تفاصيل أكبر طرح للوحــدات السكنية فـى المدن الجديدة

تفاصيل أكبر طرح للوحــدات السكنية فـى المدن الجديدة

يضم 400 ألف شقة لكل الفئات

أعلنت الحكومة ممثلة فى وزارة الإسكان عن أكبر طرح للوحدات السكنية بعدد من المناطق والمدن الجديدة لمحدودى ومتوسطى الدخل، وذلك على الموقع الإلكترونى لبنك التعمير والإسكان، بالتعاون بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وبنك التعمير والإسكان، ومنصة مصر العقارية، حيث يبلغ عدد الوحدات المطروحة فى المرحلة الأولى نحو 25 ألف وحدة سكنية، من إجمالى 400 ألف وحدة سكنية.

وأوضحت الحكومة أن المرحلة الأولى للوحدات  تشمل مشروعات (ديارنا – جنة وسكن مصر – إسكان حر – إسكان متنوع)، بهدف التنوع فى طرح الوحدات السكنية لتلبية مختلف شرائح الدخل، ويأتى ذلك فى ظل سعى الحكومة إلى تنفيذ تصدير العقار.

وأكد النائب طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن تدخل الدولة فى قطاع الإسكان يتم وفق رؤية استراتيجية متكاملة تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية، تستهدف من خلالها تلبية احتياجات مختلف شرائح المجتمع، وتُحقق فى الوقت ذاته توازنًا حقيقيًا داخل السوق العقارى المصري، فالمحور الأول يتمثل فى مشروعات الإسكان الاجتماعي، والتى تمثل ترجمة فعلية لدور الدولة فى دعم المواطنين محدودى الدخل، موضحًا أن هذه الفئة تحصل على دعم ثلاثى من الدولة، يشمل توفير الأراضى بالمجان، ومد المرافق والخدمات دون تحميل المواطن أى أعباء، وإتاحة التمويل العقارى بفائدة مدعومة لا تتجاوز 8% على 20 عامًا، مقارنةً بالفائدة السوقية التى تصل إلى نحو 28%.

وأوضح شكري، أن هذا البرنامج موجه فقط للمواطن الحقيقى المحتاج، وليس لمن يمتلك وحدات سكنية أخرى أو من يملك القدرة على الشراء الحر، وهو بذلك يُحقق بعدًا اجتماعيًا وإنسانيًا بالغ الأهمية، وأن الدولة لم تقتصر فى دعمها على محدودى الدخل فقط، بل توسعت لتشمل الطبقة المتوسطة، التى تواجه صعوبات فى شراء وحدات من القطاع الخاص بأسعاره الحالية، مشيرًا إلى أن مشروعات مثل دار مصر، وسكن مصر، وجنة، تلعب دورًا محوريًا فى توفير وحدات لهذه الفئة، بمساحات وأسعار مختلفة لتناسب احتياجاتهم.

وتابع وكيل لجنة الإسكان، إن الدولة نجحت فى تقديم نموذج ناجح للطبقة المتوسطة، بأسعار واقعية تراعى التكلفة، وهو ما انعكس على حجم الإقبال الكبير من المواطنين فى كل طرح جديد، بما يؤكد أن المنتج مناسب وسعره مقبول، أما المحور الثالث، فيخص وحدات الإسكان الفاخر، والتى يتولاها القطاع الخاص، حيث تقدم وحدات بمستويات أعلى وسعر أعلى، وهو ما يترك للدولة فرصة للتركيز على الشرائح التى تحتاج بالفعل إلى تدخل مباشر لضبط السوق وتوفير البدائل.

وشدد على أن الدولة تلعب دورًا توازنيًا مهمًا بين هذه المحاور الثلاثة، بما يضمن استقرار السوق العقاري، وتوفير وحدات سكنية لكل شرائح المجتمع، من غير القادر إلى الباحث عن مستوى أعلى من الرفاهية”.

وفيما يتعلق بالحديث المتكرر عن وجود فقاعة عقارية فى السوق المصري، نفى وكيل لجنة الإسكان ذلك جملة وتفصيلًا، موضحًا أن هذا المصطلح غير واقعى فى السياق المصري، فالفقاعة العقارية تعنى أن الأسعار ترتفع بشكل غير مبرر نتيجة تزاحم غير طبيعى على الشراء، وهو ما لا يحدث فى مصر حاليًا، بل على العكس، هناك وفرة كبيرة فى المعروض، خاصة من القطاع الخاص، مقابل تراجع فى القدرة الشرائية للمواطنين.

وأضاف: “الفقاعة لا تحدث إلا إذا توفر تمويل عقارى بنسبة 100%، أو إذا كان الناس يشترون عقارات بأموال ليست من مدخراتهم، وهو ما لا يحدث حاليًا. المشترى المصرى يشترى من ماله الخاص، ويحرص على الحفاظ على وحدته، ولا توجد مؤشرات على انتفاخ مصطنع فى الأسعار”.

وأوضح شكرى أن السوق فى حاجة فعلية إلى تنشيط حركة الشراء، خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة أسعار مواد البناء والطاقة، مما أدى إلى تآكل قدرة المواطنين على الادخار، ورغبة المواطنين فى التملك ما زالت قائمة وقوية، ولكن حلقة الوصل بين المطور والمشترى تحتاج إلى دعم أكبر من خلال آليات تمويل عقارى واقعية وميسرة، تُعيد الزخم للسوق وتحرك عجلة البناء، مؤكدًا على أن الدولة، من خلال جهودها فى محاور الإسكان المختلفة، تُمارس دورًا ناجحًا ومتوازنًا بين دعم المواطن، وتحقيق التوازن فى السوق، وتفادى أى مخاطر اقتصادية أو اجتماعية مستقبلية.

من جانبه أكد صبرى الجندي، مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، أن الطروحات الجديدة التى أعلنت عنها الحكومة ممثلة فى وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية، تُعد خطوة مهمة ومحاولة جادة لتحريك حالة الركود التى يشهدها السوق العقارى المصرى فى الفترة الأخيرة.

وقال الجندي، إن هذه الوحدات السكنية التى تطرحها الدولة تأتى بأسعار تقل كثيرًا عن الأسعار التى يطرحها المطورون العقاريون فى السوق، مما يوفر فرصة حقيقية لشريحة معينة من المواطنين، ممن لا تسمح إمكانياتهم المالية بمواكبة الأسعار المطروحة من القطاع الخاص، وأن ما تفعله الحكومة الآن يُعد تحركًا ذكيًا لتحفيز السوق العقاري، وخاصة بين فئة المواطنين الراغبين فى التملك ضمن إمكانيات محدودة، خصوصًا مع تسهيلات التمويل العقارى التى تتيح لهم التقسيط على فترات زمنية طويلة، مما يعزز فرص التملك بشكل أكثر واقعية.

ورداً على ما إذا كانت هذه الطروحات ستُحدث تأثيرًا سلبيًا على السوق أو ستؤدى إلى تفاقم حالة الركود، أكد الجندى أن ما يجرى هو العكس تمامًا، موضحًا أن الإقبال الضخم على هذه الوحدات فى كل مرة تطرحها فيها الدولة، يعكس مدى احتياج السوق لهذه النوعية من الطروحات، كما الإقبال على هذه الوحدات يفوق بكثير عددها، لأن من يتقدم للشراء لا يقتصر على راغبى السكن فقط، بل يشمل أيضًا من يرغبون فى الاستثمار أو الادخار، حيث يعتبر الكثيرون أن شراء العقار وسيلة آمنة لحفظ قيمة المال، خاصة فى ظل تراجع قيمة العملة.

أوضح الجندى أن ما يُعرف بتصدير العقار يعنى بيع وحدات عقارية لمشترين أجانب أو عرب، أيًا كانت جنسيتهم، وتشجيعهم على الاستثمار العقارى فى مصر، من خلال تقديم تسهيلات وتيسيرات فى إجراءات التملك، وأن بيع وحدات سكنية لمواطنين من أوروبا أو من دول الخليج هو تصدير حقيقى للعقار، ويُعد أحد روافد جذب العملة الصعبة. ولكن رغم أهميته، فإن تأثيره على الأسعار المحلية محدود للغاية، نظرًا لأن عدد هذه الوحدات المخصصة للأجانب يبقى ضئيلًا مقارنة بالمعروض الكلي.

وأشار مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق إلى أن أسعار القطاع الخاص تحكمها معادلات مختلفة تمامًا عن تلك التى تحكم طروحات الدولة، موضحًا أن الشركات العقارية الخاصة قد تطرح المتر بأسعار تصل إلى 30 و40 ألف جنيه، وهو ما يصعب مقارنته بوحدات الدولة التى تُطرح بـ4 أو 5 آلاف جنيه للمتر، وأن من يشترى فيلا بـ40 مليون جنيه لن ينظر إلى شقة سعرها 400 ألف.. السوق له شرائحه، والدولة تستهدف بشرائحها المختلفة فئات معينة من المواطنين.

نفى الجندى وجود فقاعة فى السوق العقارى المصري، موضحًا أن مثل هذه الفقاعات تؤدى إلى انهيارات شاملة فى السوق، وهو ما لم يحدث. وقال: “لو كنا نعيش فى فقاعة عقارية، كانت البنوك ستتأثر مباشرة، خاصة أن المطورين العقاريين لديهم التزامات مالية ضخمة، وقروض بمليارات الجنيهات، ولو حدث انهيار فعلي، لعجز هؤلاء عن السداد، وانهارت المنظومة بالكامل، وهو ما لم يحدث”.

قال الجندى إن الرواج فى السوق العقارى – نتيجة زيادة الإقبال على وحدات الدولة – سيؤدى بالضرورة إلى زيادة الطلب على مواد البناء ومستلزمات التشييد، وهو ما ينعكس إيجابًا على القطاع الصناعى المرتبط بالعقار، ونحن ننتج الآن من الأسمنت والحديد أكثر مما نستهلك، وإذا زاد الطلب، سنعيد التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، مما يُنعش قطاعًا اقتصاديًا كبيرًا يعمل فيه ملايين المصريين.

ودعا الجندى إلى ضرورة وضع ضوابط صارمة لعدم المغالاة فى أسعار مواد البناء، لا سيما وأنه لا يُعقل أن ترتفع الأسعار بهذا الشكل، خاصة أن هناك جهات قد تتفق – ضمنيًا أو علنًا – على تحديد أسعار موحدة حتى فى الأسواق الحرة، مثل ما يحدث فى الغذاء والكساء وغيره، مؤكدًا على أن السوق العقارى لا يزال جاذبًا، ولكن يحتاج إلى إدارة متوازنة ما بين العرض والطلب، وسياسات حكومية تستهدف مصلحة المواطن أولًا.

وفى سياق متصل أكد الدكتور ماجد عبد العظيم، خبير العقارات، أن مشروعات الإسكان التى تطرحها الدولة لمحدودى الدخل تلعب دورًا محوريًا فى معالجة أزمة السكن، وتُساهم بشكل مباشر فى حل عدد من القضايا الاجتماعية المرتبطة، وعلى رأسها صعوبة الزواج بسبب غلاء أسعار الوحدات السكنية، كما إن أسعار العقارات فى القطاع الخاص أصبحت مرتفعة للغاية، ولا تتناسب مع إمكانيات الشباب محدودى الدخل، وهو ما يجعل من مشروعات الدولة المدعومة ضرورة ملحة، وليس مجرد خيار إضافى فى السوق.

وأضاف عبد العظيم إن الشاب لا يستطيع شراء شقة بمليون أو مليون و200 ألف جنيه وهو فى بداية حياته، لذلك فإن تدخل الدولة لتوفير وحدات سكنية بأسعار معقولة هو دور اجتماعى فى غاية الأهمية، ويُساعد فى علاج مشكلة العنوسة، ومشكلة ارتفاع الأسعار بشكل عام، مشيرًا إلى أن الدولة لا تكتفى بطرح الوحدات، بل تعمل على التوسع الأفقى فى مختلف محافظات الجمهورية، وليس فقط فى مناطق بعينها، وهو ما يساهم فى توزيع التنمية والتخفيف من الضغط على المدن الكبرى.

وأوضح أن مصر بها 27 محافظة، والدولة تعمل على التوسع العمرانى فى معظمها، مع التركيز على الشكل الجمالى للمباني، وتوفير الخدمات والمرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحى والغاز والاتصالات، فضلًا عن وسائل النقل، وكلها عوامل تُعزز من نجاح المشروعات العقارية المدعومة”.

وعن تأثير كثافة الطروحات على السوق العقاري، نفى الدكتور ماجد عبد العظيم أن يكون لذلك أى تأثير سلبي، موضحًا أن معدل الزيادة السكانية فى مصر يصل إلى 2.5% سنويًا، وهو ما يعنى أن السوق بحاجة دائمة إلى المزيد من الوحدات السكنية، ونحن نتحدث عن نحو 2.5 مليون مواطن جدد كل عام، معظمهم من محدودى ومتوسطى الدخل، وهم يمثلون الشريحة الكبرى من المجتمع، فى حين لا تتجاوز نسبة الأثرياء 10% من السكان، ما يُبرر استمرار التوسع فى طروحات الإسكان المدعوم دون القلق من الركود.

وشدد على أن السوق العقارى لمحدودى الدخل منفصل تمامًا عن سوق العقارات الفاخرة، قائلاً: “المطور الخاص لا يبنى شققًا لمحدودى الدخل لأنه لا يحقق فيها أرباحًا، بينما الدولة تتحمل تكلفة الدعم للوصول إلى أسعار مناسبة، ما يُبقى الطلب قائمًا ومتصاعدًا”.

وعن الجدل المتكرر حول وجود فقاعة عقارية، قال عبد العظيم: الحديث عن فقاعة عقارية فى مصر غير دقيق، لأن المفهوم يشير إلى انتفاخ غير منطقى فى الأسعار نتيجة مضاربات واسعة، وهذا لا ينطبق على السوق المصرى حاليًا، وما يحدث هو أن هناك ارتفاعًا جزئيًا فى الأسعار، وبعضه مبرر بزيادة أسعار مواد البناء والأراضي، لكن البعض الآخر غير مبرر. ومع ذلك، لا يمكن اعتباره فقاعة عقارية، بل يمكن وصفه بأنه تباطؤ نسبى فى معدلات البيع.

واستدل عبد العظيم على ذلك بقيام شركات التطوير العقارى الكبرى بمد فترات السداد حتى 12 سنة، بل وتقديم عروض مثل التقسيط بدون مقدم أو تأجيل أول قسط لعدة أشهر، موضحًا أن هذه مؤشرات على تباطؤ فى الطلب، وليست دلالة على انهيار أو أزمة.

وتطرق الخبير العقارى إلى مفهوم “تصدير العقار”، مؤكدًا أن هذا المفهوم يشير إلى بيع العقارات داخل مصر لغير المصريين، بهدف جذب العملة الأجنبية، وأن بعض الشركات تبيع وحداتها بالدولار، مثل بعض المشروعات فى الجونة والساحل الشمالى والبحر الأحمر، وأن الدولة تُدرك أهمية هذا التوجه كأحد روافد تعزيز الاحتياطى النقدي، سواء من خلال البيع المباشر أو من خلال مشروعات السياحة العقارية، أو أنظمة التملك المؤقت مثل الـ “تايم شير”، مؤكدًا فى الوقت ذاته ضرورة إجراء استعلامات أمنية دقيقة عند بيع العقارات لغير المصريين.