أبو الغيط: ندعو أصدقاء السلام لدعم حل الدولتين

فى الإجتماع الـ 163 لوزراء الخارجية العرب
عُقدت بمقر جامعة الدول العربية أعمال الدورة ال١٦٣ لمجلس وزراء الخارجية العرب برئاسة الأردن، وبمشاركة أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة والسفير حسام زكي الأمين العام المساعد ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي رئيس الدورة الجديدة ووزير الخارجية اليمنى شائع الزندانى رئيس الدورة السابقة وعدد من الوزراء والممثلين لهم.
تعاون مشترك
وتضمن جدول الأعمال عدد من البنود على رأسها بند القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى بما فى ذلك متابعة التطورات السياسية للقضية والانتهاكات الإسرائيلية فى غزة والقدس وباقى الأراضى الفلسطينية. وناقشوا التوصيات المرفوعة من اجتماع وزراء المالية والاقتصاد العرب والمجالس الوزارية العربية وتوصيات اجتماع كبار المسؤولين والمندوبين العامين كما بحثوا عددًا من التقارير التى أعدتها الأمانة العامة بشأن المسائل المتعلقة بتعزيز العمل العربى المشترك واعتمد الوزراء القرارات المتعلقة بتكريس التعاون العربى على كافة المستويات وفى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، ومتابعة تنفيذ المبادرات التى تقدمت بها الدول ليتم رفعها إلى القمة العربية التى ستُعقد فى بغداد ١٧ مايو المقبل.
مسئولية جماعية
وبدأ الاجتماع بكلمه ألقاها الوزير اليمنى قبل تسليم الدورة للأردن وأكد فيها تقديره للمواقف المشرفة التى رافقت فترة رئاسة اليمن للدورة السابقة والتى عكست حرصا جماعيا ومسئولية عالية فى التعامل مع التحديات التى تواجه الأمة العربية، مشيرًا إلى أن الاجتماعات واللقاءات التشاورية من الركائز الأساسية فى تعزيز التضامن العربى ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية ومنصة حيوية لتبادل الرؤى واتخاذ القرارات فى ظروف دقيقة وحساسة تم التمكن من خلالها من تحقيق توافق فى مقاربة الأزمات ومواجهة المخاطر المشتركة.
أما وزير خارجية الأردن فقال إن الأردن خلال رئاسته للدورة الجديدة الـ163 سيعمل على تفعيل العمل الجماعى لخدمة مصالح الشعوب العربية والاسهام فى تحقيق الأمن والاستقرار للدول العربية والذى لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية مؤكدا على أن الأولوية ستكون وقف إطلاق النار فى قطاع غزة مشيرا لما يتعرض له الشعب الفلسطينى من قتل وتجويع وشدد على أن العمل مستمر من أجل التوصل لوقف الحرب وأشاد فى النهاية بجهود كل من مصر وقطر والولايات المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار.
الذكرى الثمانون لتأسيس الجامعة العربية
وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: نحيى هذه الأيام الذكرى الثمانين لتأسيس الجامعة العربية وهى ذكرى عزيزة علينا جميعاً تمر علينا فنشعر بالفخر لاستمرار هذا المشروع من العمل الجماعى العربى عقوداً طويلة وصموده أمام رياح الزمن العاتية وعواصف التغيير التى طالت المنطقة والعالم وفى نفس الوقت نشعر أيضاً بالأسى فالوضع العربى يواجه أوضاعاً هى الأقسى فى تاريخه الحديث والمعاصر وهناك دولاً مهددة فى وجودها ودولاً تنهش فى جسدها أمراض الفتنة والإحتراب الداخلي. فبلد عربيى عزيز مثل السودان يواجه أزمة إنسانية هى الأكثر حدة على وجه الأرض اليوم وليس الوضع فى اليمن بأفضل حالاً والأسباب فى الحالين سياسية ولكن الثمن الذى تدفعه الشعوب فادح وبما يفوق الوصف. أما التحديات التى تواجهها ليبيا وسوريا والصومال فهى متعددة الأبعاد شديدة الوطأة على الشعوب وكيانات الدول.
وبرغم هذه الصورة القاتمة فى بعض جوانبها فإن العروبة كفكرة جامعة ومنفتحة وكحقيقة ثقافية وتاريخية قائمة وممتدة ما زالت تمثل النسيج الرابط لأوصال هذه المنطقة ومازالت هذه المنظمة، وبعد ثمانية عقود، هى المظلة التى تضمنا بكل همومنا المشتركة وتطلعاتنا وأحلامنا هى الإطار الذى ينتج مواقف عربية جماعية حيال كافة القضايا والأزمات والتحديات وهى السقف الذى نتوافق تحته على المصلحة العربية العليا ومقتضياتها.
حرب إبادة
وأضاف: لم يعد خافياً على أحد فى العالم أن إسرائيل تمارس حرب إبادة على سكان غزة فإما الموت قتلاً أو جوعاً أو ترك الأرض لتصبح نهباً للاستيطان والاحتلال وهذه الحرب الوحشية على المدنيين تتواصل يومياً بالقصف والقتل وهدم المنازل وبالحصار والتجويع ومنع إدخال المساعدات بعد هدنة استمرت ما يقرب من شهرين شهدت تبادلاً للأسرى وعودة للرهائن، وتخفيفاً للوضع الإنسانى المستحيل فى غزة عادت إسرائيل لتستأنف حرب الإبادة فى 18 مارس الماضى ويقترب عدد الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا على يد الاحتلال منذ هذا التاريخ من الألفى شهيد بالإضافة إلى إغلاق القطاع بالكامل أمام المساعدات والمواد الغذائية والصحية على نحو أدخل القطاع وسكانه فى وضع هو الأسوأ والأشد وطأة على الإطلاق منذ أكتوبر 2023. ولم يعد هناك شك فى أن التطهير العرقى هو هدف الحرب وللأسف ساعد طرح سيناريو التهجير فى إعطاء دفعة غير مسبوقة لخطط اليمين الإسرائيلى الأشد تطرفاً وقسوة لإعادة احتلال أجزاء من القطاع وفرض حصار كلى عليه وفرض واقع من القتل اليومى على الفلسطينيين ودفع العالم كله لتقبل هذا الوضع باعتباره أمراً طبيعياً، وصمت العالم على هذا الوضع المتجرد من الإنسانية هو صمت مخزٍ ومشين. رغم وجود اصوات عادله وإنسانيه مثل مواقف البابا الراحل (فرنسيس) الذى فارق عالمنا قبل ثلاثة أيام والذى كان صوتاً فريداً للإنسانية والضمير فى زمن اختار فيه الكثيرون أن يعطوا ظهورهم لهذه القيم وظل حتى اللحظة الأخيرة وقبل وفاته بساعات منحازاً للحق والإنسانية مطالباً بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدة لشعب غزة الذى يتضور جوعاً ويتوق شوقاً إلى مستقبل يسوده السلام كما قال بنص كلماته فى عظته الأخيرة.
رفض التهجير
ولقد عبر الجانب العربى عن موقفه الواضح الداعى لوقف حرب التطهير العرقى فوراً ورفض سيناريو التهجير غير الواقعى وغير القانونى وقدم طرحاً بديلاً فى قمة القاهرة فى مارس الماضي. وهو طرح واقعى وعملياً وقابل للتطبيق للتعافى المبكر وإعادة الإعمار وإدارة القطاع على نحو يتجنب اندلاع مواجهات فى المستقبل ويمهد الطريق لتجسيد حل الدولتين الذى لا نرى بديلاً عنه كسبيل للاستقرار والسلام فى المنطقة ونتطلع جميعاً إلى دعم أصدقائنا وأصدقاء السلام عبر العالم من أجل إنقاذ هذه الرؤية وهذا الحل من مخططات اليمين المتطرف ذى النزعات التوسعية فى إسرائيل ونتطلع إلى المؤتمر الذى يعقد فى يونيو القادم فى رحاب الأمم المتحدة وبرئاسة سعودية فرنسية مشتركة ليمثل نقلة نوعية فى التعامل مع حل الدولتين على نحو يدفع به من مجال التأييد الخطابى إلى التطبيق العملى والتجسيد الفعلي.
ومن جهة أخرى قال:
لا تقف أطماع المتطرفين فى حكومة إسرائيل عند حدود فلسطين إذ صار واضحاً ما يسعون إليه من فرض واقع جديد على المنطقة واقع من التوتر المستديم والعنف اليومى والغارات المتواصلة والمناطق العازلة التى تتغول على سيادة البلدان العربية وتقتطع الأراضى من إقليمها تحت ذرائع كاذبة، وهذه السياسة التوسعية العدوانية تدفع بالمنطقة إلى آتون الصراعات وتضرب أسس السلام القائم وتضعف فرص السلام الدائم فى المستقبل وفى هذا الإطار ندين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضى السورية وتغولها على سيادة الدولة وإقليمها ومساعيها المكشوفة لتأجيج الفتن والصراعات الداخلية فى هذا البلد كما ندين اعتداءات إسرائيل المتواصلة على لبنان وخروقاتها المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار وندعو دول العالم للضغط على دولة الاحتلال والاستيطان للانسحاب من الأراضى العربية، فالتصورات التوسعية لليمين الإسرائيلى وسياساته المتهورة لن تقود لرسم شرق أوسط جديد كما يعلن بعض قادته وإنما تؤسس للكراهية وتؤصل للعنف وتزج بالمنطقة فى حلقات لا تنتهى من الصراع.
جراح عربية
واختتم حديثه قائلًا: إن جراحاً عربية ما زالت مفتوحة وأخطرها جرح فلسطين النازف، ولكن الدول الأعضاء فى هذه المنظمة لازالت تسعى لمواجهة التحديات بمنطق العمل الجماعى وبروح العروبة وأحسب أن رياح التغيرات العالمية المتسارعة والتى تكاد تقتلع الراسخ من القواعد والمألوف من المعايير، وهذه الرياح العاتية تحملنا على التشبث بهذا السقف والاحتماء بذلك الجدار ففى أوقات مثل هذه تغيم فيها الرؤية ويشتد انعدام اليقين و يبقى العمل الجماعى ملاذاً وسبيلاً وتظل العروبة حضناً وسنداً وباعثاً للثقة فى المستقبل بإذن الله.
لبنان وليبيا
وعلى هامش الاجتماع عقد الأمين العام عدة لقاءات منها لقاؤه مع يوسف رجى وزير خارجية لبنان وتناول اللقاء مجمل الأوضاع العربية وأكد الأمين العام على أهمية تنفيذ القرار ١٧٠١ والالتزام الإسرائيلى بوقف إطلاق النار والانسحاب من كامل الأراضى اللبنانية، مجددًا دعم الجامعة للحكومة اللبنانية فى جهودها لاستعادة الاستقرار وتحقيق حصرية السلاح بيد الدولة. واستمع باهتمام للعرض الذى قدمه الوزير اللبنانى للأوضاع فى بلاده والموقف الإقليمى بوجه عام.
بالإضافة إلى لقائه بالطاهر الباعور وزير الخارجية المكلف بدولة ليبيا. وتناول اللقاء بحث مبادرة الجامعة العربية لتيسير الحوار بين الرئاسات الليبية وسبل استئنافها بالإضافة إلى مناقشة مجمل تطورات الأوضاع فى ليبيا.
وجدد أبو الغيط التأكيد على حرص الجامعة على تحمل مسؤولياتها الأصيلة تجاه ليبيا استنادًا إلى ملكية الليبيين للعملية السياسية مع استعداد الجامعة الدائم لمرافقة الليبيين نحو إيجاد الحلول المناسبة لهم، كما تم توقيع الجانبين على اتفاق بشأن تسوية متأخرات مساهمة دولة ليبيا فى موازنة الأمانة العامة.
عنصرية
كما عقدت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولى لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية فى مدينة القدس المحتلة برئاسة الأردن اجتماعها التاسع وتضم اللجنة فى عضويتها كل من مصر والسعودية، البحرين بصفتها رئيس القمة العربية الحالية وفلسطين، الجزائر، قطر، المغرب، تونس، والأمين العام للجامعة، واستمعت اللجنة لإحاطة من وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية (فارسين شاهين)، والتى أكدت على ضرورة تضافر الجهود العربية والدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى غير القانونى للأرض الفلسطينية بما فيها مدينة القدس، ووقف جرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير، التى ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، والتى تستهدف أيضاً مدينة القدس ومواطنيها ومقدساتها، وتتنافى مع القانون الدولى والشرعية الدولية والقيم الإنسانية، وتهدد السلم والأمن الدوليين مسيرة إلى أنه مازال الشعب الفلسطينى يواجه ابشع سياسات الفصل العنصرى الهادفة لتهجيره من المدينة وتهويدها.
وأكد أعضاء اللجنة على رفض وإدانة السياسات الإسرائيلية المستهدفة الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للقدس ومقدساتها والتى تخرق الوضع التاريخى والقانونى القائم فيها، وأكدوا على تعزيز العمل العربى المشترك لمواجهة هذه السياسات والإجراءات الاسرائيلية اللاشرعية التى تستهدف تغيير الوضع التاريخيّ والقانونى القائم وعلى مواجهة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى مدينة القدس المحتلة، وأكدوا أيضا على ضرورة دعم صمود أهل القدس وحمايتهم من الخطر المستمر الذى تمثله سياسة بناء المستوطنات وتوسيعها وهدم المنازل ومصادرة الأراضى وتهجير الفلسطينيين من منازلهم.
كما أدان أعضاء اللجنة اقتحامات وزراء ومسؤولين إسرائيليين متطرفين للمسجد الأقصى المبارك الحرم القدسى الشريف، والخطوات التصعيدية من قبل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الرامية لتغيير الوضع التاريخيّ والقانونى فى القدس ومقدساتها وفرض وقائع وممارسات جديدة وصولاً إلى التقسيم الزمانى والمكانى فى المسجد الأقصى المبارك.