الجامعة العربية تستعرض مواضيع الإعلام والدراما وتأثير خطاب الكراهية على المجتمعات

تهتم جامعة الدول العربية بالإعلام والفن والثقافة ومحاربة خطاب الكراهية والإرهاب باعتبارها عاملا مهما فى التأثير على الشعوب العربية.
وفى إطار ذلك، قامت الجامعة مؤخرا بعدد من الأنشطة والفعاليات المهمة التى بدرورها تنعكس على القوى الناعمة العربية، وتستهدف الفكر والعقول، وتسهم فى تشكيلها.
ضحايا الإرهاب
على مستوى محاربة الإرهاب، أحيت الجامعة ذكرى اليوم العربى للتوعية بمآسى وآلام ضحايا الأعمال الإرهابية.. ويخلد هذا اليوم تاريخ التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب من قبل مجلسى وزراء الداخلية والعدل العرب، فى اجتماعهما المشترك عام 1998. وقد كانت جامعة الدول العربية عملت من خلال إبرامها لهذه الاتفاقية وغيرها بشكل استباقى لمكافحة الإرهاب، بعد إدراك خطورته لحاضر ومستقبل الدول العربية.
وفى هذا الإطار، قال السفير محمد الأمين ، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون القانونية: “إن الاحتفال باليوم العربى هذا العام يأتى فى إطار الاهتمام الدولى الكبير بموضوع ضحايا الإرهاب، حيث احتضنت إسبانيا خلال أكتوبر 2024 مؤتمر الأمم المتحدة لضحايا الإرهاب والناجين منه، تحت الرئاسة المشتركة لإسبانيا والعراق.. وقد ركز المؤتمر على دعم المجتمع الدولى والدول الأعضاء والمجتمع المدنى لاحتياجات الضحايا وحقوقهم، مع تعزيز التسامح والقدرة على الصمود فى المجتمعات المتضررة من الإرهاب، وتعزيز الدور الحيوى الذى يلعبه الضحايا والناجون وبناة السلام. وقد أحيت الجامعة اليوم هذا العام فى سياق جهود متواصلة تبذلها الأمانة العامة لتعزيز حقوق ضحايا الإرهاب. وسوف يعقد الاجتماع العربى المشترك حول تقييم الأطر القانونية والاستراتيجيات الخاصة بحماية وتعزيز حقوق واحتياجات ضحايا الإرهاب فى مقر الجامعة خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو الحالى. وسينعقد هذا الاجتماع بحضور مجلس وزراء الداخلية العرب، وممثلى الدول الأعضاء ومسئولين من أجهزة العمل المشترك وآلياته المتخصصة فى مكافحة الإرهاب والشركاء الدوليين والإقليميين لجامعة الدول العربية.
و هذا اليوم يمثل مناسبة لتسليط الضوء على معاناة ضحايا الأعمال الإرهابية، وضرورة الاعتراف بحقوقهم وتعويضهم عمّا لحق بهم من أضرار نفسية واجتماعية وصحية ومادية.. كما يهدف إلى تعزيز الدعم المقدم لهم ولعائلاتهم وتخفيف معاناتهم. وبالنسبة للجامعة فهى دائما تجدد التزامها الراسخ بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره وحرصها الشديد على أمن واستقرار الدول الأعضاء، وتعرب عن تضامنها الكامل مع الضحايا وعائلاتهم، وتدعو إلى تكريس هذا اليوم كمناسبة للتأمل والعمل من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلا وإنصافا وسلاما.
خطاب الكراهية
وفى الإطار ذاته، قامت إدارة الشؤون القانونية التابعة لمجلس وزراء العدل العرب بعقد الاجتماع السادس للجنة المشتركة من خبراء وممثلى وزارات العدل والداخلية والجهات المعنية فى الدول الأعضاء، لدراسة “مشروع القانون العربى الاسترشادى لمنع خطاب الكراهية” المتعلق بالإرهاب أيضا.
وأكدت الوزير المفوض مها بخيت، مدير إدارة الشؤون القانونية، أن انعقاد هذا الاجتماع يأتى تنفيذاً لقرار مجلس وزراء العدل العرب فى دورته العادية (الـ40)، والذى نص على عقد هذا الاجتماع للجنة المشتركة فى ضوء ملاحظات الدول العربية. وقد ناقش المشاركون فى الاجتماع مواد مشروع “القانون العربى الاسترشادى لمنع خطاب الكراهية” والذى تم اقتراحه من قبل وزارة العدل بدولة الكويت، وسوف يتم الانتهاء من الصيغة النهائية لمشروع القانون فى الفترة المقبلة.
حرية الصحافة
بمناسبة اليوم العالمى لحرية الصحافة الذى يوافق ٣ مايو من كل عام، احتفلت الجامعة من خلال قطاع الإعلام والاتصال باليوم العالمى لحرية الصحافة الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى شهر ديسمبر 1993، بناء على توصية المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو فى دورته الـ٢٦.
وأكدالسفير أحمد خطابى، رئيس قطاع الإعلام و الاتصال، أن هذا اليوم محطة مهمة لتكريم العاملين فى مجال الإعلام خاصة أولئك الذين يقدمون التضحيات الجسيمة فى سبيل نقل الحقائق والدفاع عن حرية التعبير فى مواجهة الصعوبات والتحديات فى مختلف بقاع العالم. وأهميته تكمن فى التأكيد على الدور الذى تلعبه الصحافة الحرة والمستقلة فى بناء مجتمعات ديمقراطية وترسيخ وعى مجتمعى فى إطار التوازن المطلوب بين أخلاقيات المهنة واحترام مواثيق الشرف الإعلامى، والعمل فى بيئة مهنية آمنة تكفل حرية التعبير و الوصول للمعلومة، وفى انسجام بين الحق فى صون حرية التعبير وواجب التحلى بالمسئولية فى نشر المعلومات والبيانات و الابتعاد عن التضليل والمساس بالحريات.
وأضاف “إحياء هذا اليوم يأتى فى ظرفية استثنائية فى ظل استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة والاعتداءات اليومية فى باقى الأراضى الفلسطينية المحتلة التى خلفت آلاف الضحايا، أغلبهم من الأطفال والنساء، مع فرض إغلاق شامل ومنع دخول المساعدات الإنسانية فى ظروف فرض طوق أمنى على حرية الصحافة وحظر دخول الإعلام الأجنبى لقطاع غزة، وقتل عدد غير مسبوق من الصحفيين الفلسطينيين (209 صحفيين)، فى انتهاك صارخ للقوانيين الدولية، مشيرا إلى التقدير الذى تحظى به الصحافة الحرة ذات المصداقية التى وقفت فى وجه الرواية الإسرائيلية الزائفة، داعيا إلى ضرورة التفكير بجدية فى إيجاد حلول وآليات كفيلة بتوفير الحماية اللازمة للصحفيين والإعلاميين فى مواقع النزاعات والحروب من خلال تحديث البنية التشريعية لمواكبة التحديات الراهنة، عبر العمل المتعدد الأطراف فى المنظمات الدولية والإقليمية، لوضع نظام قانونى يهدف إلى حماية الصحفيين أثناء ممارستهم عملهم وتمكينهم من الضمانات القانونية للحفاظ على سلامتهم البدنية والمعنوية.
ثقافة التسامح
أما بالنسبة لملتقى دور الإعلام فى ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش، فاستطرد خطابى فى الحديث وقال إن الملتقى يندرج فى إطار تنفيذ مقتضيات بروتوكول التعاون الموقع بين قطاع الإعلام والاتصال، واتحاد إذاعات وتليفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامى بالقاهرة فى 2024. كما أن اختيار موضوع “دور الإعلام فى ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمى” يعكس تقاسم هاتين المنظمتين الإقليميتين التزامهما بمحاربة خطاب الكراهية ونبذ العنف والانغلاق انطلاقا من مبادئهما وانخراطهما فى تحقيق أهداف الأمم المتحدة، فى ضوء الإعلانات الحقوقية والبروتوكولات ذات الصلة وقرارات الجمعية العامة المتعلقة بتعزيز الحوار بين الأديان، وتحديد يوم عالمى لمكافحة الكراهية وصولا إلى اعتماد الجمعية العامة لقرار تاريخى بمبادرة من المملكة المغربية حول احترام الرموز الدينية وتعزيز الحوار والتسامح بين الأديان والثقافات”.
وأضاف: “لعل أفضل مثال على العمل المشترك بين المنظمتين وعلى أعلى المستويات، الجهود المتواصلة لوقف العدوان والتدمير والتجويع فى قطاع غزة جراء استمرار حرب لا متماثلة، تغذيها أعمال انتقامية للجماعات الإسرائيلية المتطرفة التى تعمد لتأجيج الكراهية فى تجاهل مطلق للقيم الإنسانية وأحكام القانون الدولى الإنسانى.. ونناشد فى هذا الإطار استنهاض الضمير الإنسانى من أجل الوقف الفورى للقتل والتجويع بقطاع غزة. فالإعلام مكون أساسى فى منظومة حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا لما له من دور فعال فى تشكيل وعى وسلوكيات الأفراد والمجتمعات ونشر ثقافة السلام والتسامح واحترام التنوع الثقافى والدينى والعرقى بما لا يتعارض مع تعاليمنا الروحية السمحة والمواثيق والقوانين الدولية، ذلكم التنوع الذى يتعين اعتباره مصدر ثراء وليس سببا للمواجهة والتصادم والإقصاء ونشر الصور النمطية التى تغذى الانقسام والتفرقة والتحريض ضد ما يسمى بالأقليات والفئات المهمشة. وكذلك فإن تأثير الإعلام فى محاربة خطاب الكراهية يرتبط إلى حد بعيد بالانتشار المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعى التى أضحت تشكل فرصا لحرية التعبير ودمقرطة الحق فى الاتصال، لكنها كذلك تستغل كقنوات لتمرير خطابات الكراهية بما يتطلب التصدى لها بتعاون وثيق بين كل الشركاء من مؤسسات حكومية وتشريعية ومدنية وتربوية وإعلامية وقيادات دينية وفكرية وفق مقاربة شمولية يضطلع فيها الإعلام بدور حيوى.
تأثير الدراما
بالنسبة لمشاركته فى الفعالية التمهيدية للمؤتمر الأول للدراما العربية، والتى عقدت فى مدينة الإنتاج الإعلامى، قال: “إن هذا اللقاء فى رحاب هذا الصرح الإعلامى الكبير (مدينة الإنتاج الإعلامى) بحضور نخبة من الكفاءات الفكرية والإعلامية والمبدعين والفنانين والعاملين فى مجالات الانتاج والإخراج والسيناريو. بالإضافة إلى مشاركة طلبة المؤسسات الجامعية المصرية المدعوين لهذه الفعالية فى إشارة تحفيزية واضحة من اتحاد المنتجين العرب لبناء جسور التعاون والتكامل والشراكة مع الأجيال الجديدة من المبدعين وصناع المحتوى الشباب وتشجيع عطاءاتهم الخلاقة بأرض الكنانة التى نعتز بدورها التاريخى الرائد فى الحقل الفنى والدرامى”.
وسوف يعقد اللقاء فى دولة قطر فى شهر مايو الحالى حول الدراما العربية، وهو يندرج فى إطار تنفيذ أهداف الاستراتيجية الإعلامية سعيا وراء الارتقاء بشخصيتنا وثقافتنا بعمقها التعددى والمتنوع والثرى، ونشر صورة إيجابية عن الفضاء العربى، ومحاربة المحاولات التى تعمد للإساءة للحضارة العربية، تلكم الحضارة التى قدمت أروع نماذج الابتكار والتعايش بين الثقافات.
وقد رحب مجلس وزراء الإعلام العرب خلال دورته الـ52 فى القاهرة بمقترح اتحاد المنتجين العرب لتنظيم مؤتمر عن الدراما العربية على ثلاث دورات، بمشاركة منتجين وكتاب ومخرجين، إدراكا منه للتأثير العميق للدراما فى المحافظة على ثوابت كينونتنا وقيمنا الروحية وعراقة تقاليدنا المجتمعية. ووفق هذا المنظور نتطلع ليكون هذا المؤتمر حول الدراما تحت مظلة الجامعة العربية فرصة لإطلاق حوار مثمر بين المهنيين وصناع الدراما، وبحث مستقبلها بمنطقتنا فى ظل متغيرات المشهد الإعلامى والرقمى وانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعى التى اقتحمت كل القطاعات. كما نتطلع أيضا من خلال هذا المؤتمر الأول من نوعه على مستوى الجامعة فيما وراء البعد الجمالى والترفيهى للدراما إلى ترسيخ الفعل الدرامى فى نشر ثقافة المواطنة والوعى المجتمعى وتعزيز دعائم الانتماء والتلاحم الوطنى، والتعامل مع الانشغالات الوجودية والاجتماعية وقضايا الاستدامة التنموية، ومحاربة نزعات التطرف والعنف والتنمر، فضلا عن صورة المرأة فى أعمال الدراما التى نريدها دراما ملهمة وجادة وطموحة.