مصر تُحيي القضية الفلسطينية من جديد

الرئيس أكد فى القمة أن آلة الحرب الإسرائيلية لم تُبق حجرًا على حجرولا ترحم طفلًا أو شيخًا
وزارة الخارجية المصرية تؤكد على اعتزاز مصر بدورها التاريخى فى تأسيس الجامعة
تصدرت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية رقم 34 في بغداد، اهتمام العالم كله، لاسيما أنها كلمة عبرت عن موقف مصر الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية، وما تمر به من منعطف خطير، وأعادت كلمة الرئيس الروح إلى القضية الفلسطينية وإلى العمل العربي المشترك الذى يستند أساسا إلى مركزية القضية بالنسبة للعرب، خاصة تأكيده أنه لا سلام بدون إقامة دولة فلسطينية، وحتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات التطبيع مع جميع الدول العربية فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال ما لم تقم الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما تحدث الرئيس بصراحة عن الأوضاع الصعبة والخطيرة في المنطقة حيث شدد على أن القمة تعقد في ظرف تاريخي حيث تواجه المنطقة تحديات معقدة وظروفًا غير مسبوقة، تتطلب من القادة والشعوب وقفة موحدة وإرادة لا تلين على قلب رجل واحد قولاً وفعلاً حفاظًا على أمن الأوطان وصونا لحقوق ومقدرات الشعوب الأبية. مضيفا أنه لا يخفى على أحد أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة وأكثرها دقة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية على مدار أكثر من عام ونصف العام تهدف إلى طمسه وإبادته وإنهاء وجوده في قطاع غزة؛ حيث تعرض لعملية تدمير واسعة لجعله غير قابل للحياة في محاولة لدفع أهله إلى التهجير، ومغادرته قسرًا تحت أهوال الحرب فلم تبق آلة الحرب الإسرائيلية حجرًا على حجر، ولا ترحم طفلا أو شيخا. واتخذت من التجويع والحرمان من الخدمات الصحية سلاحا ومن التدمير نهجا مما أدى إلى نزوح قرابة مليوني فلسطيني داخل القطاع في تحد صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية. وهذه الاعتداءات تنطبق أيضا على الضفة الغربية حيث لا تزال آلة الإحتلال تمارس نفس السياسة القمعية من قتل وتدمير ورغم ذلك يبقى الشعب الفلسطيني صامدا وعصيا على الانكسار ومتمسكا بحقه المشروع في أرضه ووطنه.
رفض التهجير
وأكد الرئيس أنه منذ أكتوبر ٢٠٢٣ كثفت مصر جهودها السياسية لوقف نزيف الدم الفلسطيني وبذلت مساعي مضنية للوصول إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية مطالبة المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة باتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء هذه الكارثة مشيرا إلى رغم الإخفاقات تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة شريكيها فى الوساطة بذل الجهود المكثفة لوقف إطلاق النار مما أسفر مؤخرا عن إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الإسرائيلي (عيدان ألكسندر) وكانت الدعوة أيضًا لعقد قمة القاهرة العربية غير العادية في ٤ مارس الماضي من ضمن مبادراتها ومساعيها في هذا الإطار و التي أكدت الموقف العربي الثابت برفض تهجير الشعب الفلسطيني وتبنت خطة إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير أهله. وهي الخطة التي لقيت تأييدا واسعا عربيا وإسلاميا ودوليا مشيرا إلى اعتزام مصر تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة فور توقف العدوان.
وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: برغم التحولات الكبرى في الإقليم والعالم ما زالت الجامعة العربية تمثل النسيج الرابط للشعوب العربية والعروة الوثقى التي نستمسك بها، واستمرارية هذه المنظمة عبر ثمانية عقود شاهدةٌ على قوة الشعوب وعلى عمق الدافع الذي يجمع بين الشعوب والدول الأعضاء حيث إن الرابط الأهم في منطقتنا يقوم على اللغة والثقافة والتاريخ المشترك كما أنها رابطة منفتحة لا تقوم على العرق أو الاثنية بل على الإرث الحضاري الجامع لهذه الأمة والذي يضم داخله تنوعاً دينياً وثقافياً فريداً ولذلك فالعروبة لازالت قادرة على استيعاب هذا التنوع الذي طالما كان سمة مميزة لمنطقتنا. وهي تستطيع أن تقدم نهجاً جامعاً مضاداً للاستقطاب الذي ضربت آفته وللأسف بعض أجزاء الجسد العربي مؤخرا.
وأضاف أبو الغيط: إقليمنا العربي كان ولا يزال هدفاً لتهديدات وأطماع من جوارٍ قريب أو من قوى بعيدة وكان ولا يزال عرضة لتدخلات غير حميدة في شئون دولة.
وألقى الضوء على ما يحدث في الدول العربية مثل السودان الذى وصفه بأنه جرح مفتوح يدمي قلوبنا جميعاً حيث تسببت الحرب في أشد أزمة إنسانية على وجه الأرض اليوم. وبسبب تلك الحرب، فإن كيان الدولة ووحدة وتماسك مؤسساتها الوطنية التي ينبغي الحفاظ عليها وتعزيز دورها صاروا عرضة للتهديد.
أما في اليمن فما زالت جماعة الحوثي تصر على الانفراد بمقدرات البلاد التي جلبت على أهلها مواجهات وأهوالا فاقمت معاناتهم إلى حد لا يمكن تصوره ولن ينصلح الحال في هذا البلد العربي العزيز إلا عندما تدرك تلك الجماعة استحالة استمرار هذا الوضع وتنخرط في جهد وطني يستعيد لحمة البلاد وفي ليبيا ما زال الانقسام مهدداً لوحدة الدولة ونحن نتابع بمزيد من القلق التطورات الخطيرة التي تقع في طرابلس وغرب ليبيا ونأمل أن تضع جميع الأطراف مصلحة الوطن ووحدته فوق كل اعتبار من أجل الحيلولة دون تدهور الأمور وصولاً إلى إنهاء المرحلة الحالية وربما إجراء مصالحة شاملة تمكن ليبيا من الانطلاق إلى مستقبل واعد يستحقه شعبها.
اما بالنسبة للصومال فما زالت البلاد تواجه تهديدات متنوعة ونحن نساند حكومته المركزية في الدفاع عن سيادة الصومال على كامل ترابه. أما سوريا فتخوض مرحلة صعبة وتحدياً كبيراً لبناء سوريا الجديدة التي يشعر كل أبنائها بغض النظر عن المذهب أو العرق بالأمن والمساواة في الحقوق والواجبات وسنقف جميعاً مع أهلها وحكومتها لتجاوز هذا الوضع الصعب وأثق أن رفع العقوبات الأمريكية سيسهم في خلق وضع اقتصادي جديد يُعزز من قدرة شعب سوريا على مجابهة المستقبل بثقة. وفي لبنان يواجه البلد تحدياً تاريخياً بالتعافي وفرض سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها في ظل عدوان إسرائيلي متواصل ينتهك سيادة البلاد ويخرق اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وقال أبو الغيط: بعد سنوات قليلة من تأسيس الجامعة انفجرت مأساة فلسطين ولازال جرحها النازف هو الأقسى على العرب. ولازالت قضيتها العادلة هي قضية العرب. فحرب الإبادة التي يباشرها متطرفو اليمين الإسرائيلي في محاولة لفرض السيطرة على فلسطين بكاملها، وطرد سكانها خارجها. هي عار عليهم وعلى العالم الصامت عار أن تباشر دولةٌ التطهير العرقي في هذا الزمان ويصمت العالم وأن يصبح القتل اليومي للنساء والأطفال والمدنيين أمراً طبيعياً مشيرا إلى ان سياسة إسرائيل المتهورة والعدوانية في فلسطين (وفي سوريا ولبنان) سوف تدخل المنطقة كلها في حلقات لا تنتهي من المواجهة فهي سياسة تهدف إلى تصعيد التوترات على كل الجبهات وتعطي لإسرائيل حق إشعال النيران في كل مكان والغرض هو التوسع تحت ذريعة الأمن والتمدد تحت حجة إقامة المناطق العازلة وهي سياسة نرفضها وندينها بأشد العبارات ونسجل خطورتها الشديدة على استقرار هذه المنطقة وأمنها.
اجتماع تشاوري
ومن الاجتماعات التى عقدت على هامش القمة إجتماع تشاوري بين رؤساء مفوضية الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة ويهدف إلى توحيد جهود منظماتهم لصالح السلام وتحقيق استجابة دولية أقوى وأكثر تنسيقاً من أجل وقف القتال والعنف في السودان وتخفيف معاناة الشعب السوداني وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق والتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار. وناقشوا التحديات التي تواجه ضمان فعالية التنسيق متعدد الأطراف وتقسيم العمل بشكل واضح على الوسطاء.
وجددت المنظمات التزامها القوي بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه وتفادي انهيار المؤسسات الوطنية السودانية، وأن تبنى جهودها على قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة وإعلان جدة وكذلك قرارات الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ذات الصلة كما أكدوا على الحاجة إلى وضع رؤية ومقاربة متسقة تستجيب للأزمة في السودان بطريقة تعتمد على التكاملية والمزايا النسبية وتركز على العمل الاستراتيجي المدعوم بالتعاون النشط. وتعزيز الترابط متعدد الأطراف من خلال اتفاق رفيع المستوى حول تشكيل تجمع أوسع يتم تطويره والتفاهم بشأنه بمشاركة المؤسسات متعددة الأطراف التي بإمكانها تقديم الدعم السياسي وتطوير الجهود. وفي الوقت نفسه ضمان التنسيق والتكامل مع آليات الدول الأعضاء.