قصة مصورة – ملك الأختام

أمام محكمة “تلا” الجزئية، بمحافظة المنوفية، ستجده على الدوام جالساً.. لا يتأخر يوماً عن موعد حضوره، لا يغيّر مكانه أبداً،
ولا يبدِّل هيئته، بذقنه الخفيفة الشائبة، وغطاء رأسه الذى يغطى به شعره صيفاً ولا شتاء، والبالطو الطويل الداكن الذى يمنحه هيبة تُضاف لهيبة المكان الذى يجلس قبالته!
“عم محمد سلامة”، هذا هو اسمه، أما مهنته: صانع أختام منذ سنوات، اتخذ جلسته أمام المحكمة، عارضاً على طاولة أختاماً متنوعة الأشكال والأحجام، وختّامات، من صنعه، لمن يريد!
لقد هوى هذه الحرفة، رغم أنه خريج كلية التجارة منذ أكثر من أربعين عاماً، فالعم محمد حاصل على البكالريوس سنة ١٩٨٢.. وعمل مأموراً للضرائب بعد تخرجه، وحتى إحالته للتقاعد. عاش حياته فى طنطا، فهو من مواليد إحــدى قرى محـــافظة الـغــربية.. لكنــه، ومـــا إن “خرج معاش” حتى قــرر الإخلاص لهوايته!
يسمونه “ملك الأختام”، من فرط جمال أختامه والخطوط البديعة التى يكتب بها أسماء الراغبين فى الحصول على ختم، فلأنه من هواة الخط العربى، قرر أن يدرسه من سنوات، حتى حصل على دبلوم الخط العربى سنة ١٩٩٥. ظل يعشق هذه الهواية ويمارسها مع نفسه على هامش انشغاله بالعمل.. حتى قرر أن يستثمرها فى عمل “الفورمات” أو “الاستامبات” لمن يريد حفر اسمه على الختم!
يبدو راضياً سعيداً بمهنته الجديدة، التى من أجلها ترك حتى مكان معيشته ليستقر فى مكان آخر.
يأتى فى الصباح المبكر، يفرد بضاعته، ولا يغادر إلا مع موعد إغلاق المحكمة.. يودِّع يومه خفيفاً مبتسماً، حاملاً ما تبقى من أختام اليوم، ليعيد طرحها فى الصباح التالى، هامساً لنفسه: لكل من اسمه نصيب فى ختمه!