أمريكا والصين.. فصل جديد من الحرب التجارية 

أمريكا والصين.. فصل جديد من الحرب التجارية 

مفاجأة فجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية.. إذ علق التعريفات الحمائية على نحو 75 دولة ورفعها على الصين.. الإجراء الأمريكي يعد ترتيب المشهد ويغير قواعد اللعبة.. فهل ستتحول خطط ترامب بشأن الرسوم الجمركية إلى فصل جديد من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. 

ترامب رفع التعريفات الجمركية على الصين إلى 125% ردا على إعلانها رسوما جمركية إضافية بنسبة 84% على السلع الأمريكية.. الرد الصيني جاء بعد ساعات من دخول جمارك بواقع 104 % على سلع الصين الراغبة في العبور إلى أسواق أمريكا حيز التنفيذ.
 
بكين  اختارت المواجهة وتعهدت “بالقتال حتى النهاية” ردا على رسوم واشنطن..  تبادل الرسوم الجمركية  تصعيد شديد بين الجانبين.. وتشكل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، وبطاريات الليثيوم، والألعاب، وأجهزة ألعاب الفيديو القدر الأكبر من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. 
 
في المقابل علق ترامب الرسوم الجمركية المتبادلة على 75 دولة لمدة 90 يوما وعزا قراره إلى أن تلك الدول لم ترد بتعريفات انتقامية على الولايات المتحدة وتواصلت مع إدارته للتفاوض بشأن الحواجز التجارية وهو ما يؤكد قبول واشنطن الجلوس على طاولة المفاوضات بشأن الرسوم الحمائية.
 
ترامب يرى أن الصين تحقق مكاسب من معاملاتها التجارية مع بلاده إذ يتجاوز العجز التجاري بين البلدين 295 مليار دولار لصالح الاقتصاد الآسيوي.. بيانات مكتب التمثل التجاري الأمريكي تشير إلى أن حجم التبادل التجاري في السلع بين واشنطن وبكين تجاوز 582 مليار دولار خلال العام الماضي وهو ما يعني أن الصين تصدر للولايات المتحدة قرابة ضعف ما تستورده منها. 
 
حالة الشد والجذب بين الاقتصادين الأكبر في العالم والمعروفة بالحرب التجارية ليست بالجديدة وسجلت البلدان فصولا متعددة على هذا المسار..  خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب في 2018 دخلت القوتان العظمتان في مواجهة على الساحة التجارية بفرض رسوم جمركية متبادلة وهو ما ألقى بظلال سلبية على الجانبين ونال كذلك من الاقتصاد العالمي.  
 
الأزمات الاقتصادية المتتابعة بدءا من تبعات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وغيرها جلعت الاقتصادين أكثر هشاشة.. على سبيل المثال سجلت الصين وبصعوبة نموًا بلغ 5% العام الماضي وهو مستوى ضعيف بالنسبة للمعايير الصينية، التي طالما اعتادت على معدلات نمو من رقمين.. الاقتصاد الأمريكي كذلك يعاني وهنا مع ارتفاع كبير في معدلات العجز والديون إذ وقف على أعتاب التخلف عن سداد ديونه مرارا. 
 
ورغم ضعف الاقتصادين مقارنة بالجولة السابقة من الحرب التجارية إلا أن الصين تتمتع بخبرة أفضل في المبارزة كما أن الولايات المتحدة تفتقد أصوات قوية رافضة لسياسات بناء الحواجز الاقتصادية على عكس ولاية ترامب الأولى ما ينذر بعواقب أكثر قسوة.
 
التعريفات الجمركية تبدو كتصرف وطني لحماية المنتجات والوظائف وقد تنجح مؤقتا في جني المكاسب لكنها مع الوقت تفسد الاقتصاد إذ تتوقف المنافسة وتقل الكفاءات ويواجه الاقتصاد رسوما انتقامية مع الدول الأخرى وتتصاعد الحواجز الجارية وصولا إلى ركود اقتصادي.. بتلك الكلمات حذر الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان من الرسوم الحمائية عام 1987.