خبيرتان بـ"الشارقة القرائي" : القصص تبني جيلا قويا

خبيرتان بـ"الشارقة القرائي" : القصص تبني جيلا قويا

أكدت خبيرتان نفسيتان متخصصتان في دعم الأطفال والناشئين، أن السرد القصصي يمثل أداة فعالة لمعالجة الصحة الذهنية وبناء جيل يتمتع بالصلابة النفسية، مشيرتين إلى أن الأبطال الملهمين يمنحون الأطفال الأمل والقوة، مما يستدعي استثمار قوة القصص لبناء مجتمع أكثر صحة وسعادة، وأنه على المجتمع أن يحترم ذكاء اليافعين ونضجهم، وأن التبسيط في خطابهم لا يعني الابتذال بل الوضوح والدقة. جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان “منارات الأمل”، أقيمت ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، استضافت الدكتورة أسماء علاء الدين، الكاتبة واستشارية العلاج النفسي، والكاتبة البريطانية نيكولا مورجان المعروفة بلقب “خبيرة عقول المراهقين”، حيث ناقشت الضيفتان أثر الضغوط الحديثة على الصحة النفسية للأجيال الجديدة، وأهمية مخاطبة اليافعين بلغة تحترم نضجهم وتدعمهم نفسيا ومعرفيا.

واستهلت الدكتورة أسماء علاء الدين حديثها بتسليط الضوء على الضغوط اليومية التي يواجهها الطلاب، مشيرة إلى أن الواجبات المدرسية، والامتحانات، والتنافس المستمر تجهد الطلاب يوميا، وتفرض عليهم ضغوطا نفسية متزايدة، كما تطرقت للحديث عن التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أوضحت أن “المقارنات المستمرة، والتنمر الإلكتروني، والمعلومات المضللة تؤثر سلبا في الصحة النفسية لليافعين والشباب”.

وأكدت علاء الدين أن العلاقات الشخصية المتقلبة وضغوط الأقران تدفع اليافعين إلى مواقف معقدة، مما ساهم في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بنسبة 25% خلال جائحة كوفيد-19، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، وعليه فإنها شددت على أهمية تمكين الشباب من التغلب على التنمر واكتشاف قوتهم الذاتية.

ودعت أسماء إلى استخدام لغة بسيطة وملائمة للأعمار المختلفة، مع الابتعاد عن التعقيد، واعتماد أسلوب مرح يركز على المشاعر، مؤكدة أن “السرد القصصي أداة فعالة لمعالجة الصحة الذهنية وبناء جيل يتمتع بالصلابة النفسية”، داعية إلى دمج القصص المؤثرة في المناهج الدراسية وإطلاق فعاليات وورش عمل ومنصات رقمية تواكب تطلعاتهم، وختمت بقولها “الأبطال الملهمون يمنحون أطفالنا الأمل والقوة؛ لنستثمر قوة القصص لبناء مجتمع أكثر صحة وسعادة”. من جهتها، تناولت الكاتبة نيكولا مورجان التحولات العميقة التي طرأت على العلاقات الإنسانية في العصر الرقمي، وقالت : ” في الماضي، كانت مصادر التأثير في حياة الأفراد محدودة للغاية، تقتصر غالبا على ما يرونه في منازلهم أو مدارسهم أو مجتمعاتهم القريبة، أما اليوم، ومع الانفتاح اللامحدود عبر الإنترنت أصبح الأطفال والكبار عرضه لسيل متدفق من الأفكار والنماذج والصور حول كيف ينبغي أن نبدو، وكيف ينبغي أن نعيش، وما الذي يجب أن نرغبه أو نصادقه”، مشيرة إلى أن الكثير من هذا المحتوى “قد لا يكون حقيقيا، بل أحيانا مصطنعا أو حتى مزيفا بالكامل، خاصة مع تطور الذكاء الاصطناعي”. وقالت مورجان “يمكن لأي شاب أن يتعرض بشكل مباشر وغير منظم إلى كميات هائلة من المحتوى، بعضه صحيح وبعضه بعيد تماما عن الواقع، مما يضاعف الحاجة إلى الحوارات الحقيقية مع الأسرة والمعلمين”.

وفي حديثها عن تجربتها الأدبية، شددت مورجان على أهمية مخاطبة اليافعين واحترام ذكائهم ونضجهم، قائلة: “أنا أكتب لهم كما أكتب للكبار الذين لا يعرفون كل شيء بعد”، مؤكدة أن التبسيط لا يعني الابتذال، بل الوضوح والدقة، وأشارت إلى أن أعمالها غير الروائية التي تناولت قضايا مثل القلق وضغوط المراهقة وبناء المرونة حرصت على تقديم المعرفة بأسلوب علمي شفاف يحفز القارئ على الفهم والنمو دون وصاية. أما عن رواياتها التخيلية، فرفضت مورجان اعتبار القصص وسيلة للوعظ المباشر، موضحة: “لم أكتب رواياتي لإيصال رسائل أخلاقية أو دروس مباشرة، بل سعيت إلى أن يعيش القارئ تجربة قصصية تحفزه على التفكير والشعور والتساؤل”.. مؤكدة أن القصص، حتى وإن طرحت مواضيع داكنة، “تحمل أملا في النهاية وتفتح نافذة نحو التغيير والنمو”.