مفتي الجمهورية: إحياء القيم الأخلاقية ضرورة دينية وواجب حضاري

مفتي الجمهورية: إحياء القيم الأخلاقية ضرورة دينية وواجب حضاري

أكد فضيلة أ.د نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمة فضيلته، اليوم الأربعاء ، بندوة “إحياء القيم الإسلامية” التي احتضنتها جامعة الصالحية الجديدة، أن الحديث عن القيم الأخلاقية ليس ترفًا فكريًّا ولا تزيينًا للخطاب، بل هو عودة إلى أصلٍ من أصول الشرائع السماوية، ذلك الأصل الذي يقوم عليه بنيان الدين، إلى جانب العقيدة والتشريع.

وأضاف فضيلة المفتي أن عالمنا المعاصر، بما فيه من سرعة في الإيقاع، وحدة في الأحكام، وقسوة في النتائج، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى بثّ روح القيم في جسده المرهق، وغرس منظومة الأخلاق في تربة الواقع التي جفّت من معين الرحمة والتراحم.

وأوضح فضيلة المفتي، أن الأخلاق هي الغاية النبوية والمقصد الأعظم من البعثة المحمدية، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق” مشيرا إلى أن الأزمات التي نعيشها اليوم، في شتى صورها، هي في جوهرها أزمات أخلاقية قبل أن تكون سياسية أو اقتصادية، وأن غياب الوازع الداخلي أدى إلى فساد العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان وبني جنسه. فالرقابة الذاتية لا تولد إلا من عقيدة صحيحة وقلب حيٍّ يأنف القبح، ويتشبث بالحق، ويرتقي بالخلق.

وأضاف فضيلة المفتي، أن سيطرة المادة وضمور الضمير وغياب القانون الأخلاقي هي أمراض العصر الكبرى، مشيرًا إلى ما يحدث في غزة بوصفه شاهدًا صارخًا على ما تؤول إليه الإنسانية حين تنفصل عن منظومة القيم.ومبينًا أن الشرائع السماوية، بل وحتى الفلسفات الوضعية، اتفقت على أصول الأخلاق، وأننا علينا أن نعيد بناء هذه المنظومة عبر القدوة الطيبة، والعلاقات الأسرية السليمة، والحوار الهادف. وختم فضيلته بتوجيه رسالته إلى الطلاب والطالبات قائلًا: “أنتم الثمرة المرتقبة، وأنتم دواء هذا الوطن، أنتم بناة الغد وروح النهضة، فكونوا بأخلاقكم رسلًا إلى العالم، فالأمم تُخاطب بأخلاق أبنائها قبل أقوالهم.”

من جانبه، ثمَّن الأستاذ الدكتور محيي الدين مندور، رئيس جامعة الصالحية الجديدة، حضور فضيلة المفتي ومشاركته الرفيعة في هذه الندوة التي تمس جوهر رسالة الجامعة في بناء الإنسان علمًا وخُلقًا، مؤكدًا أن الجامعة وهي تسعى إلى تنشئة أجيال واعية وفاعلة، تدرك أن العلم بلا خلقٍ سيفٌ بلا غمد، وأن القيم هي الحصن الحقيقي أمام الانجراف وراء التيارات الهدامة. وأضاف أن اللقاء مع فضيلة المفتي يمثل جسراً مباركًا بين منارة العلم ومنبر الفتوى، ويجسد الشراكة الفكرية والروحية في ترسيخ الهوية وبناء الوعي.

وفي ختام اللقاء، تمَّ تكريم الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم التي نظَّمتها جامعة الصالحية الجديدة، في لفتةٍ تؤكد عناية الجامعة بالقرآن الكريم واحتفائها بأهله، إيمانًا منها بأن كتاب الله هو النبع الأصفى لتزكية النفس وتقويم السلوك وبناء الوجدان، وأن الحافظين لآياته هم الحملة الحقيقيون لميراث النبوة وراية الإصلاح، وقد أعرب فضيلة المفتي عن سعادته برؤية هذه النماذج المشرفة من الطلاب والطالبات، مؤكدًا أن اجتماع الأخلاق بالعلم، والنور بالقرآن، هو السبيل الأمثل لصناعة أجيال تعيد للأمة مجدها وكرامتها.

حضر اللقاء أ.د محيي الدين مندور رئيس الجامعة، وأعضاء مجلس الأمناء، وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة وطلبة وطالبات الجامعة.