في اليوم الدولي لأمنا الأرض .. "قوتنا.. كوكبنا"
أمنا الأرض تطلق نداء ملحا وتحث على تنفيذ تدابير عاجلة.. فالطبيعة في حالة من التدهور والبحار ممتلئة بالمخلفات البلاستيكية وتزداد ملوحة وحموضة.. والحرارة المفرطة والحرائق العارمة والفيضانات العنيفة أتت على استقرار العديد من المجتمعات وأثرت في ملايين الناس.
درجات الحرارة تواصل ارتفاعها وهناك حرائق الغابات والفيضانات.. تهاجمنا الفيروسات الفتاكة فضلا عن الأعاصير والكوارث الطبيعية التي تلحق أضرارا بملايين الأفراد، من الواضح أن أمنا الأرض تبعث إلينا “رسائل استغاثة”.
رسائل توضح كيف يتسبب الإنسان في جرائم كثيرة بحق كوكب الأرض، جرائم تعطل التنوع البيولوجي مثل إزالة الغابات والصيد الجائر، وهو مايؤدي إلى تغير المناخ وتسريع وتيرة تدمير الكوكب الذي لانملك غيره صالحا لحياة البشر.
ويمكن أن يؤدي تغير المناخ، والتغييرات التي يتسبب فيها الإنسان في الطبيعة، فضلا عن الجرائم التي تعطل التنوع البيولوجي، مثل إزالة الغابات، وتغير استخدام الأراضي، والزراعة المكثفة والإنتاج الحيواني أو التجارة المتزايدة والمجرمة في الأحياء البرية، إلى تسريع وتيرة تدمير الكوكب.
وبهدف نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض بما في ذلك من خير للأجيال الحالية والقادمة على السواء.. وللتذكير بضرورة حماية البيئة والحفاظ على سلامتها وصحتها.. نحتفل جميعا بـ”اليوم الدولي لأمنا الأرض”.
ويعد 22 من شهر أبريل هو اليوم الدولي لأمنا الأرض، ويحتفل العالم كل عام باليوم العالمي للأرض بهدف رفع وزيادة الوعي للحفاظ على البيئة والحد من التلوث وتدمير البيئة ولفت الانتباه إلى المشكلات التي تعاني منها الكرة الأرضية. بالإضافة إلى التذكير بضرورة المحافظة على الأرض لبيئة صحية وآمنة وعادلة وعالم مستقر.
إذا الاحتفال بيوم “أُمنا الأرض” يعني الاحتفال بالبيئة التي يدخل في إطارها كل شيء على وجه الكوكب دون استثناء، فالهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه والطعام الذي نأكله والملابس التي نرتديها، وكل ما نفعله في يومنا كأشخاص وجماعات يدخل تحت مظلة البيئة التي تعاني وتئن.
* من أمريكا إلى العالم
يوم الأرض العالمي هو يوم اتفقت عليه معظم دول العالم كمناسبة سنوية للنظر في مشاكل الكرة الأرضية، وكنتاج لتطور وعي بيئي عالمي.
بدأت الفكرة من السيناتور الأمريكي “جايلورد نيلسون” الذي دعا إلى اختيار يوم بيئي تثقيفي في الولايات المتحدة، وعقد لأول مرة في 22 إبريل 1970 بهدف نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، وزيادة الوعي الشعبي بالمشاكل البيئية.
ونتيجة لتلك المجهودات التي تخطت حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد تزايد الاهتمام العالمي بالبيئة، وفي محاولة للحد من التلوث وتدمير البيئة اللذين يهددان مستقبل البشرية، تبنى ما يزيد عن 50 دولة من أعضاء الأمم المتحدة في 22 أبريل عام 2009 قرارا أمميا للاحتفال باليوم الدولي لأمنا الأرض، للتأكيد أن الأرض وأنظمتها البيئية هي بيتنا، ومن أجل تحقيق توازن عادل بين الموارد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة، من الضروري المساهمة في الانسجام مع الطبيعة وكوكب الأرض.
وأرادت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن يكون “اليوم الدولي لأُمنا الأرض” مناسبة لنراجع طريقة تعاملنا مع الطبيعة المحيطة بنا والنظام الإيكولوجي لكوكب الأرض، ولحسن الحظ أن سكان هذا الكوكب عرفوا مبكرا ما يسببونه من كوارث.
وظهرت المؤسسات والجمعيات واتحادات الدول وكل منظومة الأمم المتحدة وما يتفرع منها من منظمات دولية، التي تعنى بالشأن البيئي، لتعمل وفق ما يترتب على كل الدول والمجتمعات البشرية من واجبات من أجل الحفاظ عليه، فعقدت المؤتمرات البيئية العالمية بدءا من “مؤتمر كيوتو” في اليابان وبعد في ريو دي جينيرو البرازيلية ومن ثم “مؤتمر باريس للمناخ” الذي وضع قواعد إلزامية للدول للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، والتزمت معظم الدول الكبرى بهذه المقررات.
* أمنا الأرض .. المعنى والدلالة
يحمل إسم اليوم دلالات ومعاني عميقة “أمنا الأرض” عنوان كبير يحمل نوعا من التعاطف ويجعلنا نشعر بالذنب تجاه كوكبنا الذي يحتضننا ولكننا نعمل على تدمير نظامه الطبيعي والبيئي.
واليوم الدولي لأمنا الأرض مناسبة هامة لتعزيز الجهود الدولية للحد من التداعيات التي من شأنها أن تؤثر سلبا على كوكب الأرض، والتذكير بضرورة حماية البيئة والحفاظ على سلامتها وصحتها، فقد تسبب تغير المناخ وعوامل أخرى في التدهور البيئي وتعطيل عمل النظم الطبيعية للأرض وهو فرصة حقيقية لتصويب المسار من أجل المستقبل.
– التصالح مع الطبيعة
إن الكفاح من أجل بيئة نظيفة ومعالجة القضايا البيئية وخاصة تغير المناخ أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، فاستعادة النظم البيئية لتوازنها سيسهم في وقف تدهورها.
وكما تقول الأمم المتحدة “أمنا الأرض بحاجة إلى التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة يعمل لنفع الناس والكوكب”، وهو ما يعزز الانسجام مع الطبيعة، ويحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ويحمي التنوع البيولوجي، الذي يعاني تدهورا متواصلا في جميع أنحاء العالم، ولاسيما أن التقديرات تشير إلى أن زهاء مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهدد بالانقراض
إن النظم البيئية المتوازنة والصحية تدعم كل أشكال الحياة على الأرض، فالعالم بحاجة إلى مكافحة تغير المناخ بشكل أقوى، للحفاظ على كوكبنا صالحا للسكن.
– البيئة والتقدم الصناعي
شهد عصر الثورة الصناعية خلال القرن الثامن عشر استعمال مصادر الطاقة من الفحم والنفط والغاز الطبيعي وغيرها بقصد توفير سبل حياة أكثر راحة، مما رفع معدلات الاستهلاك والتجارة واستهلك الموارد الطبيعية إلى حد كبير إلا أن هذه الثورة أيضًا كان لها تأثير كبير على البيئة.
وبقدر ما أسهم التقدم الصناعي في تحسين مستويات المعيشة للأفراد والمجتمعات، فإنه على الجانب الآخر قد أسهم في إحداث تغيرات سلبية أثرت في صحة الإنسان وحياته وهددت الطبيعة، نتيجة الإضرار بالتنوع البيولوجي، من خلال إزالة الغابات وتكثيف الإنتاج الزراعي والحيواني، والاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
وخلفت العديد من الأضرار في جوانب مختلفة ما زالت قائمة ومتزايدة إلى يومنا هذا، وتشمل الأضرار الناجمة عن الثورة الصناعية تغير المناخ وفقدان الموارد الطبيعية وثلوث كل من الهواء المياه وانقراض بعض أنواع الكائنات الحية.
وحذر مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين من أن استمرار فشل البشرية في حماية وحفظ البيئة في كثير من النواحي سوف يؤدي غالبا إلى عواقب وخيمة.
ومنذ الثورة الصناعية واستخدام الفحم الحجري والنفط كمصادر للطاقة، إضافة إلى تزايد أعداد البشر بشكل متسارع وحاجتهم إلى الغذاء والماء والطاقة، أصبحت البشرية تتدخل في المسيرة الطبيعية لكوكبنا الذي ولدنا منه وفيه.
كما أدى النشاط الصناعي البشري على أنواعه إلى ارتفاع نسبة انبعاثات غازات الدفيئة التي ترفع حرارة الكوكب، ما يترك أثرا سلبيا في كل ما يعيش على الأرض، واذا استمر ارتفاع الحرارة على المنوال الحالي، فقد يؤدي إلى نهاية الكوكب أو إلى تغيير جذري في شكل الحياة عليه.
أما حاجة البشر إلى الغذاء والماء والهواء، فأدت بشكل عكسي إلى تلوث الهواء والمياه العذبة في طول وعرض الأرض، أما الغذاء فهناك بون شاسع في حصص توزيعه بين الأغنياء والأثرياء، وبين الدول المتقدمة والدول الفقيرة، على الرغم من كل جهود المنظمات الدولية. في الخلاصة وباتفاق جميع المعنيين نحن نعامل كوكبنا بعكس ما يعاملنا.
* في يوم الأرض .. “قوتنا، كوكبنا”
يحتفل العالم هذا العام للمرة الخامسة والخمسين بيوم الأرض تحت شعار “قوتنا، كوكبنا”.. ويذكر هذا الحدث بدعوة مئات الآلاف من الناس إلى ترسيخ تحالف عالمي للعمل والابتكار وتنفيذ تدابير لحماية البيئة بين الجميع: الشركات والحكومات والمواطنين. الجميع ممثلون وجميعهم مسؤولون.
وتأتي هذه الفعالية في وقت حرج يشهد فيه كوكبنا تحديات بيئية متزايدة، وتستهدف تعزيز الوعي لدى الأجيال الشابة بضرورة المشاركة الفاعلة في الحفاظ على البيئة.
وتقام احتفالية هذا العام تحت شعار “قوتنا، كوكبنا” حيث يهدف الاحتفال إلى جذب اهتمام الرأي العام لأهمية البيئة والحفاظ عليها، وإبراز قضية البيئة كإحدى القضايا الأساسية في العالم، ونشر الوعي بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، وإظهار الدعم لحماية البيئة في جميع أنحاء العالم.