اليوم العالمي للبيئة: هل سيتوصل الإنسان إلى اتفاق مع الطبيعة؟

اليوم العالمي للبيئة: هل سيتوصل الإنسان إلى اتفاق مع الطبيعة؟

مسيرة شاقة بدأتها البشرية منذ 51 عاما باتجاه صياغة رؤية أساسية مشتركة للحفاظ على البيئة البشرية وتعزيز مقوماتها والتصالح مع الطبيعة لمواجهة التحديات البيئية من أجل الحفاظ على سبل الحياة المستدامة وحق الأجيال المقبلة.

وإذا كنا لا نملك سوى أرض واحدة، فهناك حاجة ملحة وضرورية لسرعة العمل على حماية الموطن الوحيد للبشرية، وإصلاح النظم البيئية المتدهورة.

فالزمن يداهمنا والطبيعة تطلق نداء استغاثة ولمنع تجاوز الاحترار العالمي حاجز 1.5 درجة مئوية خلال هذا القرن، ينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030 بحسب الأمم المتحدة.

وإذا لم تتخذ إجراءات حاسمة وعاجلة فإن التعرض لتلوث الهواء سيتجاوز حدود الأمان بنسبة 50% خلال عقد واحد، في حين سيتضاعف تقريبا حجم النفايات البلاستيكية المتدفقة إلى النظم المائية بحلول عام 2040.

التحرك الفوري ليس خيارا، بل ضرورة لمواجهة هذه التحديات الوجودية.

وفي هذا الإطار، يحتفل العالم في 5 يونيو من كل عام بيوم البيئة العالمي الذي يعد فرصة للتذكير بأهمية حماية البيئة والتوعية بمسؤوليتنا تجاه كوكب الأرض والتفكير في التحديات التي تواجه بيئتنا والتحرك نحو تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال القادمة.

ويشكل يوم البيئة العالمي فرصة لجميع الأفراد والمجتمعات للانخراط في أنشطة متنوعة تهدف إلى حماية البيئة والمحافظة عليها.

ومن الجوانب المهمة التي يجب التركيز عليها هو الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

كما يجب تعزيز الوعي بأهمية تقليل انبعاثات غازات الدفيئة والحد من تغير المناخ الذي يؤثر على الكائنات الحية والبيئة بشكل عام.

* البداية

كان عام 1972 بمثابة نقطة تحول في تطوير السياسات البيئية الدولية، حيث عقد في هذا العام تحت رعاية الأمم المتحدة، المؤتمر الرئيسي الأول حول القضايا البيئية، في الفترة من 5 الى 16 يونيو في ستوكهولم بالسويد.

وكان الهدف من المؤتمر المعروف بمؤتمر البيئة البشرية أو مؤتمر ستوكهولم، صياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحدي الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها.

وفي 15 ديسمبر من نفس العام، اعتمدت الجمعية العامة قرارها باعتبار يوم 5 يونيو باليوم العالمي للبيئة وتحث الحكومات والمنظمات في منظومة الأمم المتحدة على الاضطلاع بهذا اليوم كل عام، بالقيام بنشاطات على مستوى العالمي، وتؤكد على حرصها على الحفاظ على البيئة وتعزيزها، بهدف زيادة الوعي البيئي ومتابعة القرار الذي تم الإعراب عنه في المؤتمر ويتزامن هذا التاريخ مع تاريخ اليوم الأول للمؤتمر .

منذ الاحتفال الأول في عام 1974، ساعد اليوم العالمي للبيئة برنامج الأمم المتحدة للبيئة على زيادة الوعي وتوليد زخم سياسي حول المخاوف المتنامية مثل استنفاد طبقة الأوزون والمواد الكيميائية السامة والتصحر والاحترار العالمي.

وتطور اليوم ليصبح منصة عالمية لاتخاذ إجراءات بشأن القضايا البيئية العاجلة.

* أهداف وتحديات

يهدف يوم البيئة العالمي إلى تحفيز الناس على اتخاذ إجراءات لحماية البيئة وتحسين الأحوال المعيشية للجميع ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال تنظيم حملات توعية وفعاليات تحث الناس على تحسين سلوكياتهم وتبني نمط حياة مستدام.

وهناك عدة تحديات بيئية رئيسية نواجهها اليوم، وهي مترابطة ولها آثار بعيدة المدى على صحة ورفاهية الناس والكوكب.. وتشمل بعض أكبر التحديات البيئية التي نواجهها اليوم:

1. التغير المناخي

هو واحد من أكبر التحديات البيئية التي نواجهها اليوم ويحدث نتيجة انبعاث الغازات الدفيئة وبشكل رئيسي ثاني أكسيد الكربون، من الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري والتصحر والزراعة.

ويؤدي التغير المناخي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية وارتفاع منسوب البحر وحدوث أحداث جوية متطرفة أكثر تكرارا وشدة، وغير ذلك من التأثيرات التي تهدد صحة ورفاهية الناس والنظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم.

2. فقدان التنوع الحيوي

يحدث نتيجة تدمير الأوساط الطبيعية والصيد الجائر والتلوث والتغير المناخي وهوتحد بيئي رئيسي لأنه يهدد بقاء العديد من الأنواع النباتية والحيوانية، مما يمكن أن يؤدي إلى تداعيات متسلسلة على النظم الإيكولوجية والخدمات التي توفرها للبشر مثل الغذاء والمياه النظيفة وجودة الهواء.

3. التلوث

ويشمل التلوث في الهواء والماء والتربة هو تحد كبير يؤثر على صحة ورفاهية الناس والنظم الإيكولوجية.

ويسبب التلوث بمجموعة من الأنشطة البشرية مثل العمليات الصناعية والنقل والزراعة، ويمكن أن يؤثر بشكل خطير على صحة الإنسان، بما في ذلك الأمراض التنفسية والسرطان وأمراض الجهاز العصبي.

4. التصحر

هو إزالة الغابات للزراعة والتنقيب والأنشطة البشرية الأخرى ويسهم في التغير المناخي وفقدان التنوع الحيوي وتآكل التربة.

كما يهدد التصحر بقاء العديد من المجتمعات الأصلية والحيوانات والنباتات التي تعتمد على الغابات للبقاء على قيد الحياة.

5. ندرة المياه

ويتسبب فيه مزيج من التغير المناخي ونمو السكان وممارسات الاستخدام غير المستدام للمياه.
كما يمكن أن تؤدي ندرة المياه إلى صراعات على الموارد وعدم الاستقرار الغذائي، ويمكن أن تؤدي إلى آثار صحية خطيرة مثل انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.

لذلك يعد تعزيز الوعي والتعليم بشأن القضايا البيئية جوهريا لنجاح جهود حماية البيئة ويجب أن يتضمن ذلك توجيه الانتباه إلى أهمية إعادة التدوير وتقليل النفايات، واستخدام الطاقة المتجددة، والحفاظ على الموارد المائية.

* الجهود المصرية للحفاظ علي البيئة

تضاعف الاهتمام بالأبعاد البيئية كثيرا فى السنوات الأخيرة نتيجة أخطار الإسراف فى استغلال الموارد الطبيعية.

لذا تسعى الحكومة إلى حماية البيئة المصرية، وخفض معدلات التلوث، ورفع مستوى الوعي العام بالجوانب البيئية من خلال السياسات التالية:

– زيادة التوجه نحو التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتمادا على الكربون.

– دعم أنظمة الإدارة البيئية المتكاملة لتوفير بيئة صحية للمواطنين.

– تفعيل سياسة التنمية المستدامة، وإدراج البعد البيئي في المشروعات التنموية والتوسع في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجال البيئة.

– التصدى للآثار الضارة للتغيرات المناخية بالتنسيق مع الجهات المعنية.

– الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال تطوير البنية التحتية، وتنمية وتطوير المحميات الطبيعية، والحفاظ على الثروات البحرية والبرية.

– الارتقاء بالسلوكيات البيئية للمجتمع بنشر الوعي البيئي بين الأفراد والمؤسسات.

– تبني سياسات مالية داخلية محفزة وداعمة للمنشآت الصديقة للبيئة، وتغليظ العقوبات الموقعة ضد الانتهاكات والممارسات البيئية الخاطئة.
تفعيل وتطوير النظام التشريعي البيئي.

– تكامل العمل، بالتنسيق بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المختلفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

– دعم لا مركزية الإدارة البيئية وبناء قدرات الإدارات البيئية بالمحافظات.

– إدماج قضايا النوع الاجتماعي وتفعيل دور المراة والشباب في الخطط البيئية.