مرافعة مصر أمام "العدل الدولية".. توثيق جديد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي

مرافعة مصر أمام "العدل الدولية".. توثيق جديد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي

من “حكم طابا التاريخى” لـ”جرائم إسرائيل”.. مصر تواجه الاحتلال الغاصب فى ساحة القضاء للمرة الثانية.. في توثيق جديد لجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التى ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلى فى غزة والأراضى الفلسطينية”.

مصر تقدمت بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية، وذلك اتصالا بطلب الرأي الاستشاري المقدم من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى المحكمة بشأن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
 
جاء ذلك في ظل استئناف إسرائيل لعدوانها الوحشي على غزة، والذي أسفر عن استشهاد 52,000 مدني بريء منذ أكتوبر 2023، غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك مع استمرار استهداف إسرائيل للمدنيين والبنية التحتية الضرورية لبقاء السكان الفلسطينيين على قيد الحياة.
 
ومع تكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلية لهجماتها ضد العاملين في المجالين الطبي والإنساني، الأمر الذي دفع بغزة إلى كارثة إنسانية. 
 
وسبق لمصر أن ترافعت أمام المحكمة في 21 فبراير 2024، حيث قدمت مرافعة تاريخية أدانت الانتهاكات الإسرائيلية، مؤكدة أن العدوان على غزة ليس دفاعا عن النفس بل حربا غاشمة تهدف إلى تقويض حق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما أعلنت مصر في مايو 2024 دعمها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام المحكمة بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، في خطوة وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ”الزلزال”.
 
44 دولة تترافع أمام المحمكة
 
تعقد محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع للمرافعات الشفوية خلال الفترة من 28 أبريل وحتى 2 مايو، وأعربت 44 دولة و4 منظمات دولية عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة التي تعقد في قصر السلام في لاهاي، مقر المحكمة.
 
هذه الجلسات تكتسب أهمية استثنائية لأنها تأتي بعد أشهر قليلة من الرأي الاستشاري التاريخي الذي أصدرته المحكمة في 19 يوليو 2024، والذي أكد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وطالب بإنهائه فوراً وإخلاء المستوطنات وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم.
 
كما أكدت المحكمة أن سياسات إسرائيل بما في ذلك التوسع الاستيطاني واستخدام الموارد الطبيعية تنتهك القانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
 
مرافعة مصر: انتهاكات الاحتلال مثبتة بالأدلة
 
مثل مصر أمام المحكمة كل من السفير حاتم عبد القادر مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية الدولية والمعاهدات، والمستشارة دكتورة ياسمين موسى المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية.
 
وشدد الوفد المصري خلال المرافعة على أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل جزءا من إجراءات واسعة النطاق وممنهجة وشاملة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتحقيق ضم فعلي للأراضي الفلسطينية.
 
ولفت الوفد إلى أن هذه السياسة مثبتة بالتصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك تشريعات الكنيست.
 
– تقويض دور الأونروا 
 
وأشار الوفد المصري إلى الاجراءات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتجفيف مصادر تمويلها، بهدف عرقلة حق العودة للشعب الفلسطيني، والذي يشكل ركنا أساسيا من حقهم في تقرير المصير المكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
 
– الإخلاء القسري والتهجير 
 
وأوضح الوفد المصري أن ذلك تزامن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر تحت ذريعة ما يسمى بـ”أوامر الإخلاء”، مما أدى إلى نقل الفلسطينيين قسرا إلى مناطق لا تتمتع بالمقومات الأساسية للمعيشة، وعرقلة وصول الإمدادات والخدمات الأساسية اللازمة للحياة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لخلق ظروف تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للحياة.
 
– سياسة التجويع والحصار
 
أشار الوفد المصري خلال المرافعة إلى أن إسرائيل دأبت منذ أكتوبر 2023 على استخدام سياسة التجويع والحصار الكامل على غزة كسلاح موجه ضد المدنيين بالقطاع، وأمعنت إسرائيل في استخدام ذلك السلاح بإغلاقها كافة المعابر إلى غزة بشكل متعمد وتعسفي، مما حال دون دخول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والإمدادات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
 
هذا، وركزت المرافعة المصرية على استعراض الدفوع القانونية التي تثبت وجود التزامات على عاتق إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الاتفاقية الخاصة بامتيازات وحصانات أجهزة الأمم المتحدة، فضلا عن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بضمان وتسهيل توفير الإمدادات والمساعدات العاجلة دون عوائق، وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
 
– انتهاك القانون الدولي
 
وأكد الوفد المصري أن إسرائيل أخلت بالفعل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي سواء بالسياسة الممنهجة لاستهداف المدنيين وممثلي المنظمات الإغاثية، أو بالإمعان في فرض عقبات قانونية وإدارية تعيق وتقيد وصول المساعدات الإنسانية.
 
– قصف معبر رفح.. شريان الحياة بغزة
 
إسرائيل قامت بتوجيه هجمات مباشرة على البنية التحتية الإنسانية، بما في ذلك قصف معبر رفح الحدودي بهدف تعطيله عن العمل والاستيلاء على الجانب الفلسطيني من المعبر، وما تبعه تنفيذ إسرائيل هجومها العسكري على مدينة رفح، التي كانت ملاذا لأكثر من مليون فلسطيني، ومركزا رئيسيا لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما ألحق أضرارا جسيمة بالعمليات الإنسانية وزاد من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي، ومع اضطرار الوكالات الإنسانية إلى الانسحاب حفاظا على سلامة موظفيها، توقف وصول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، والذي كان شريان الحياة لقطاع غزة.
 
– مطالب مصر من المحكمة
 
اختتم الوفد المصري المرافعة بطلب قيام المحكمة بالإعلان في رأيها الاستشاري أن:
 
– الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية يمثل انتهاكا مستمرا للقانون الدولي، وأن الالتزامات الإسرائيلية كقوة قائمة بالاحتلال تستمر في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين إنتهاء الاحتلال.
 
– إقرار المحكمة بالتزام إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بجبر الضرر الذي أحدثته وذلك من خلال رفع الحصار المفروض على غزة بشكل فوري وغير مشروط، وضمان وصول الإمدادات الأساسية للمدنيين بقطاع غزة على نطاق واسع وبشكل آمن عبر كافة المعابر المؤدية للقطاع، دون معوقات أو قيود.
 
– التنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن رقم 2735،.
 
– التوافق حول خطة إغاثة عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، وتيسير تنفيذها بكافة السبل المتاحة، والامتناع عن إعاقة وجود ونشاطات الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك الأونروا، وكذلك الدول الثالثة التي تقدم المساعدات الإنسانية.
 
– إلغاء القوانين غير المشروعة المتعلقة بالأونروا التي أقرتها إسرائيل، واحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة للأونروا وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، وضمان حمايتها.
 
– إعلان المحكمة أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يشمل حقه في السعي لتحقيق تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أرضه، بما في ذلك الحق في تلقي مساعدات التنمية من أجل التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وعدم تهجيره أو طرده من أرضه.
 
– الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني
 
السفير حاتم عبدالقادر مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية، مندوب مصر أمام محكمة العدل الدولية، أكد إن إسرائيل تحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، والدول الأعضاء بالأمم المتحدة عليهم أن يعترفوا بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مضيفا أنه على إسرائيل ضمان عمل المنظمات الإنسانية في غزة. 
 
وأشار إلى أن أونروا لم تتوقف عن تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين خاصة في مخيمات اللجوء، وندعو الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم السلطة الفلسطينية، مؤكدا أن الكنيست اتخذ عددا من القرارات لمنع وتجريم عمل أونروا.
 
وتابع، أننا وثقنا الاعتداءات الإسرائيلية على العاملين بالمجال الإنساني، وإسرائيل طالبت أونروا بوقف عملها في الأراضي المحتلة، وأن سياسات إسرائيل ضد أونروا تهدف لحرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على الخدمات الأساسية، ويجب على إسرائيل ألا تمنع الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير. 
 
وأوضح أن هناك 160 اتفاقا دوليا تضمن عمل الأونروا، وعلى إسرائيل التراجع عن التدابير التي اتخذتها لمنع عمل وكالة أونروا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. 
 
وأكد أنه يجب عدم الإخلال بأي حق من حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومن بينها حق العودة، وأونروا هي المنظمة التي تمثل الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، والقانون الدولي الإنساني يقر بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، مؤكدا انه يجب على إسرائيل الوفاء بالتزاماتها كدولة احتلال، وإسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها، وعلى إسرائيل الالتزام بالقوانين الدولية كعضو بالجمعية العامة للأمم المتحدة
 
فتح تثمن مرافعة مصر
 
ثمن المتحدث باسم حركة فتح الفلسطينية إياد أبو زنيط، موقف مصر الذي عبرت عنه أمام محكمة العدل الدولية فيما يخص أهمية حق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير.
 
وقال أن هذا الموقف يعيد وضع القضايا الأساسية مثل حق العودة أمام العالم، مشددا على أن الحركة تؤيد هذا الموقف.
 
وأضاف أن هذه الخطوات تأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى إعادة النظر في حقوق الفلسطينيين بشكل جاد وليس فقط في جوانب النزاع العسكري.
 
ونوه بأن الموقف الدولي لا يتماشى مع العدالة، فيما تواصل إسرائيل انتهاك المعايير الدولية من خلال سياسة الضم وفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية.
 
وشدد على ضرورة إعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية في هذا التوقيت الحساس، مشيرا إلى أن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية تتعلق بالمساعدات الإنسانية أو دخول الأدوية، بل هو جزء من معاناة شعب فلسطيني تحت الاحتلال منذ أكثر من 70 عاما.
 
ولفت إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب وأرض قبل أن تكون مسألة حرب على غزة أو صراع عسكري.
 
أهمية الرأى الاستشاري 
 
الرأي الاستشاري المرتقب من محكمة العدل الدولية، رغم أنه غير ملزم من الناحية الفنية، إلا أنه سيشكل سابقة قانونية مهمة ومرجعا أساسيا للمجتمع الدولي في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية.
 
الرأي الاستشاري المرتقب يؤكد على التزامات إسرائيل كقوة احتلال بتسهيل عمل المنظمات الدولية، وخاصة الأونروا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وقد يشكل أساسا لإجراءات لاحقة في الجمعية العامة أو مجلس الأمن لفرض عقوبات على إسرائيل في حال استمرار انتهاكاتها.
 
مرافعات مصرية تاريخية 
 
في 21 فبراير 2024.. قدمت مصر مرافعة تاريخية ، أمام محكمة العدل الدولية، حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967…بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المقدم إلى محكمة العدل الدولية لطلب منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الآثار القانونية المترتبة على الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة 
 
 حيث قدمت الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، المرافعة المصرية أمام المحكمة.
 
ووثقت المستشارة القانونية ياسمين موسى أمام محكمة العدل الدولية، جرائم الاحتلال في بضع كلمات لخصت الواقع الذي يعانيه الفلسطينيين منذ 75 عاما، وشاركت بمرافعاتها في جلسات استماع بمحكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية.
 
هذه المرافعة هي المرافعة الثانية بعد وقوف مصر أمام إسرائيل بشأن النزاع على طابا.
 
قضية طابا
 
في عام 1988، وقفت  مصر أيضا قبل نحو 36 عاما فى تواجه أكاذيب الاحتلال الإسرائيلى فى ساحة العدل التى أنصفتها فى نهاية الأمر.
 
حكمت محكمة العدل الدولية بلاهاي بأحقية مصر فى طابا، وأنها تابعة للأراضي المصرية، وذلك بعد مرافعات دامت لمدة 3 أسابيع.
 
وفى النهاية صدر حكم لصالح مصر فى داخل قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف، فى حضور وكيلى الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين، بأغلبية 4 أصوات والاعتراض الوحيد من الجانب الإسرائيلي، ووقع الحكم فى 230 صفحة.