خبراء القومي للبحوث: سلوكيات وتغذية سليمة تجنبك أمراض الحساسية في الربيع

أكدت نخبة من أساتذة المركز القومي للبحوث أن أمراض فصل الربيع تمثل مصدر إزعاج كبير لفئات كثيرة من الناس، وتستلزم استعدادا ووعيا بأساليب الوقاية والتعامل السليم معها; حيث تنتشر في هذا الفصل أمراض مثل الربو، والحساسية الموسمية، والتهابات الجهاز التنفسي، والرمد الربيعي، وهي أمراض ترتبط بشكل وثيق بزيادة انتشار حبوب اللقاح وتغيرات الطقس التي تميز الربيع.
وأوضحت الباحثة بقسم الهرمونات بمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز الدكتورة رحاب سليم السيد أبو هاشم – في تصريحات- أن الوقاية تبدأ من السلوكيات اليومية البسيطة التي يمكن أن تحد من التعرض للمثيرات البيئية، وتحافظ على صحة الجهاز التنفسي والجلد والعينين، مؤكدة أهمية الحفاظ على النظافة الشخصية; خاصة غسل اليدين جيدا بالماء والصابون بعد العودة من الخارج.
وأضافت أن الحفاظ على نظافة الأسطح داخل المنزل يلعب دورا مهما في الحد من انتقال الجراثيم والبكتيريا المسببة لنزلات البرد الموسمية; فضلا عن أهمية تجنب التواجد في الأماكن المفتوحة خلال فترات الصباح الباكر، نظرا لأن نسبة حبوب اللقاح تبلغ ذروتها في تلك الساعات.
ونصحت بمتابعة نشرات الطقس الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية، التي غالبا ما تتضمن تحذيرات في حالة وجود رياح خماسينية أو عواصف ترابية محملة بالأتربة; مما يشكل خطرا خاصا على مرضى الحساسية والصدر.
وألقت الضوء على أهمية التغذية الصحية، مشيرة إلى ضرورة الإكثار من تناول الخضروات الورقية مثل الخس، الجرجير، والبقدونس، بالإضافة إلى الفواكه الطازجة الغنية بفيتامين “سي” مثل البرتقال واليوسفي، وذلك بهدف دعم الجهاز المناعي وتعزيز مقاومة الجسم للعدوى.
وأوصت بالاستحمام قبل النوم وغسل الملابس التي تم ارتداؤها خارج المنزل مباشرة لتقليل احتمالية انتقال حبوب اللقاح إلى الجسم أو الفراش، مع تجفيف الغسيل داخل المنزل لتفادي التصاق حبوب اللقاح بالملابس، وفي حال ظهور الأعراض، أوضحت أن هناك بعض الإجراءات المنزلية البسيطة التي قد تسهم في تخفيف حدتها، مثل استنشاق البخار لتهدئة وفتح الممرات الأنفية، وغسل الأنف بالماء والملح لتخفيف الاحتقان، لكنها شددت على ضرورة زيارة الطبيب المختص إذا تفاقمت الأعراض لتقييم الحالة ووصف العلاج المناسب.
من جانبها، أكدت استشاري الأمراض الجلدية بالمركز القومي للبحوث الدكتورة علا عمر أبوزيد، أن الحساسية الموسمية تعد من أبرز المشكلات الصحية خلال فصل الربيع، ويرتبط ظهورها بارتفاع نسبة حبوب اللقاح في الهواء، إلى جانب تأثير العوامل البيئية مثل التلوث والتغيرات المناخية.
وأشارت إلى أن من أبرز صور هذه الحساسية “حساسية الأنف” أو ما يعرف بحمى القش، التي تتسبب في العطس المستمر وسيلان الأنف واحتقان الجيوب الأنفية، إلى جانب حساسية العين التي تظهر في شكل احمرار وحكة نتيجة التعرض للمواد المهيجة في الهواء، كما تشمل أعراض الحساسية الموسمية الجلد، مثل الإكزيما والارتكاريا التي تتفاقم بفعل التفاعل مع حبوب اللقاح أو أشعة الشمس الزائدة.
ونبهت إلى أن السبب الرئيسي وراء تفاقم أعراض الحساسية في هذا الفصل هو انتشار حبوب اللقاح التي تطلقها الأشجار والنباتات خلال موسم الإزهار، مما يحفز الجهاز المناعي لدى بعض الأفراد ويتسبب في ردود فعل تحسسية، وأضافت أن التغيرات المناخية المصاحبة للربيع، مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة، تسهم في نمو الفطريات والجراثيم، وبالتالي تفاقم الأعراض.
ولفتت إلى أهمية اتباع إجراءات وقائية فعالة، مثل تجنب التواجد في الأماكن المفتوحة خلال أوقات ذروة انتشار حبوب اللقاح، خاصة في الصباح الباكر والمساء، وغسل الوجه والعينين بانتظام لإزالة المواد المهيجة، وارتداء الملابس التي تقلل من التعرض المباشر للعوامل البيئية، كما أوصت باستخدام الأدوية المضادة للحساسية مثل مضادات الهيستامين والكورتيزون الموضعي، لكن تحت إشراف طبيب مختص.
وشددت على أن التغذية الصحية الغنية بمضادات الأكسدة تعد عاملا مساعدا في تقوية الجهاز المناعي وتقليل الالتهابات الجلدية والتنفسية، مشيرة إلى أن مواجهة الحساسية الموسمية لا تقتصر على الأفراد المصابين فقط، بل تتطلب جهودا مجتمعية لنشر الوعي بأساليب الوقاية والعلاج، إضافة إلى دعم الأبحاث العلمية المتعلقة بتأثير العوامل البيئية.
بدورها، أوضحت الباحثة بقسم الهرمونات بمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز الدكتورة رانيا سعيد صلاح، أن الأعراض تختلف من شخص لآخر بحسب قوة الجهاز المناعي والتاريخ المرضي، لافتة إلى أن أصحاب حساسية الصدر هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالحساسية الربيعية، وهي نوع من الحساسية الموسمية التي تتكرر سنويا في هذا التوقيت.
وشددت على أهمية الوقاية لتجنب تفاقم الأعراض، مشيرة إلى ضرورة تجنب الخروج في الأيام التي تشهد انتشارا كثيفا لحبوب اللقاح والأتربة، مع التأكيد على تناول أدوية الحساسية تحت إشراف طبيب مختص، ويفضل في بعض الحالات تناول العلاج بشكل وقائي قبل بدء ظهور الأعراض، لا سيما لمن يعانون من التحسس الموسمي سنويا.
وأكدت كذلك أهمية استخدام المحلول الملحي لغسل الأنف لإزالة مسببات الحساسية العالقة، إلى جانب الإكثار من شرب المياه، لما له من دور في تقليل إنتاج مادة الهيستامين، المسؤولة عن تهيج الحساسية، مما يساعد على تخفيف الأعراض، واتفقت الخبيرات في ختام تصريحاتهن على أن الوعي بأساليب الوقاية، والالتزام بالإرشادات الصحية والتغذية السليمة، عوامل رئيسية لتجنب أمراض الحساسية في الربيع، مما يساعد على الاستمتاع بموسم الربيع دون معاناة صحية.