الجبور يكتب: المنطقة تواجه نقطة تحول حرجة.. ورسائل سياسية متبادلة بلغة القوة ـ بقلم: المحامي محمد علي الجبور

الجبور يكتب: المنطقة تواجه نقطة تحول حرجة.. ورسائل سياسية متبادلة بلغة القوة ـ بقلم: المحامي محمد علي الجبور


شهدنا في الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في الصراع بين إيران وإسرائيل، بعد قيام الأخيرة بتنفيذ ضربات نوعية داخل العمق الإيراني، استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة. هذا الهجوم، الذي أسفر عن سقوط شخصيات قيادية في الحرس الثوري وعلماء نوويين، دفع بطهران إلى الرد، ولكن على طريقتها. الرد الإيراني لم يكن مفاجئًا من حيث الشكل، بل كان متوقعًا ضمن ما اعتدناه من طهران: رمزية محسوبة برسائل واضحة. عبر استخدام الطائرات المسيّرة، أرادت إيران أن تقول إنها قادرة على الوصول، ولكن دون أن تُشعل فتيل حرب شاملة لا تريدها في هذا التوقيت. هذا النمط من الردود ليس ضعفًا، بل جزء من عقيدة الرد التدريجي التي تعتمدها إيران منذ سنوات، بحيث تحفظ توازن الردع دون الانجرار لمواجهة مفتوحة قد تستنزفها داخليًا أو تُفقدها أوراقها التفاوضية إقليميًا ودوليًا.في تقديري، إيران لا تزال ترى أن الرد الحقيقي لم يبدأ بعد، وأن ما تم حتى الآن هو مرحلة أولى رمزية ومضبوطة الإيقاع. فطهران توازن بين عدة اعتبارات متشابكة: الداخل الغاضب بعد فقدان قيادات، والمجتمع الدولي الذي يترقب خطواتها، والمحيط الإقليمي الذي يتأثر مباشرة بأي انفجار في الوضع الأمني.لكن في المقابل، الرسالة الأهم من طهران لم تكن فقط عبر المسيّرات، بل أيضًا عبر التصريحات الرسمية على لسان المرشد الأعلى وقيادات الدولة، التي أكدت أن الحساب لم يُغلق بعد. وقد لا يأتي الرد بشكل مباشر، بل من خلال وكلاء إقليميين، أو على شكل هجمات سيبرانية، أو عمليات استخباراتية مركزة. إيران تملك الأدوات، وتختار الزمان والمكان.في النهاية، أعتقد أن المنطقة أمام مفترق حساس: فإيران تدرك أن هيبتها على المحك، وإسرائيل تدرك أن أي تجاوز إضافي قد يُفجّر الرد الإيراني الحقيقي. أما العالم، فيبدو عاجزًا عن كبح جماح التصعيد، مكتفيًا بالمراقبة والبيانات.ما نشهده ليس مجرد رد فعل، بل رسائل سياسية متبادلة بلغة النار، والكل يقرأها بطريقته.