الجغبير يكتب: رؤية جلالته.. عندما تلتقي الدبلوماسية بالقوة ـ تأليف: يوسف أحمد الجغبير

منذ أن اعتلى العرش، جسّد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، نموذج القائد الحكيم الذي أدرك بحنكة استثنائية تعقيدات الإقليم وتقلباته، وموقعه الجيوسياسي، فواجه التحديات بصبر الكبار، وبصيرة لا تخطئ المسار. في زمنٍ تموج فيه الأزمات، كان جلالته صمّام أمانٍ للأردن، ودرعًا حصينًا لشعبه، وحارسًا أمينًا لمكانة الوطن وهيبته.كرّس جهوده لتعزيز أركان الدولة، فكان بناء الجيش والأجهزة الأمنية أولوية وطنية، لذا دعم جلالته قواتنا المسلحة لتكون قوة صامتة، تعمل بعزيمة ناهضة، وإرادة لا تعرف التراجع، وبإصرار متين من الانضباط والكفاءة والاقتدار.ولم يكن ذلك استعراضًا ولا شعارًا، بل نهجًا راسخًا يحمي الوطن، ويُبقيه حاضرًا في وجه الأخطار، ومحصنًا ضد المتغيرات.وفي السياسة، رسم جلالته خارطة طريق أردنية فريدة، حافظت على صورة الوطن المعتدل، العاقل، الثابت على مبادئه، رغم اضطراب المحيط.وقف شامخًا إلى جانب القضايا العادلة، وعلى رأسها “قضية فلسطين”، دون أن تساوره لحظة تردّد أو مساومة، مثبتًا أن الحكمة لا تعني الحياد، والثبات لا يعني الجمود.ولعلّ أبرز ما يميّز نهج جلالته، أن دبلوماسيته الرفيعة لا تنفصل عن نهجه الأمني والعسكري، بل تصبّ في خندق واحد، حيث يشكّل الخطاب السياسي الهادئ والصلب في آن، غطاءً منيعًا لتعزيز الموقف العسكري، في انسجام نادر قلّ نظيره بين أدوات القوة.وهذا التوازن المحسوب، بين السياسة الحصيفة والقوة الرادعة، يُعد شاهدًا آخر على رجاحة عقل جلالته، وحنكته في قراءة المتغيرات والتعامل معها بمنطق الدولة، لا بردّات الفعل.لقد كانت قيادة جلالته، ولا تزال، عنوانًا للثبات والحنكة، ورسالته لا يدركها إلا أصحاب البصائر، ولا ينكرها إلا من أعمى الحقد قلبه، وأغفل عقله عن الحق والخير لهذا الوطن.فليطمئن الوطن، ما دام في مقدمة المسيرة قائدٌ لا تلين له قناة، وواجهة متينة لا تهاب التحديات، ودرعٌ أردنيٌّ راسخ، يُجيد فنّ التقدّم حين يتراجع الآخرون، ويختار العلوّ حين يضطرب المسار.فمع جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله ورعاه… يبقى الأردن عزيزًا، شامخًا، آمنًا.