مصر تواجه محاولات إثارة الفتنة بين «القاهرة» و«أثينا»

أسرار إثارة أزمة دير «سانت كاترين» فى هذا التوقيت بالذات
قوى الشر تقود حملة ممنهجة لإثارة الفتنة بين مصر واليونان.. والرئيس «السيسي» يتدخل
سخّرت قوى الشر كل ما تملكه من أدوات وآليات لتعطيل حركة التنمية التى تقوم بها الدولة المصرية على كل المستويات، وليس أدل على ذلك من حملة الأكاذيب التى تركّزت خلال الأيام الماضية حول دير “سانت كاترين”، وما أشيع بشأن صدور أوامر من السلطات المحلية بمحافظة جنوب سيناء إلى رهبان الدير بإخلائه، تمهيداً لبيعه.
وقد استغلت قوى الشر الجهود التى تبذلها الحكومة المصرية لتطوير المنطقة المحيطة بالدير فى الترويج لشائعات البيع؛ الأمر الذى أثار القلق لدى القائمين على الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بصفتها المشرف الروحى على دير “سانت كاترين”. وفى محاولة لوأد الشائعات فى مهدها قام المركز الإعلامى لمجلس الوزراء المصرى بدحض الأكاذيب المثارة حول، مؤكدّا أن الدير يعمل بشكل طبيعي، وأن القساوسة والرهبان يواصلون أداء مهامهم بدون أى خطط للإخلاء.
إذا ما توقفنا بشيء من التمعن حول طبيعة الضجة المثارة حول دير “سانت كاترين” وربطها بالتطور والزخم الحادث فى العلاقات “المصرية ـ اليونانية” على مدار السنوات الـ12 الماضية سنكتشف بجلاء الأسباب الحقيقة للحملة التى تقودها قوى الشر لتعكير صفو العلاقات بين “القاهرة” و”أثينا” فى هذا التوقيت بالذات.
لقد تزامنت الحملة الممنهجة حول دير “سانت كاترين” مع الزيارة المرتقبة للرئيس “السيسي” إلى دولة اليونان للتوقيع على “الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، والذى يرسخ للعلاقات العميقة والمتميزة بين البلدين الصديقين، ويؤسس لمرحلة جديدة، من التعاون الوثيق على كافة الأصعدة.
وتزامنت الحملة أيضًا مع انعقاد الاجتماع الأول لمجلس “التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان”، والذى يمثل محطة فارقة ونقلة نوعية، فى مسار العلاقات بين البلدين، ويجسد الإرادة السياسية المشتركة، للارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون الثنائي.
أبعاد مؤامرة الوقيعة بين مصر واليونان؛ عبر إثارة أزمة دير “سانت كاترين” فى هذا التوقيت؛ تكشّفت بعض جوانبها خلال زيارة الرئيس “السيسي” على رأس وفد رفيع المستوى إلى أثينا فى السابع من مايو المنصرم، والذى اعرب خلالها عن خالص تقديره وامتنانه، لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، اللذين حظى بهما والوفد المرافق له، والتى عكست عمق العلاقات بين البلدين الصديقين.
ولمناسبة هذه الزيارة ألقى الرئيس “السيسي” كلمة تطرق خلالها إلى الحملة الممنهجة التى تقودها قوى الشر لإحداث الوقيعة وإفساد العلاقة الراسحة بين البلدين الصديقين، عبر إثارة الشائعات ونشر الأكاذيب حول دير “سانت كاترين”، قائلاً: إننا فى مصر خلال العشر سنوات الماضية كنا نؤكد على احترام شديد جدًا ليس فقط للآخرين وإنما للتعدد والتنوع الموجود فى النسيج الإنساني، وقمنا بممارسات تؤكد ذلك وتسعى إلى ترسيخه بين المواطنين، لذا فإننى أنزعج بشدة عندما أسمع ما يتردد بأن مصر يمكن أن تقوم بإجراء سلبى تجاه دير سانت كاترين، لأن هذا يتعارض مع ثوابت مصر وتسامحها.
وأضاف: أشير أيضًا على سبيل المثال إلى أنه عندما قام المتطرفون بحرق ٦٥ كنيسة، قامت الدولة بإعادة بنائهم، كما نقوم ببناء كنائس فى كل حي، ولو كان يوجد بمصر مواطنون يهود فإن الدولة كانت سوف تبنى معابدًا لهم، وأؤكد أننى لا أريد ولن نسمح بالعبث فى العلاقات مع اليونان بسبب ما يتردد بشكل مغرض عن دير سانت كاترين، وأؤكد التزام الدولة المصرية بالتعاقد ما بين الدير والدولة وهو تعاقد أبدى لن يمس، خاصة أن الدير يحتضن رفات قديسة عظيمة، وأشدد أننى قد حرصت على توضيح ذلك الأمر بنفسى وأذكره بشكل مباشر لدحض الأقاويل المغرضة.
الرئيس “السيسي” اختتم كلمته بالتأكيد على التزام مصر الراسخ، بتعزيز التعاون مع اليونان، وثقته فى أن “مجلس التعاون رفيع المستوى”، سيكون منصة فاعلة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وبما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين، ويسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار فى المنطقة.
بحنكته وحصافته؛ استطاع الرئيس “السيسي” وأد فتنة دير “سانت كاترين” خلال زيارتخ الخامسة لدولة اليونان فى اوائل مايو الماضي؛ إلا أن جماعات الشر وجدت الفرصة سانحة امامها لإثارة الفتنة من جديد عقب صدور من محكمة استئناف الإسماعيلية خاص بوضعية دير “سانت كاترين”، وبدلاً من أن تشير تلك الجماعات إلى ما جاء به حكم المحكمة راحت تروج الشائعات والأكاذيب لإثارة حفيظة الجانب اليوناني، ما استدعى بوزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى لكشف حيثيات الحكم خلال لقاء موسع مع نظرائه فى دول الاتحاد الأوروبي، مشددا على أن الحكم القضائى أكد على “عدم المساس بدير سانت كاترين والأماكن الأثرية التابعة له وقيمته الروحية ومكانته الدينية والمقابر التابعة للدير، مشيرا إلى أن الحكم القضائى يعد المرة الأولى التى يتم فيها الحفاظ على وضعية الدير ويؤكد على مكانته المقدسة.
وأضاف وزير الخارجية أن الحكم القضائى يحافظ على القيمة الروحية والمكانة الدينية الرفيعة للدير، وأقر الوزير باستمرار السماح لرهبان الدير بالانتفاع به وبالمناطق الدينية والأثرية بالمنطقة، مشددًا على ضرورة تحرى الدقة وعدم إصدار أحكام خاطئة ومسبقة قبل الاطلاع على نص الحكم القضائى كاملا، فى ظل ما أشيع حول مصادرة الدير والأراضى التابعة له، مؤكدا على الأهمية البالغة للعلاقات الإستراتيجية بين مصر واليونان التى تجمعهما علاقات أخوية وتاريخية عبر قرون من الزمن.
أما عن الحكم ، فقد قضت محكمة استئناف الإسماعيلية( مأمورية طور سيناء) بأحقية تابعى دير سانت كاترين فى الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، وذلك فى ضوء أن تابعى الدير يتواجدون فيها بصفتهم الدينية، ويمارسون شعائرهم الدينية تحت رئاسة مطران الدير المعين بقرار رئيس الجمهورية رقم 306 لسنة 1974، ويشرف على هذه المواقع الأثرية المجلس الأعلى للآثار.
كما قررت المحكمة وجوب احترام العقود المُحرّرة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير بشأن بعض قطع الأراضى المستغلة بمعرفة تابعى الدير، ما ينفى وقوع تعدٍّ على هذه الأراضى.
وانتهت المحكمة إلى أن باقى قطع الأراضى المتنازع عليها محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم يصدر بشأنها أى عقود من جانب جهة الولاية.
من ناحيتها، جدّدت رئاسة الجمهورية المصرية التأكيد على الالتزام الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة، مؤكدة أن الحكم القضائى الصادر مؤخرًا يرسخ هذه المكانة، كما يتسق الحكم القضائى مع ما أكده الرئيس عبد الفتاح خلال زيارته مؤخرًا لأثينا مؤخرًا يوم ٧ مايو.
وأكدت الرئاسى المصرية، على أهمية الحفاظ على العلاقات الوثيقة والأخوية التى تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين وعدم المساس بها.
عقب صدور بيان رئاسة الجمهورية بساعات، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء اليونانى “كيرياكوس ميتسوتاكيس؛ أكدا خلاله حرصهما على الزخم الكبير الذى تشهده العلاقات بين البلدين الصديقين، والتزامهما بالاستمرار فى دفع العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين إلى آفاق أرحب فى مختلف المجالات بما يتفق مع طابعها التاريخيّ ويحقق مصالح الشعبين الصديقين.
وخلال الاتصال، اكد الرئس “السيسي” على التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة، وهو ما يرسخه الحكم القضائى الصادر مؤخرًا فى هذا الصدد، والذى جاء ليتسق مع حرص مصر على قدسية الأماكن الدينية والكنسية، وتأكيد القيمة التراثية والروحية والمكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين.