د.دياب: نتنياهو يقود حربًا شخصية على غزة لحماية نفسه سياسيًا

قال الدكتور سهيل دياب أستاذ العلاقات الدولية من مدينة الناصرة إن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ليست حربًا وطنية كما يُروِّج، بل هي حرب شخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى من خلالها إلى حماية نفسه سياسيًا، والحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم مع اليمين المتطرف؛ وعلى رأسهم سموتريتش وبن غفير اللذين يسيطران على سياسات الضفة الغربية.
وأوضح أن نتنياهو يستخدم هذه الحرب كأداة لإسكات المعارضة الداخلية، وخلق صدمة مستمرة لدى الفلسطينيين تُمكّنه من تمرير سياسات استيطانية وقمعية تخدم مشروعه السياسي، مشيرًا إلى أن هذه الأهداف لا علاقة لها بالأمن القومي الإسرائيلي كما يدِّعي.
وبيّن خلال حواره في برنامج (المشهد) أن المعارضة داخل إسرائيل تتخذ ثلاث صور رئيسية، أولها المعارضة الرسمية المتمثلة في بعض أعضاء الكنيست، والتي تضم 52 عضوًا لكنها غير موحدة ولا تملك رؤية بديلة واضحة، أما الثانية فهي المعارضة المؤسساتية التي تشمل بعض الأجهزة الأمنية والقضائية، والتي بدأت تعبر عن رفضها للحرب من خلال حملات توقيعات، تخطى عدد المشاركين فيها 150 ألف شخص، والثالثة هي المعارضة الشعبية التي يمثلها الشارع الإسرائيلي والنقابات المهنية وقطاعات التكنولوجيا المتقدمة، والتي بدأت في التهديد بالعصيان المدني ورفض دفع الضرائب، وقال إن المعارضة الشعبية تحمل بارقة الأمل الأكبر، رغم أنها لم تصل بعد إلى مرحلة التأثير الحاسم.
وأكد دياب أن الهدف المعلن للقضاء على حركة حماس هو مجرد غطاء لعملية لا تستند إلى أهداف أمنية واضحة، مضيفًا أن 70% من الإسرائيليين أنفسهم يعتقدون أن هذه الحرب تفتقر للشرعية، وأشار إلى أن نتنياهو يسعى من خلالها إلى صرف النظر عن فشله الأمني الذريع في هجوم السابع من أكتوبر، وخلق بيئة تمكّنه من تمرير سياسات داخلية متطرفة، بل وربما توسيع رقعة الحرب للضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وجرّ المنطقة إلى مواجهات أشمل قد تشمل إيران.
وأضاف أن استهداف المدنيين والأطفال والمنشآت الصحية في غزة يتم بشكل متعمد، وأن المجتمع الدولي بات مدركًا لحجم الجرائم المرتكبة، لكنه لا يترجم هذه المعرفة إلى مواقف سياسية أو ضغوط حقيقية، ولفت إلى تقرير إسرائيلي اعترف بمقتل 15 مسعفًا فلسطينيًا عمدًا، وهو ما أدى إلى إقالة قائد لواء “غولاني”، كما أن وسائل إعلام إسرائيلية كصحيفة “هآرتس” باتت تصف ما يجري في غزة بأنه عملية إبادة جماعية.
وأشار إلى أن موقف المجتمع الدولي يعاني من الانقسام والتخاذل، فالولايات المتحدة ما زالت تقدم دعمًا مطلقًا لإسرائيل على المستوى الرسمي، رغم تصاعد موجات الغضب والاحتجاج داخل المجتمع الأمريكي، خاصة في الجامعات، أما الدول الأوروبية فهي منقسمة وتخشى اتخاذ مواقف صارمة خوفًا من اتهامات معاداة السامية، رغم إدراكها الكامل لفداحة ما يحدث في غزة، أما العالم العربي والإسلامي، فرغم تحركاته الدبلوماسية، فإنه لم يستخدم بعد أدوات الضغط الفعّالة، لا سيما الاقتصادية منها، التي تمتلكها بعض الدول الخليجية.
واختتم الدكتور سهيل دياب حواره بالتأكيد أن الحرب فقدت مبرراتها حتى داخل إسرائيل، وأن نتنياهو يعتمد على عامل الوقت لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية، لكنه قد يُجبر في النهاية على التراجع ووقف الحرب، إذا ما تصاعدت حدة الضغوط من الداخل الإسرائيلي ومن الشارع الدولي الرافض للعدوان والجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
برنامج (المشهد) يذاع على شاشة قناة النيل للأخبار، تقديم أمل نعمان.