سيناريوهات مصر لإحباط مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين

سعيد: الدعم الأمريكى واضح فى كل تحركات إسرائيل عسكريًا وسياسيًا.. ومخطط التهجير ما زال قائمًا
المشهد الحالى يؤكد نية إسرائيل فى التصعيد على جميع المحاور

تصعيد إسرائيلى مستمر تشهده منطقة الشرق الأوسط تزامنًا مع قصف الاحتلال للمدنيين والعمليات البرية فى غزة والضفة، فضلًا عن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للمعاهدات والاتفاقيات مع سوريا ولبنان فى ظل صمت أمريكى وإذعان لما يقوم به الاحتلال من ممارسات.

ويرى الخبراء أن هناك عدة سيناريوهات فى المنطقة خلال الفترة المقبلة، جميعها تتطلب تعاون الدول العربية مع مصر، لوقف الحرب فى غزة، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالاتفاقيات الدولية والتراجع عن التوغل فى الأراضى السورية والالتزام بالاتفاقيات مع لبنان، وتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية.

وقال المحلل السياسى البارز الدكتور عبد المنعم سعيد، إنه لا تزال إسرائيل مستمرة فى تحركاتها الأكثر ضراوة وسط صمت أمريكى أو بالأحرى دعم وضوء أخضر أمريكى للاحتلال لتنفيذ عملياته خلال هذه الفترة والتى تُعد هى الأنسب للحصول على أكبر المكاسب العسكرية والدبلوماسية على الأرض فى ظل حكم ترامب الذى لم يخف خبرًا حول دعمه ورؤيته الداعمة لإسرائيل سواء من خلال تصريحاته حول التهجير سابقا أو دعمه لرؤية نتنياهو بالتصرف وفق ما يراه لمصلحة بلاده، وبجميع الصيغ فإن الدعم الأمريكى واضح فى كل تحركات إسرائيل عسكريا وسياسيا ومخطط التهجير لا يزال قائمًا وقيد التنفيذ فى ظل رفض مصرى قاطع.

وأضاف أن الاحتلال يرى فى هذه الفرصة الذهبية بوجود ترامب طريقة لتحقيق أحلامهم عملا بمفهوم ان الدبلوماسية لا تأتى إلا من خلال القوة وهو ما يعنى أن العمليات العسكرية ستظل لبعض الوقت فى ظل تدمير ممنهج لغزة وفلسطين، وعلى الجانب الآخر نرى المفاوض المصرى هو الأكثر تحملًا لهذه الهراءات بصفته الأصلح والأكثر خبرة فى التفاوض والتعامل مع تلك الملفات، والحقيقة نحن نحتاج لتعاون الدول الشقيقة قطر والسعودية والإمارات الذين دخلوا على خط المساومة الأمريكية المادية والاقتصادية فأمريكا تطلب من السعودية تريليون دولار، وكذلك الإمارات تريليون واربعمائة مليون دولار، والباقى من قطر لتكمل حلم الثلاثة تريليون دولار، وهو ما يعنى أن لتلك الدول القدرة على الجلوس على مائدة المفاوضات والضغط بتلك الأوراق مع خبرة المفاوض المصرى واستباقه المعلوماتى وخبرته مع الكيان.

وأوضح أن مصر لم تطلب الزعامة أو تصدر المشهد ولكنه فرض علينا الدفاع عن القضية الفلسطينية والأمن القومى المصري، ولكن يظل التعنت الإسرائيلى لعدم الدخول فى المرحلة الثانية من التفاوض ووضع شروط لا توافق عليها حماس من أجل إيجاد الحجة لاستمرار العمليات العسكرية نذكر منها مسألة نزع سلاح حماس، وهو ما قوبل بالرفض إلا أن مصر قدمت خطة محايدة لتجريد حماس من السلاح مع الابقاء على تلك الأسلحة لحين حدوث انتخابات وتسليمها للسلطة الفلسطينية المنتخبة بعد أن وافقت حماس على النزول عن الحكم، وللأسف فإن حماس عندما بدأت طوفانها لم يكن لديها استراتيجية الانهاء، وهكذا تستمر إسرائيل فى التعنت وتستمر الدبلوماسية المصرية فى صلابتها لمنع تحقيق الهدف الأساسى لإسرائيل فى الوقت الحالى وهو مخطط التهجير والذى لم يكن فى الحقيقة وليد عهد ترامب بل هو حلم يراود الحكومة الإسرائيلية منذ فترة ليست قصيرة.

ويرى الدكتور طارق فهمى المحلل السياسى المعروف بأن المشهد منذ بداية مارس المنقضى يظهر بوضوح نية إسرائيل فى التصعيد على جميع المحاور خاصة بعد استدعاء “ايان زامير” رئيسًا للأركان والذى تولى منصبه فى مارس الماضي، والذى يخوض مغامرة لم يقدم عليها كثيرون غيره من تبنى فكرة العمليات البرية، وتوسيعها على نطاق محاور مختلفة، بعد أن كان القصف أو ضربات الطيران هى الخيار المفضل لقادة الاحتلال، وزامير قائد دبابات ويدرك جيدًا خطط وعلوم الحرب البرية، حيث استدعى قبل وقت قليل أربعة فرق لتبدأ خدمتها للإسراع فى تنفيذ العمليات البرية العسكرية، فهو الوقت الأنسب لإسرائيل لتفعل ما بوسعها للسيطرة على مزيد من الأرض، وتنفيذ مخطط التهجير فى ظل سياسة أمريكية هى الأكثر دعمًا وجموحًا على الإطلاق، وهنا يقع العبء الأكبر على الدولة المصرية التى طالما احتضنت القضية الفلسطينية خاصة فى الظروف الصعبة كتلك التى تمر بها.

وأضاف أن مصر لم تقف مكتوفة الأيدى بل قدمت حلولًا جذرية لكل مراحل التفاوض تناسب رؤية جميع الأطراف، سواء فى المرحلة الأولى وقضية الأسرى بين الطرفين، وكذلك خطة الأعمار وغير ذلك من نقاط، كانت الولايات المتحدة تدعمها قبل الإعلان عن النية الحقيقية لاستمرار مخطط التهجير وضرب الجنوب اللبنانى والاستيلاء على محاور وممرات تفصل غزة تمامًا للضغط على حماس، وآخر تلك المحاور هو “ميراج ،”ولكن لا تزال هناك اتصالات وأوراق تفاوض بين الجانب المصرى والأمريكى لوقف تعنت إسرائيل، والعودة لطاولة المفاوضات.

ويؤكد السفير معتز أحمدين مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، أن إسرائيل تريد الوصول لتحقيق فكرة التهجير فبرغم كونه حلمًا راودهم منذ سنوات طويلة، وليس ترامب هو أول من تحدث عنه، ولكن الحكومة الإسرائيلية ترى أن هذا هو الوقت الأنسب فى عهد ترامب الداعم تمامًا لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا ومن خلال مبعوثه ويتكوف لفلسطين، وكذلك “مورجان ارتاجوس”، مبعوثته إلى لبنان التى تحولت من المسيحية إلى اليهودية مؤخرًا، وكأنه يبعث برسائل الدعم الظاهر، وما بين السطور.

وشدد على ضرورة أن يتحد العرب لتنسيق أجندة واحدة لدعم القضية الفلسطينية خاصة وهى تمس الأمن القومى العربى كله، فهناك مصالح أمريكية فى المنطقة يمكن الضغط بها، وبأوراق مختلفة تبرز براعة الدبلوماسية المصرية ووقوفها على خط المواجهة بديلًا عن سيناريوهات قد تؤدى لمزيد من التوتر، وهو ما لا تتحمله المنطقة فى الوقت الحالى فى ظل وضع اقتصادى عالمى ليس بالجيد، ومصر لن تترك القضية الفلسطينية لأبعادها العربية والدينية وكذلك البعد الاستراتيجى للأمن القومى المصري.