البطاينة يكتب: أنغام الحرب تُسمع… هل بدأ العد التنازلي لتدمير إيران؟ ـ بقلم: جهاد البطاينة

البطاينة يكتب: أنغام الحرب تُسمع… هل بدأ العد التنازلي لتدمير إيران؟ ـ بقلم: جهاد البطاينة


بينما ينشغل العالم بضجيج حرب غزة وأوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة وتغير المناخ، تتحرك ماكينة الحرب في صمت على اجواء إيران، ليست التحركات العسكرية مجرد استعراض للقوة. ما يُحضّر لطهران هذه المرة لا يُشبه أي تهديد سابق، ولا يُشبه حتى ما جرى في العراق أو أفغانستان. إنها حرب مخططة بإتقان، هدفها: كسر العمود الفقري للجمهورية الإيرانية، وإنهاء التوازنات القديمة في الشرق الأوسط إلى الأبد.لماذا الآن؟ ولماذا إيران؟لأن إيران باتت أصل الصداع المزمن للولايات المتحدة وإسرائيل.هي التي خرقت كل الخطوط الحمراء في البرنامج النووي.هي من بنت خارطة ميليشياوية تمتد من صنعاء إلى بيروت وتحكم عواصم عربية وتنهب خيراتها وتجعل شعوبها عبيداً بالتبعيّة الدينية.وهي التي باتت تتحكم بأسعار النفط عالميًا عبر مضيق هرمز، وتهدد حلفاء واشنطن في الخليج بشكل مباشر وقتلت السوريين عبر اذرعها في سورية إبان حكم الهارب الاسد.لكن الأخطر من كل ذلك، أن إيران باتت رمزًا للإفلات من العقاب. كلما صعدت ضد الغرب، نجت. وكلما دعمت فصيلاً مسلحًا ارهابيا، ازدهر. وكلما هددت المصالح الدولية، كسبت أوراق تفاوض إضافية.لذلك، فإن قرار كسرها لا يعود فقط لرغبة انتقامية، بل لضرورات استراتيجية. الغرب بحاجة إلى ضربة “تأديبية – وجودية” تعيد ضبط ميزان القوى.الحرب القادمة لن تكون عادية.. بل نموذجيةالمخطط المرسوم لا يقتصر على “ضرب منشآت نووية” كما تُروّج الروايات الدبلوماسية الناعمة. نحن أمام مشروع تفكيك شامل، يشمل:1. إضعاف قدرات إيران العسكرية عبر موجات قصف مكثف (Shock and Awe).2. شلّ بنيتها الاقتصادية بضرب قطاع الطاقة والمصارف والبنى التحتية.3. استغلال الداخل الإيراني المنهك اجتماعيًا لتحريك احتجاجات شعبية وإعادة تفعيل ملف “تغيير النظام”.4. خلق فراغ إقليمي يُملأ بتحالفات جديدة ترسّخ وجود إسرائيل وتُقصي المحور الروسي الصيني.هل تمتلك إيران القدرة على الرد؟ نعم.. لكن!تمتلك إيران أوراقًا للرد. حزب الله في لبنان، الحوثيون في اليمن، الحشد في العراق، وحتى خلايا نائمة في الخليج. لكن السؤال الحقيقي:هل سيكون الرد متماسكًا ومنسقًا أم سيكون تفريغًا غاضبًا؟ما يراهن عليه المخططون هو أن الضربة الأولى ستكون قاصمة لدرجة تُفقد النظام الإيراني القدرة على التنظيم والاستجابة الجماعية. يريدونها ضربة تُربك كل الدوائر، من المرشد الأعلى حتى أصغر كتيبة في الحرس الثوري.ما الذي قد يتغيّر في الشرق الأوسط؟1. نهاية محور مايسمى بالمقاومة بصيغته الحالية انهاء حكم العمائم والملالي بالتدخل في شؤون العراق.حزب الله دون إيران سيكون مجرد ميليشيا محاصرة. الحوثيون بدون الدعم الإيراني سيعودون إلى مرحلة ما قبل الكمون.العراق سيعود للتأرجح بين واشنطن وطهران، لكن بلا غطاء إيراني مباشر.2. تحول إسرائيل إلى القوة المركزية الآمرة في المنطقة.فإذا تم القضاء على العمق الاستراتيجي الإيراني، فستُمنح إسرائيل ضوءًا أخضر لتشكيل “نظام أمني شرق أوسطي” بمشاركة عربية.ومن ثم إعادة هندسة النظام الإقليمي اقتصاديًا.أي تغيير جذري في إيران سيعني تغيّرًا في حركة النفط، والتجارة، والتحالفات الاقتصادية – حتى تركيا ستضطر لإعادة التموضع، وروسيا ستُستفز لحماية آخر منافذها.ازدهار تجارة السلاح وانفجار أسعار الطاقة.والخاسر الأكبر؟ الشعوب، من بيروت حتى برلين.من سيدفع الثمن؟الثمن لن تدفعه طهران وحدها. العالم كله سيشعر بزلزال الحرب:• أوروبا ستُواجه شتاءً آخر بديلاً للغاز الإيراني الذي مخطط له ان يصدر عبر تركيا والغاز الروسي.أسواق الطاقة ستشتعل، ومعها العملات، والفوائد، والتضخم.روسيا والصين ستدخلان على الخط بشكل غير مباشر، وقد تتحول أوكرانيا وتايوان إلى مسارح انتقامية.الدول المجاورة قد تتعرض لردود فعل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، رغم عدم مشاركتها السياسية في الحرب بشكل معلن.هل الحرب حتمية؟ليس بالضرورة لكن لربما ان تكون ضربات تأديبية للعمائم، لكن اللحظة الحالية تُشبه كثيرًا ما سبق غزو العراق. ضجيج صامت، ثم حملة شرسة في لحظة غير متوقعة.إذا لم تقع الحرب هذا الصيف، فإن الشتاء المقبل سيكون أكثر حدة.وإذا وقعت، فإن المنطقة ستشهد ميلادًا عسيرًا لنظام شرق أوسطي جديد، قد يستمر اضطرابه لعقد كامل.ما بعد الضربة؟قد تسقط طهران. وقد يُسحق الحرس الثوري. لكن من قال إن البديل سيكون أفضل؟ من قال إن إيران جديدة ستكون أكثر هدوءًا؟ التاريخ يُثبت أن الانفجارات الكبرى لا تنتهي عند حدود الدول المستهدفة، بل تُشعل حدودًا جديدة.الحرب على إيران – إن اشتعلت – لن تكون انتصارًا لأحد ليس دفاعا عنها ولكن لحفظ أمن المنطقة المتهالكة.هي حرب من النوع الذي يربح فيه السلاح وتخسر فيه الشعوب كاملة على الأرجح