الكردي يروي: ليلة رعب حقيقية – عندما تحولت السماء إلى ساحة للصواريخ – بقلم: جوان الكردي

لم تكن ليلة عادية.منذ لحظة غروب الشمس، كان هناك شعور غامض يسري في الهواء، وكأن شيئًا ثقيلًا قادم نحونا.وما هي إلا ساعات قليلة حتى تحوّلت السماء إلى مشهد من مشاهد الرعب، صواريخ تتطاير في الأفق، وأصوات انفجارات تهزّ المكان وتخترق الأمان الذي اعتدنا عليه.كانت الأخبار تتسارع: تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، تراشق صاروخي غير مسبوق.لكن هذه المرة لم يكن الخبر بعيدًا عنا، لم يكن مجرد سطر في الشريط الإخباري.لقد أصبح واقعًا نعيشه بأعيننا وآذاننا وجوارحنا.رأينا الوميض، سمعنا الصوت، اهتزّت النوافذ، وتسارعت دقات القلوب.ثم جاءت صفارات الإنذار…ذلك الصوت الحاد الذي لا يُشبه شيئًا آخر، يخرق الأذنين ويشعل القلق في كل زاوية.توقف كل شيء في اللحظة ذاتها.أُطفئت الأضواء، توقفت الأحاديث، وتجمّدت العيون على الشاشات أو في السماء.أصبحنا جميعًا في وضع انتظار… لا نعلم ما القادم.في تلك الساعات، فهمت للمرة الأولى كم هو هشّ شعور الأمان.كم نحن مرفهون دون أن ننتبه، حين نعيش أيامنا في راحة وسلام.الأمان ليس فقط بيتًا أو دولة، الأمان هو أن تغمض عينيك دون خوف، أن تسمع صوت الريح ولا تخلطها بصوت انفجار، أن لا تخشى على حياتك أو حياة من تحبّ في كل دقيقة.بلدي، الذي اعتدته بلد أمان، اهتزّ في داخلي للحظات.وسألت نفسي بصوت داخلي مرتجف: ماذا لو لم تعد الأمور كما كانت؟ماذا لو دخلنا في دوامة لا نعرف كيف نخرج منها؟الخوف الحقيقي لا يكون فقط من الصاروخ، بل من الفقد، من ضياع الطمأنينة، من تغيّر شكل الحياة كما نعرفها.ولأول مرة، رأيت ما لا يمكن أن يُرى في النشرات الإخبارية:رأيت مشهدًا مصغرًا جدا مما يعيشه أهل غزة وفلسطين كل يوم.هم لا يعيشون ليلة واحدة مرعبة… بل لياليَهم كلها، ممتدة، لا تنتهي.أطفالهم ينامون على صوت الرعب ويستيقظون عليه، وأمهاتهم لا يعرفن طعم النوم.بيوتهم تُهدم، أحلامهم تُقصف، وقلوبهم في حالة إنذار دائم.نحن هنا، في ليلة واحدة فقط، أصابنا الهلع، فكيف بهم وهم يعيشون هذا الواقع يوميًا؟كيف يُمكن لقلوبهم أن تحتمل؟ كيف تبقى أرواحهم متماسكة وسط كل هذا الموت المحيط؟نرفع أيدينا إلى السماء ونقول:اللهم احمِ بلدنا، واجعلها دائمًا بلد الأمان والسلام.الله أعن أهل غزة وفلسطين وخفف عنهم وأنزل عليهم رحماتك وسكينة وطمأنينة من عندك.