم 43.7 مليون لاجئ، يتوزعون بين 32 مليونا تحت ولاية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و6 ملايين لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا.
كما بلغ عدد النازحين داخليا 72.1 مليون نازح، و8 ملايين طالب لجوء.
في النصف الأول من عام 2024، كان النزوح المستمر من السودان وأوكرانيا هو العامل الرئيسي في ارتفاع عدد اللاجئين وبحلول منتصف عام 2024، كان أكثر من ثلث اللاجئين الذين يقعون تحت ولاية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى آخرين في حاجة إلى الحماية الدولية، يقيمون في جمهورية إيران الإسلامية وتركيا وكولومبيا وألمانيا وأوغندا.
وتوجد اليوم حالات نزوح داخلي جديدة في 16 دولة، وتمثل ستة منها – السودان وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوكرانيا وهايتي وموزامبيق – 90 % من الأشخاص الذين اضطروا للفرار داخل بلدانهم في عام 2024.
وفي التسعينيات، تمكن 1.5 مليون لاجئ تقريبا من العودة إلى ديارهم كل عام. وعلى مدى العقد الماضي، انخفض هذا العدد إلى حوالي 385 الفا، مما يعني أن النمو بسبب النزوح هو اليوم حل يفوق الكثير من الحلول.
– مصر واللاجئين
لطالما وفرت مصر ملاذا آمنا لكل من قصدها بعد أن دفعته الظروف القاهرة لمغادرة وطنه.
وتواصل مصر دائما الوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا الخصوص، حيث تستضيف لاجئين وملتمسي لجوء من 62 جنسية مختلفة.
وتتبني مصر سياسات قائمة على احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للاجئين وملتمسي اللجوء وتكفل لهم حرية الحركة التي تتيح ادماجهم في المجتمع، كما تقدم لهم الخدمات الأساسية أسوة بالمواطنين المصريين.
وفي ظل سياق عالمي تتفاقم وتتقاطع فيه الأزمات، ومع بلوغ أعداد اللاجئين حول العالم مستويات غير مسبوقة، يظل التعاون الدولي السبيل الوحيد للتعاطي الفعال والمستدام مع قضايا اللجوء.
تؤكد مصر دائما التزامها بمواصلة التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بقضايا اللجوء، وبالمضي قدماً في مساعيها الحثيثة على الصعيدين الإقليمي والدولي لدعم تسوية النزاعات وتعزيز جهود بناء السلم وتحقيق التنمية المستدامة.
وتؤكد مصر في هذه المناسبة التذكير بأهمية مضاعفة الجهود الدولية لضمان التفعيل المنصف والمستدام لمبدأ تقاسم الأعباء والمسئوليات، لاسيما من خلال تعبئة الموارد اللازمة لتلبية احتياجات اللاجئين والمساهمة في تخفيف الضغوط الواقعة على كاهل الدول المضيفة.
كما تؤكد مصر على أهمية التعامل مع قضايا اللجوء من منظور شامل يدرك التكامل بين البعدين الإنساني والتنموي على نحو يعزز من صمود المجتمعات المضيفة، وذلك بالتوازي مع تعزيز جهود تحقيق السلام لمعالجة جذور الأزمات في دول المنشأ للاجئين، بما يساعد على خلق ظروف مواتية لعودتهم الآمنة والكريمة إلى دولهم ويحول دون تكرار الأزمات بها.