ليو الرابع عشر.. بابا جديد على رأس الفاتيكان

دخان أبيض تصاعد في سماء الفاتيكان من مدخنة كنيسة سيستين، في إشارة إلى أن الكرادلة المجتمعين في المجمع الإنتخابي قد انتخبوا بابا جديدا لقيادة الكنيسة الكاثوليكية في اليوم الثاني من الانتخابات، بعد وفاة البابا فرنسيس في 21 أبريل الماضي.
وبالتزامن مع ذلك، قرعت أجراس كاتدرائية القديس بطرس احتفالا بانتخاب البابا الجديد الكاردينال الأمريكي روبرت بريفوست ليصبح بذلك أول أمريكي يتولى هذا المنصب في تاريخ الفاتيكان وسيحمل بريفوست لقب البابا ليو الرابع عشر.
وفي أول ظهور له بعد انتخابه أطل البابا ليو الرابع عشر من شرفة كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان اليوم الخميس، قائلا.. “السلام عليكم جميعا”.
كما دعا البابا إلى “بناء الجسور عبر الحوار”، داعيا إلى “المضي قدما بدون خوف، متحدين، يدا بيد مع الله وبعضنا مع بعض”.
وفور إعلان الفاتيكان انتخاب البابا الجديد تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي، للبابا ليو الرابع عشر بخالص التهاني وأصدق الأمنيات بمناسبة انتخابه متمنيا له كل التوفيق والسداد.
وعبر الرئيس عن ثقته في مواصلة مسيرة إرساء السلام والمحبة، والتمسك بالقيم والأخلاق النبيلة، ونبذ العنف والكراهية والحروب.
كما تقدم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بخالص التهنئة إلى البابا ليو الرابع عشر مؤكدا تطلعه لاستكمال العمل مع قداسته لترسيخ الحوار بين الأديان، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية من أجل نشر السلام العالمي والتعايش المشترك، ومستقبل أفضل للبشرية.
* من هو البابا ليو الرابع عشر؟
بريفوست من الشخصيات البارزة في الكنيسة الكاثوليكية العالمية، ولد في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأمريكية في 14 سبتمبر 1955.
ونشأ في كنف عائلة ذات أصول متنوعة، بدأ مسيرته التعليمية بدراسة الرياضيات في جامعة فيلانوفا حيث حصل على درجة البكالوريوس عام 1977.
بعد ذلك، انضم إلى رهبنة القديس أوغسطين، ليواصل تعليمه اللاهوتي وحصل على درجة الماجستير في اللاهوت من “الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي” في شيكاغو عام 1982، وشغفه بالدراسات القانونية قاده إلى روما، حيث نال درجة الدكتوراه في القانون الكنسي من جامعة القديس توما الأكويني الحبرية.
بعد رسامته كاهنا في يونيو 1982، انطلق الأب بريفوست في مهمة رعوية إلى بيرو عام 1985، حيث أمضى أكثر من عقدين من الزمن في خدمة الكنيسة من خلال التعليم والرعاية الروحية، وفي عام 2014، حظي بثقة البابا فرنسيس الذي عينه مديرا رسوليا لأبرشية تشيكلايو في بيرو، ليتم ترسيمه أسقفا في ديسمبر من العام نفسه.
مع اتساع مسؤولياته داخل الكنيسة الكاثوليكية، انضم الأسقف بريفوست إلى مجمع الأساقفة عام 2020، ليتقلد منصب رئيس المجمع في يناير 2023، ومن خلال هذا الدور الهام، لعب دورا محوريا في عملية اختيار وتعيين الأساقفة في مختلف أنحاء العالم، مما عزز مكانته كشخصية مؤثرة في دوائر صنع القرار الكنسي.
وفي 30 سبتمبر 2023، منحه البابا فرنسيس لقب كاردينال كنيسة سانتا مونيكا، وهو التعيين الذي جعله من أبرز المرشحين المحتملين لخلافة البابا فرنسيس في المجمع البابوي لعام 2025، نظرا لخبرته الواسعة في أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى اتزانه الفكري وعلاقاته الجيدة مع مختلف التيارات الكنسية، الأمر الذي جعل منه خيارا قويا لقيادة الكنيسة الكاثوليكية، كما أنه صوت معتدل في الكنيسة الأمريكية، وعرف بتسامحه وإدارته الشفافة لقضايا الاعتداءات الجنسية.
يعرف البابا ليو الرابع عشر بشخصيته المتواضعة وهدوئه الذي يوحي بالثقة، كما يتميز بأسلوب قيادي معتدل يوازن بين الانفتاح اللاهوتي العميق والحفاظ على التقاليد الكنسية الراسخة.
يولي أهمية قصوى لتعزيز الحوار البناء داخل الكنيسة ومع العالم الخارجي، ويؤمن إيمانا راسخا بأن الكنيسة يجب أن تكون صوتا قويا للعدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان.
إلى جانب مهامه الإدارية والروحية، يتقن بريفوست عدة لغات، من بينها الإنجليزية، الإسبانية، الإيطالية، الفرنسية، والبرتغالية، كما يقرأ اللاتينية والألمانية، ما يسهل تواصله مع رجال الدين الكاثوليك من مختلف الدول.
* كيف يتم اختيار البابا الجديد؟
يتم اختيار البابا الجديد من خلال ما يعرف بالمجمع البابوي، الذي يتألف من الأساقفة والمسؤولين في الفاتيكان الذين تم اختيارهم من قبل البابا وخلال المجمع، تبدأ هذه المجموعة من القادة مناقشة الاحتياجات والتحديات التي تواجه الكنيسة الكاثوليكية.
قبل بدء الانتخاب، يدخل الكرادلة إلى كنيسة “سيستين”، ويقسمون اليمين بالسرية، ويغلقون أبواب الكنيسة، ما يعني أنه لا يسمح بدخولها إلا للناخبين فقط.
أما بالنسبة للانتخابات نفسها، فيصوت كل كاردينال بالاقتراع السري يتلو صلاة ثم يضع ورقة اقتراع مطوية في كأس كبيرة.
وتجرى 4 جولات من التصويت كل يوم، حتى يحصل مرشح واحد على ثلثي الأصوات.
وإذا لم يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات اللازمة لهذا اليوم، فإنه يتم حرق بطاقات الاقتراع في موقد ممزوج بمواد كيميائية لإنتاج دخان أسود ويشير هذا إلى يوم آخر من التصويت في المستقبل.
أما إذا تم اختيار مرشح، فإنه يتم حرق بطاقات الاقتراع بمواد كيميائية لإنتاج دخان أبيض بعد ذلك، يعلن كبير الكرادلة البابا الجديد النبأ من شرفة كنيسة القديس بطرس.
* تاريخ تغيير الأسماء البابوية
لم يكن تغيير إسم البابا الجديد تقليدا ثابتا منذ بداية الكنيسة ومن بين 266 بابا، غير 129 فقط أسماءهم عند اعتلاء الكرسي الرسولي.
وقد بدأت العادة بالترسخ تدريجيا في القرن الحادي عشر، عندما بدأ بعض الباباوات خصوصا من أصول ألمانية، باختيار أسماء لأساقفة من الكنيسة الأولى.
وفي فترات ماضية، كان بعض الباباوات يختارون اسم من رقاهم إلى الكاردينالية غير أن هذا التقليد بدأ بالتراجع في منتصف القرن العشرين، حيث بات الإسم يستخدم لنقل رسالة رمزية أو إعلان نوايا المرحلة القادمة من قيادة الكنيسة.
* ترامب: انتخاب بابا للفاتيكان أمريكي للمرة الأولى شرف عظيم
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن انتخاب بابا للفاتيكان أمريكي للمرة الأولى شرف عظيم.
وهنأ الرئيس ترامب، البابا الجديد ليو الرابع عشر بمناسبة تنصيبه بابا للفاتيكان، وأعرب ترامب عن تطلعه للقاء بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر، لافتا إلى أنها ستكون لحظة بالغة الأهمية.