الهند وباكستان .. أكبر تصعيد عسكري منذ 8 عقود ودعوات دولية للتهدئة

الهند وباكستان .. أكبر تصعيد عسكري منذ 8 عقود ودعوات دولية للتهدئة

في مشاهد أعادت للأذهان جروح تاريخية لم تندمل .. ووسط مخاوف من نشوب حرب طاحنة بين قوتين نوويتين.

تبادلت الهند وباكستان القصف المتبادل عبر معظم خط وقف إطلاق النار في كشمير، في أسوأ قتال منذ أكثر من 20 عاما بين الخصمين القديمين.
 
المواجهة العسكرية تمثل الأحدث في سياق نزاع طويل على مدار 8 عقود بين الجارتين النوويتين اللتين خاضتا 3 حروب، منذ استقلالهما عن بريطانيا في عام 1947، وتراجعتا عن شفا حرب رابعة .. معظمها بسبب إقليم كشمير المتنازع عليه.
 
ووفق التقارير الدولية شكلت هذه الضربات أكبر هجوم هندي على باكستان منذ أكثر من نصف قرن، ومثلت أسوأ مواجهة بين القوتين النوويتين منذ عام 2019 .
 
ووسط التوترات المتزايدة.. انطلقت ردود الأفعال المستنكرة للهجمات ودعوات دولية للتهدئة وضبط النفس.
 
* ماذا حدث؟
 
قصفت الهند الليلة الماضية 9 مواقع داخل باكستان قائلة إنها “بنية تحتية تابعة لإرهابيين مسؤولين عن هجوم إرهابي مسلح دام على الجانب الخاضع لسيطرة الهند في منطقة كشمير المتنازع عليها” في 22 إبريل الماضي، والذي أودى بحياة 26 شخصا، وهي مزاعم نفتها باكستان مراراً.
 
وأكد متحدث عسكري باكستاني أن القصف تركز في نقاط عديدة عبر الحدود بين البلدين.
 
 الجيش الهندي اكد مقتل 10 مدنيين وإصابة 35 بالقصف الباكستاني على الشطر الذي تسيطر عليه نيودلهي من كشمير.
 
وفي المقابل، أكد الجيش الباكستاني مقتل 26 مدنيا وإصابة 46 آخرين في غارات نفذها الجيش الهندي على مرحلتين استهدفت 6 مواقع داخل باكستان.
 
يشار الى أن كشمير، واد خلاب في جبال الهيمالايا، يقع بين الهند وباكستان، وهما دولتان نوويتان تسعيان للسيطرة على المنطقة منذ ما يقرب من 80 عاما.
 
* من أشعل فتيل الأزمة؟
 
الأحداث التي اشتعلت في الساعات الأولى من الأربعاء، كانت بدايتها في الثاني والعشرين من أبريل، عندما فتح مسلحون النار في كشمير التي تديرها الهند، على سياح في وجهة سياحية شهيرة في منطقة بها ألغام جبلية.
 
وقتل ما لا يقل عن 25 مواطنا هنديا وأحد المواطنين النيباليين في المذبحة التي وقعت في واد لا يمكن الوصول إليه إلا سيرا على الأقدام أو على ظهر الخيول.
 
بينما نفت باكستان تورطها في الهجوم. 
 
ولم تتهم الهند أي مجموعة علنا بالهجوم لكنها بررت تحركاتها الانتقامية بأنها رد على ما وصفته بـ “دعم باكستان للإرهاب عبر الحدود”.
 
* مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع بجنوب آسيا 
 
أكدت وزارة الخارجية أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الراهنة بين جمهورية الهند وجمهورية باكستان، والتي شهدت تبادل القصف، مما أسفر عن وقوع عدد من الضحايا والمصابين، وتؤكد على أهمية بذل كافة المساعي لتحقيق التهدئة ونزع فتيل الأزمة، تفاديا لانزلاق المنطقة إلي مزيد من التطور والتصعيد.
 
كما دعت مصر، الهند وباكستان، الى ممارسة اعلى درجات ضبط النفس، وإعلاء لغة الحوار عبر القنوات الدبلوماسية، وتؤكد علي أهمية اللجوء إلى الحلول السلمية بما يحقق تطلعات وآمال الشعبين الصديقين في تحقيق الهدوء والاستقرار.
 
* الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس
 
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام قلق للغاية إزاء العمليات العسكرية في باكستان وفي الشطر الخاضع لإدارة إسلام آباد من كشمير، ويدعو البلدين إلى أقصى درجات ضبط النفس عسكريا فالعالم لا يستطيع تحمل مواجهة عسكرية بين الجارين النوويين.
 
* الخارجية الصينية: قلقون من التطورات بين الهند وباكستان
 
أعربت الصين عن قلقها من التصعيد بين الهند وباكستان،  ودعت الجانبين إلى ضبط النفس.
 
وأعربت عن استعدادها للعمل مع المجتمع الدولي لتخفيف حدة التوتر بين الهند وباكستان.
 
* ترامب يأمل أن تهدأ التوترات
 
من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن أمله في أن تهدأ التوترات بين الهند وباكستان بسرعة، وقال ترمب، في فعالية أقيمت بالبيت الأبيض، الثلاثاء: “إنهما يتقاتلان، منذ عقود عدة. آمل أن ينتهي الأمر بسرعة كبيرة”. وأضاف: “كان الناس يعرفون أن شيئاً ما سيحدث بناء على القليل من الماضي”.
 
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إنه يراقب الوضع بين الجارتين المسلحتين نوويا.
 
* بريطانيا تعرض الوساطة
 
الحكومة البريطانية، أكدت أنها “مستعدة” للتدخل “لخفض التصعيد” بين الهند وباكستان.
 
وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز  “نحن مستعدون وقادرون على القيام بأي شيء يتعلق بالحوار وخفض التصعيد”.
 
* روسيا تشعر بقلق بالغ
 
قالت وزارة الخارجية الروسية الأربعاء، إنها تشعر بقلق بالغ إزاء الصدام العسكري بين الهند وباكستان، مضيفة أنها تدعو البلدين إلى ضبط النفس.
 
وقالت روسيا، التي تربطها علاقات طيبة بكل من الهند وباكستان،  إنها تندد بكافة أشكال الإرهاب.
 
* رئيس الوزراء الهندي يؤجل جولة أوروبية
 
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أجل جولة أوروبية إلى كرواتيا وهولندا والنرويج عقب الضربات الهندية على باكستان.
 
* القوة العسكرية..من يتفوق بالقوة التقليدية والنووية؟
 
القوة النووية:
تمتلك الهند 180 رأسا حربيا نوويا مقابل 170 رأسا لجارتها باكستان.
 
القوة العسكرية التقليدية:
يعتبر الخبراء الجيش الهندي متفوق على الجيش الباكستاني في أي صراع تقليدي، إذ تبلغ ميزانية الدفاع الهندية تسعة أضعاف ميزانية باكستان، وفقًا لإصدار هذا العام من “التوازن العسكري”، وهو تقييم للقوات المسلحة أجراه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
 
وتدعم هذه الميزانية قوة هندية عاملة يبلغ قوامها حوالي 1.5 مليون فرد، مقارنة بـ 660 ألف فرد لباكستان.
 
القوة البرية:
على الأرض، يمتلك الجيش الهندي، الذي يبلغ قوامه 1.2 مليون جندي، 3750 دبابة قتال رئيسية وأكثر من 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما لا تشكل قوة الدبابات الباكستانية سوى ثلثي قوة الهند، بينما تمتلك إسلام آباد أقل من نصف قطع المدفعية في ترسانة نيودلهي.
 
القوة البحرية:
تتمتع البحرية الهندية بتفوق ساحق، فهي تمتلك حاملتي طائرات، و12 مدمرة صواريخ موجهة، و11 فرقاطة صواريخ موجهة، و16 غواصة هجومية، ولا تمتلك باكستان حاملات طائرات ولا مدمرة صواريخ موجهة، حيث تُشكل فرقاطات الصواريخ الموجهة الأصغر حجمًا الركيزة الأساسية لأسطولها البحري، كما أنها لا تمتلك سوى نصف عدد الغواصات التي تمتلكها الهند.
 
القوة الجوية: 
يعتمد كلا السلاحين الجويين بشكل كبير على طائرات قديمة من الحقبة السوفيتية، بما في ذلك طائرات ميج-21 في الهند ونظيرتها الصينية – J-7 – في باكستان، وتستثمر الهند في طائرات رافال متعددة المهام فرنسية الصنع، ويبلغ عددها حاليا 36 طائرة في الخدمة، وفقا لتقرير “التوازن العسكري”، 
 
وأضافت باكستان طائرات J-10 متعددة المهام صينية الصنع، ويبلغ عدد طائراتها حاليا أكثر من 20 طائرة في أسطولها.
 
ورغم أن باكستان لا تزال تمتلك العشرات من مقاتلات إف-16 أمريكية الصنع، إلا أن طائرة JF-17 أصبحت الركيزة الأساسية لأسطولها، وهي مشروع مشترك مع الصين بدأ تشغيله في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويوجد حوالي 150 طائرة منها في الخدمة.
 
وتلعب الطائرات الروسية الصنع دورا هاما في الأسطول الجوي الهندي، حيث تضم القوات الجوية والبحرية معًا أكثر من 100 مقاتلة من طراز ميج-29، بالإضافة إلى أكثر من 260 طائرة هجومية أرضية من طراز سو-30.
 
“الهند وباكستان” .. 8 عقود من الصراع
 
اندلعت أول حرب بين الهند وباكستان عام 1947 بعد انضمام كشمير إلى الهند، وانتهت بوقف إطلاق نار برعاية الأمم المتحدة، مما أدى إلى تقسيم الإقليم بين البلدين.
 
 وفي عام 1965 اندلعت الحرب مرة أخري بعد مناوشات علي الحدود في كشمير، وانتهت بعودة الوضع إلى ما كان عليه بعد تدخل دولي وسقوط عدد من الضحايا من الجانبين.
 
  وفي عام 1999 جاءت حرب كارجيل وكانت معركه شرسة بين البلدين.