التوقيت الصيفي .. جدل لا ينتهي

التوقيت الصيفي .. جدل لا ينتهي

مع نهاية الأسبوع الأخير من شهر إبريل تبدأ مصر تطبيق “التوقيت الصيفي” حيث تم تقديم الساعة 60 دقيقة .. ومع تغيير عقارب الساعة تبدأ حيرة الكثيرين ويثور التساؤل حول فوائد هذا التغيير ولماذا يحدث في مصر.

في 16 أبريل 2023 صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قرار إعادة تطبيق نظام التوقيت الصيفي بعد إلغائه لمدة 7 سنوات.

ويهدف “التوقيت الصيفي” إلى إضافة ساعة واحدة إلى التوقيت الرسمي، مما يتيح الاستفادة من ساعات النهار الطويلة خلال فصل الربيع وصولا إلى ذروة فصل الصيف.

ومع بدء فصل الشتاء، تبدأ ساعات النهار في التقلص، مما يؤدي إلى تقليص هذه الزيادة بهدف ترشيد استهلاك الطاقة في ضوء ما يشهده العالم من متغيرات اقتصادية.

– جدل كبير

أثار تطبيق التوقيت الصيفي جدلا واسعا، حيث تساءل الكثيرون عن الهدف منه، وطرح البعض تساؤلات حول جدواه الاقتصادية، مستندين إلى دراسات حكومية سابقة صدرت عام 2015 تشير إلى عدم وجود فائدة اقتصادية ملموسة من عودته.

من جانبها، أوضحت الحكومة بالأدلة أن التوقيت الصيفي له فوائد اقتصادية كبيرة، حيث يساهم في توفير مصادر الطاقة المختلفة مثل الكهرباء والبنزين والسولار والغاز.

وأكدت الحكومة أن التوقيت الصيفي يساعد في ترشيد استهلاك الطاقة، مما يوفر سنويا نحو 25 مليون دولار وفقا لما ذكرته وزارة الكهرباء، وهو ما يجعل عودته أمرا ضروريا.

وأظهرت الدراسات التي قدمتها الحكومة أن نظام التوقيت الصيفي يساهم في تقليص استهلاك الكهرباء، حيث إن توفير 1% من استهلاك الكهرباء يوفر للدولة نحو 150 مليون دولار سنويا، وهو ما يعد دافعا كافيا للحكومة لإعادة تطبيقه.

وفي وقت سابق، نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء أي نقاش حول إلغاء التوقيت الصيفي في مصر.

وأكد أن التوقيت الصيفي مستمر وأن الحكومة لا تفكر في إلغائه، بل تسعى إلى ترشيد استهلاك الطاقة.

– الفكرة والبداية

فكرة التوقيت الصيفي فكرة أمريكية لكن من بدأ بتنفيذها هم الألمان في وقت مبكر عام 1784، كان لدى السياسي والمخترع الأمريكي بنيامين فرانكلين فكرة أنه يمكن للمرء توفير الطاقة إذا استيقظ مبكرا في الصيف.

ونفذ القيصر الألماني فيلهلم الثاني الفكرة لأول مرة، ففي 30 أبريل 1916، قدم الساعة لأول مرة من أجل توفير الطاقة خلال الحرب العالمية الأولى.

وفي نفس العام حذت بريطانيا العظمى وفرنسا، حذو القيصر الألماني وقدمتا الساعة أيضا.

في ذلك الوقت لم يكن “التوقيت الصيفي” محبوبا، لذلك تم إلغاؤه في عام 1919.. لكن النازيين في ألمانيا أعادوا العمل به مرة أخرى في عام 1940.

وفي عام 1947 كان التوقيت الصيفي المزدوج، بمعني تقديم عقارب الساعة لساعتين اثنتين وليس لساعة واحدة ليتم بعدها إلغاءه عام 1949.

وبقي الوضع هكذا لعقود بدون توقيت صيفي، حتى أعيد في عام 1980 العمل بالتوقيت الصيفي في شطري ألمانيا التي كانت مقسمة إلى دولتين: ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية.

ومنذ عام 1996 يجري العمل بالتوقيت الصيفي في كل دول الاتحاد الأوروبي بل إن هناك بلدانا كثيرة خارج الاتحاد الأوروبي تستخدم التوقيت الصيفي مثل الولايات المتحدة ونحو 70 دولة حول العالم.

ويختلف وقت بداية التوقيت من دولة إلى أخرى، فمثلا في مصر تم تحديدها بيوم الجمعة الأخير من شهر أبريل للتوقيت الصيفي، ويوم الخميس الأخير من شهر أكتوبر للتوقيت الشتوي، فيما تختار دول أخرى كالأردن ولبنان البدء مع شهر مارس للتوقيت الصيفي وأول أحد من أكتوبر للتوقيت الشتوي.

– اختلاف حول التوقيت الصيفي

في كل عام تقريبا يجري نقاش حول جدوى التوقيت الصيفي وما إذا كان من الأفضل إلغاؤه.. فمن يفضلون العمل بالتوقيت الصيفي يقولون إن المساء يكون فيه أطول وبهذا يمكن قضاء شغل وقت الفراغ بشكل أفضل.

أما معارضو التوقيت الصيفي فيقولون إن تكيف الجسم مع الوقت الجديد يستغرق عدة أيام في كل مرة ويمكن أن يؤثر على التوازن الهرموني للإنسان والحيوان ولذلك يطالبون بإلغائه.

– تاريخ التوقيت في مصر

بداية تغيير الساعة في مصر والانتقال من التوقيت الصيفي إلى التوقيت الشتوي كان بأوامر بريطانية مع الحرب العالمية الثانية، ولم يستمر طويلا ليتم إيقافه بعدها.

ثم عادت الفكرة للتنفيذ مرة أخرى وتطبيقه بانتظام مع بدء السبعينات بغرض توفير الكهرباء، لتأتي ثورة 25 يناير 2011، معلنة وقف العمل به.

ومع بدء أزمة الكهرباء عام 2014 عاد الحديث عن عودة التوقيت الصيفي لكنه عاد فعليا للتطبيق فى صيف 2023.

– تأثيرات بيولوجية

يقول الخبراء أن تغيير الساعة 60 دقيقة للتوقيت الشتوى يؤثر على الصحة الجسدية للإنسان، ويندرج تحت مسمى “اضطرابات الساعة البيولوجية” حيث أن تقديم الساعة أو تأخيرها يسبب الكثير من الأعراض والاضطرابات، كذلك الشعور بالتعب والإرهاق، لأن الإنسان ينتقل من منطقة زمنية الى منطقة زمنية أخرى إضافة الى الشعور “بالأرق” وعدم التعمق في النوم.

– العلاج بالضوء

كما أن تغيير التوقيت قد يزيد احتمالية إصابة كبار السن ببعض الأمراض كالسكر، القلب، السمنة، والاكتئاب.

وعند تغيير التوقيت يحدث اضطراب في الموصل العصبي المسئول عن النوم أو “الميلاتونين” والذي يبدأ بالإفراز في المخ للدخول إلى حالة الاسترخاء والنوم العميق، ولذلك يشعر بعض الناس بفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، والشعور بالإحباط والعصبية إذا قلت ساعات النهار.

كما أن تغيير التوقيت يمكن أن يؤثر بشكل عام على الروتين اليومي على جسم الإنسان من درجة حرارة الجسم، الشعور بالجوع، جهاز المناعة، والحالة المزاجية فالجسم لديه إيقاع طبيعي مرتبط بأوقات تناول الطعام، وتغيير التوقيت قد يؤدي إلى اضطراب في أوقات الشعور بالجوع، وقد تجد نفسك جائعا في أوقات غير مألوفة أو تشعر بالشبع في وقت تناول الطعام المعتاد.

واضطراب النوم أو عدم انتظامه يمكن أن يضعف جهاز المناعة، فالنوم الجيد والمستمر يلعب دورا مهما في تعزيز قدرة الجسم على محاربة العدوى والالتهابات، ونقص النوم يمكن أن يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

وعلى العكس قد يكون تأثير التوقيت الصيفي على الساعة البيولوجية إيجابيا عند بعض الأشخاص، وهم الذين يعانون من الاكتئاب الموسمي في فصل الشتاء، ويرجع السبب إلى التعرض لأشعة الشمس بشكل أكبر في الصيف.

– نصائح للتأقلم مع التوقيت الصيفي

يقدم الخبراء روشتة للمساعدة على التأقلم مع التوقيت الصيفي وذلك من خلال تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، مع تجنب السهر ليلا.

وأيضا حجب الضوضاء قدر الإمكان عن غرفة النوم، مع شرب كميات كافية من السوائل لحفظ درجة حرارة الجسم والترطيب.