الرسوم الجمركية تضع امريكا والصين على مسار مواجهة حتمية

الرسوم الجمركية تضع امريكا والصين على مسار مواجهة حتمية

رسوم ترامب الجمركية.. تضع الولايات المتحدة والصين على مسار مواجهة حتمية.. بكين تشعر بأنها محاصرة في الزاوية بسبب تكثيف الولايات المتحدة لهجماتها الحمائية.. ما يزيد التكهنات باتجاهها لحرب استنزاف اقتصادية كخيار لا بديل له.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قال إن بلاده لا تخشى الاستفزازات وسوف تقاتل حتى النهاية إذا كانت الولايات المتحدة عازمة على شن حرب جمركية أو حرب تجارية، وذلك في تعليقه على التهديد الأمريكي بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على الواردات الصينية.

“إن إساءة الولايات المتحدة استخدام الرسوم الجمركية تُشكل انتهاكًا خطيرًا للحقوق والمصالح المشروعة للدول الأخرى، وتنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، وتُقوّض نظام التجارة متعدد الأطراف القائم على القواعد، وتُزعزع استقرار النظام الاقتصادي العالمي بشكل خطير. ما أقدمت عليه الولايات المتحدة هو خطوة نموذجية من الأحادية والحمائية والتنمر الاقتصادي، وسيُرفض بالتأكيد من قِبَل المجتمع الدولي. الحكومة الصينية تُدين هذا بشدة وترفضه رفضًا قاطعًا”، وفقا للمتحدث باسم الخارجية الصينية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قام بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على الصين، ما لم تسحب الأخيرة رسومها الجمركية الانتقامية البالغة 34%، والتي فرضتها الصين على الولايات المتحدة في أعقاب فرض ترمب رسوماً جمركية بنسبة 34% على الصين، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 % على كل شركائها التجاريين، بما في ذلك الصين.

الصين أكدت مجددًا على أن الحروب التجارية والجمركية لا رابح فيها، وأن الحمائية لا مستقبل لها وأن بكين ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة والقانونية إذا تجاهلت الولايات المتحدة مصالح البلدين والمجتمع الدولي وأصرّت على حرب جمركية أو حرب تجارية.

رويترز نقلت عن مستشار سياسي صيني إن من يستسلم أولاً في الحرب التجارية سيصبح الضحية مؤكدا أن المسألة تتعلق بمن يستطيع الصمود لفترة أطول.

المسؤول أفاد بأنه ليس لدى الصين خيارات واسعة إذ ستسعى لجذب أسواق أخرى في آسيا وأوروبا وبقية العالم وهو ما قد لا يكون حلاًّ فعالاً نظرا لأن أسواق الدول الأخرى أصغر بكثير من أسواق الولايات المتحدة كما أن اقتصاداتها المحلية تتأثر سلبًا بالرسوم الجمركية فضلا عن أن الكثيرين يحذرون من السماح بدخول المزيد من المنتجات الصينية الرخيصة.

على الصعيد المحلي، يُعدّ خفض قيمة العملة أبسط طريقة لتخفيف آثار الرسوم الجمركية، ولكنه قد يُحفّز تدفقات رأس المال إلى الخارج، ويُنفّر أيضًا شركاء الصين التجاريين الذين قد تسعى إلى كسب ودهم. وقد سمحت الصين حتى الآن بخفض محدود جدًا في قيمة اليوان.

المزيد من الدعم، وتخفيضات ضريبة الصادرات، أو أشكال أخرى من التحفيز قد تكون على المحك، ولكن هذا أيضاً يهدد بتفاقم الطاقة الفائضة في الصناعة وتغذية المزيد من الضغوط الانكماشية .

لسنوات عديدة.. دعا المحللون إلى تبني سياسات من شأنها تعزيز الطلب المحلي ولكن على الرغم من تصريحات بكين، لم يتم بذل الكثير من الجهود لزيادة الاستهلاك المنزلي بشكل ملموس، نظراً لأن التحولات الجريئة في السياسات المطلوبة قد تثبت أنها معطلة لقطاع التصنيع في الأمد القريب.

قد لا يكون الرد بفرض رسوم جمركية وضوابط تصديرية فعالة، نظرًا لأن الصين تشحن إلى الولايات المتحدة بضائع تفوق وارداتها بنحو ثلاثة أضعاف، والتي تبلغ قيمتها نحو 160 مليار دولار. لكنه قد يكون الخيار الوحيد إذا اعتقدت بكين أن قدرتها على تحمل الألم أعلى من قدرة واشنطن.

حتى الآن، ردت الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية الإضافية بنسبة 34% التي فرضتها الأسبوع الماضي بفرض ضريبة مضادة شاملة مماثلة. وبينما هدّد ترامب بالتصعيد بزيادة إضافية بنسبة 50%، تعهّدت بكين بـ” القتال حتى النهاية “.

رئيس الأبحاث في جافيكال آرثر كرويبر قال إن الصين لا تستطيع أن تلحق بالولايات المتحدة نفس القدر من الألم الذي تتلقاه، لأنها تتمتع بفائض تجاري كبير، وبصرف النظر عن المعادن النادرة، لا يزال لديها الكثير لتخسره.

وبالإضافة إلى التعريفات الجمركية الشاملة التي تفرضها، تستطيع بكين أن تستخدم سيطرتها على بعض السلع الاستراتيجية وأجزاء من عالم الشركات لضرب واشنطن حيث تؤلمها أكثر.

الصين قدمت طعما لذلك عندما أضافت سبعة من المعادن النادرة إلى قائمة مراقبة الصادرات، وهي الخطوة التي هددت بقطع إمدادات المواد التي تعتمد عليها قطاعات الدفاع والتكنولوجيا في الولايات المتحدة.

بكين تحتفظ كذلك بخيار توسيع نطاق الضوابط لتشمل 10 معادن نادرة أخرى أو حظر الصادرات إلى الولايات المتحدة بشكل كامل.

وفي عالم الشركات، أبدى ترامب اهتمامه بإنشاء شركة فرعية لتطبيق الفيديو القصير تيك توك في الولايات المتحدة لكن الصين لديها نفوذ في هذا الصدد بفضل القواعد التي طبقتها في عام 2020 والتي تتطلب من الشركة الحصول على ترخيص تصدير التكنولوجيا قبل نقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى الخارج.

بكين قد تلجأ أيضًا لاستهداف الشركات الأمريكية بعقوبات أو إضافتها إلى قائمة كيانات غير موثوقة، والتي تشمل حتى الآن بشكل رئيسي شركات تزعم أنها تبيع أسلحة لتايوان. شركة سكايديو الأمريكية لتصنيع الطائرات المسيرة ، التي كانت تستورد بطارياتها من الصين، هي إحدى هذه الشركات التي تواجه عقوبات صينية.

مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان وو شينبو “ضرباتنا هي ضربات دقيقة.. إن الأولوية الرئيسية هي الحفاظ على ضبط النفس، والأولوية التالية هي استخدام الأساليب غير المتكافئة.. هذه الأساليب تشمل ضوابط التصدير”.

بينما تحاول واشنطن وبكين إلحاق المزيد من الألم ببعضهما البعض وبقية العالم باعتبارهما ضحايا لحربهما التجارية، فمن الصعب أن نتخيل كيف يمكن أن تبدو صفقة كبرى لخفض التصعيد.. خبراء اقتصاديون يرون إن هدف ترامب المتمثل في تحقيق التوازن التجاري مع الصين غير قابل للتطبيق على المدى القصير إلى المتوسط، نظرا لأن أحد الجانبين هو المنتج الأكبر في العالم بينما الجانب الآخر هو المستهلك الأكبر.

الصين، التي فرضت عليها في وقت سابق من هذا العام زيادة في الرسوم الجمركية بنسبة 20% مبررة بمكونات الفنتانيل وليس فائضها التجاري، تشعر بالارتباك بشأن ما يريده ترامب على وجه التحديد وترفض محاولات الاحتواء، حتى مع إعلانها استعدادها للمحادثات وإذا ثبت أن التوصل إلى اتفاق سريع أمر بعيد المنال، فقد يتحول الأمر إلى معركة إرادات سياسية، حيث يعتقد بعض المحللين أن بكين لها اليد العليا.