حديث يمتد على مدار خمسين عاماً مع رواد مهندسات الديكور في مسرح التلفزيون

حديث يمتد على مدار خمسين عاماً مع رواد مهندسات الديكور في مسرح التلفزيون

كانتا تحلمان ببعثة للخارج لدراسة الديكور
وفاء ونهى: درسنا النحت والحفر والزخرفة.. ولا نقل بتاتا عن خريجى الفنون المسرحية

كانت مجلة “الإذاعة والتليفزيون” دائما توثق وتؤرخ لأسماء سوف يظل التاريخ يتذكرها، لأنها أسهمت بشكل أو بأخر فى بناء القوة الناعمة المصرية، وضمن هذا التوثيق حوار مهم مع اثنتين من مهندسات الديكور، هما وفاء ونهى، فالاثنتان من أوائل مهندسات الديكور فى مسرح التليفزيون، نتعرف عليهما من خلال الحوار الذى أجرته معهما ليلى بسيونى، ونشرته المجلة فى عددها رقم (1503) الصادر بتاريخ 4 يناير 1964.. فإلى نص الحوار.

مع بداية الموسم المسرحى، لمعت نجوم جديدة، بعيدا عن عالم التمثيل والإخراج،  ولكن هذه المرة فى عالم الذوق والفن والتنسيق،عالم الديكور الذى برزت فيه اليد الخبيرة، والإحساس المرهف مع الذوق والدراسة، وعلى خشبة مسرح التليفزيون التقيت بآنستين من أوائل مهندسات الديكور فى بلدنا هما: نهى برادة ووفاء زيادة وكلتيهما لا تتجاوز العشرين ربيعا وفى رشاقة وخفة أخذتا تنتقلان فتضيفان لمسات أخيرة على الديكور المسرحى قبل أن تتفرغا للحديث معى.

ضحكت وفاء وهى تقول لى: عائلتى كلها فنية فوالدى تخرج فى كلية الفنون التطبيقية، وخطيبى أيضا مهندس ديكور بمسرح التليفزيون.

تخرجت مع “نهى” فى كلية الفنون الجميلة، واتجهت إلى تصميم ديكورات الأفلام والمسرح، أما نهى فاكتفت بالمسرح وحده، وكان المخرج السيد زيادة عمى مشجعا كبيرا لى على عمل ديكورات السينما، وسبق أن صممت مناظر أفلام “العاشقة” و”شباب طائش” و”المراهق الكبير” وغيرها، أما فى المسرح فأنا مشغولة الآن بإعداد مسرحية “الجريمة والعقاب” لدستوفسكى،  ومسرحية “قهوة مصر” للمرحوم أنور المشرى.

سألت وفاء عن الاختلاف بين تصميم ديكور لمسرحية عالمية، وآخر لمسرحية حديثة، فأجابت: فارق كبير، فالأساس فى الديكور هو النص المسرحى، ويجب إذن دراسة تاريخ المسرحية، إذا كان لها تاريخ، ولذلك تجدين ديكور المسرح العالمى متعبا، لأنه يحتاج دراسة طويلة، أما المسرحية العصريه فيتدخل الذوق الشخصى أكثر من أى شىء آخر.

وتأخذ “نهی” أطراف الحديث لتقص لى قصة دخولها كلية الفنون واتجاهها إلى هذا الفن، وقالت إن ثقافتها إنجليزية، وبعد انتهاء المرحلة الثانوية أرادت أن تكمل تعليمها فى الجامعة الأمريكية، ولكن الكلية رفضت وقتئذ لأنها لم تكن قد تعدت السادسة عشرة، ففكرت فى موهبة الرسم التى تمتلكها، لتسلك طريقا قريبا إلى ميولها، وفى كلية الفنون كان الأساتذة يشيدون برسوماتها، ويقولون إن مناظرها تتميز بالطابع المسرحى، ومن هنا نشأت فكرة الديكور لديها، فكانت تقف طويلا أمام التصميمات المسرحية لتدرسها، وتحاول إدخال تجديدات عليها.

سألت نهى عن معنى كلمة ديكور بالعربية، فقالت: ليس هناك ترجمة عربية صحيحة للكلمة، ولكن المفروض من الديكور أن يكون به تنسيق يريح النظر، ووحدة متجانسة، مع علاقة الخطوط والألوان ببعضها.

وتطرق بنا الحديث إلى أسعار الديكور عندما يطبق فى المنازل، فقالت نهى: إنها أسعار خيالية يحسن أن نتركها جانبا، ونطبق عملنا فى المسرح والسينما، فديكور الغرفة الواحدة قد يتراوح أحيانا سعره من ۱۰۰ إلی ۱۰۰۰ جنيه.

أدهشتنى هذه القيمة المرتفعة وقلت لها: ألا يمكن أن تقل عن ذلك؟ فأجابت: أدنى قيمة لأبسط غرفة يمكن أن تصل إلى ١٠ جنيهات.

وعن المصاعب التى تواجههما، تقول نهی: عديدة، فمثلا أذكر أننا فى مسرحية “قصر الأحلام”، اضطررنا لتركيب الديكور على مسرح النهر أمام الجمهور، وكان موقفا محرجا جدا.

وتكمل وفاء: فى ثانى مسرحية لـى جلست ساعات طويلة أعد الديكور، وفى نهاية اليوم كان العمل على أكمل وجه، ولكن العمال عند نقل اللوح نسوا أهم كتفين يركب عليهما باقى الديكور، ولم نشعر بذلك إلا فى المسرح وقد أزف الوقت فانهارت أعصابی، وانفجرت أبکی على المجهود الذى راح سدى.

تركت وفاء: زيادة ونهى برادة، وفى صدريهما أمنية ترجوان من الدولة تحقيقها، وهى أن بعثة لدراسة الديكور فى الخارج ليست بالكثير على بلد يرعى الفنون ويشجعها، ويعمل على نهضة ثقافتها المسرحية.. وفاء ونهى تحلمان بهذه البعثة من أجل المسرح المصرى.