وداعًا سميحة أيوب.. رمز المسرح العربي

وداعًا سميحة أيوب.. رمز المسرح العربي

بعد رحلة مليئة بالعطاء في السينما والدراما والمسرح.. رحلت عن عالمنا اليوم الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عاما سيدة المسرح العربي التي ظل إسمها مرادفا لأعمال كبيرة وخالدة في اللمسرح والسينما والدراما.

مسيرة طويلة وتاريخ حافل سطرته سيدة المسرح العربي وعلى مدار ما يقرب من 70 عاما قدمت أكثر من 450 عملا من بينها 170 مسرحية و44 فيلما 220 مسلسلا وسهرة تليفزيونية وما يقرب من 115 مسلسلا وسهرة إذاعية.. أعمالا تركت بصمة كبيرة مع جمهورها.

ورغم أن المسرح كان عشقها الأول فإن سميحة أيوب لم تغفل الدراما التلفزيونية، فشاركت في العديد من الأعمال الناجحة التي تركت بصمة واضحة لدى الجمهور .

وقد تميزت نجوميتها بابتعادها عن الضجة الإعلامية، بل على الموهبة الحقيقية والعمل الجاد، مما جعلها تحترم وتقدر من أجيال مختلفة من الجمهور والفنانين.

وتعتبر سميحة أيوب رمزا من رموز الثقافة والفن في مصر والعالم العربي، استطاعت أن تفرض نفسها في زمن كان المجال الفني فيه شديد التنافس، فتركت إرثا غنيا بالأعمال التي تعيش في وجدان الجمهور العربي حتى اليوم.

– بداية بسيطة وتاريخ كبير

ولدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا في القاهرة، وأحبت الفن منذ بدايتها.

قادتها موهبتها المتوهجة إلى خشبة المسرح وشاشة السينما، وكانت في الخامسة عشرة حين وقفت أمام الكاميرا للمرة الأولى، في فيلم “المتشردة” عام 1947، لتفتتح رحلتها الطويلة بحضور بسيط لكنه واعد ومبشر.

تزوجت في بداياتها من الفنان محسن سرحان، وأنجبت منه ابنها الأول لكن الزواج لم يدم طويلا.

حملت أحلامها نحو معهد التمثيل الذي أسسه الفنان الكبير زكي طليمات، وهناك لم تتعلم فقط أصول المهنة، بل تلقت الدروس الأولى في الصبر والانضباط الفني على يد واحد من رواد المسرح في مصر.

وعلى خشبة المسرح، كانت البداية الحقيقية لسميحة أيوب حيث وجدت نفسها في أدوار تميزت بالعمق والقوة، وقدمت أعمالا شكلت جزءا أساسيا من تاريخ المسرح العربي.

في خمسينيات القرن الماضي، كانت سميحة أيوب تطل من كل نافذة فنية في السينما والمسرح والإذاعة وتوالت أفلامها بسرعة مذهلة مثل “شاطئ الغرام”، “قلبي على ولدي”، “الوحش”، “أغلى من عينيه”، “موعد مع السعادة”، وغيرها، فيما كانت تقف على المسرح بخطى واثقة في مسرحيات مثل “الأيدي الناعمة”.

في الستينيات، لم تهدأ سميحة أيوب بل ازدادت اشتعالا فنيا، وقدمت أفلاما مثل “لا تطفئ الشمس”، “يوم الحساب”، و”أرض النفاق”.

كما شاركت في مسلسلات ومسرحيات أيقونية مثل “السبنسة” و”سكة السلامة”، ومسلسل “خيال المآتة”، وازدادت ثقتها بموهبتها حين خاضت الإخراج المسرحي لأول مرة عام 1972 في مسرحية “مقالب عطيات”، تزامنا مع إدارتها للمسرح الحديث.

في عام 1975، شغلت منصب مدير عام المسرح القومي، واستمرت فى المنصب 14 عاما كاملة، صعدت خلالها بالمسرح المصري إلى آفاق جديدة وعلى خشباته، قدمت روائع مثل “ست الملك”، و”فيدرا”، و”الخديوي”.

مع بداية الثمانينيات، تسللت سميحة أيوب إلى دراما التلفزيون والمسرح، فقدمت أعمالا غزيرة مثل “دمعة ألم”، “المحروسة 85″، “أمهات في بيت الحب”، “الضوء الشارد”، و”السيرة الهلالية”.
وكانت فترة التسعينيات سنوات ازدهار تلفزيوني لها، أثبتت فيها قدرتها على التجدد والبقاء، ونجحت في ملامسة قلوب أجيال مختلفة.

وغابت سميحة أيوب عن الأضواء قليلا، لكنها عادت في الألفينات بأعمال جديدة مثل “أوان الورد”، “أميرة في عابدين”، “المصراوية”، و”عسكر وحرامية”، وعلى المسرح، وقفت مرة أخرى لتقدم “في عز الظهر”، و”الناس اللي في التالت”.

في عام 2012، عادت إلى السينما بعد غياب طويل، من خلال فيلم “تيتة رهيبة” مع الفنان الكوميدى محمد هنيدي، ثم توالت مشاركاتها في “الخفافيش”، “مزاج الخير”، و”الطاووس”.

– تكريم محلي ودولي

لم يكن عطاؤها الفني محل تقدير محلي فقط، بل حمل طابعا عربيا ودوليا، فحصلت على وسام الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر، وجائزة الإبداع من الرئيس السادات، ووسام من الرئيس الفرنسي ديستان.

كما قلدها الرئيس حافظ الأسد وسام الاستحقاق السوري،كما حصلت على وسام العلوم والفنون من الرئيس عدلي منصور في عيد الفن.

– وزير الثقافة: فنانة متفردة أعطت للفن حياتها

نعى الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، سيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب.

وقال وزير الثقافة إن الراحلة كانت نموذجا للفنانة الوطنية المخلصة والمبدعة، التي أعطت للفن حياتها، ووهبت جمهورها مشوارا استثنائيا من الإبداع والتفرد، مضيفا “ستظل أعمالها منارات تضيء طريق الأجيال القادمة، وستبقى ذكراها خالدة في قلوب محبيها”.

وأكد الدكتور أحمد فؤاد هنو أن رحيل سميحة أيوب يمثل خسارة فادحة للفن المصري والعربي، لما كانت تمثله من قيمة فنية وإنسانية رفيعة، ومسيرة متميزة تركت خلالها إرثا سيظل حيا في الوجدان.