فريحات يكتب: موقف وطني راسخ للأردن فيما يتعلق بالسيادة الجوية لا يُمكن التفاوض عليه ـ بقلم: العقيد المتقاعد رائد فريحات

فريحات يكتب: موقف وطني راسخ للأردن فيما يتعلق بالسيادة الجوية لا يُمكن التفاوض عليه ـ بقلم: العقيد المتقاعد رائد فريحات


في خضم التصعيد العسكري الخطير بين إيران وإسرائيل، وفي ظل الفوضى الإقليمية التي تهدد أمن الشرق الأوسط واستقراره، يبرز الموقف الأردني كصوتٍ عاقلٍ و مسؤول، يؤكد على سيادة الدولة الأردنية واستقلال قرارها الوطني، ورفضها المطلق أن تتحول أراضيها أو أجواؤها إلى ميادين صراع تُدار لمصالح خارجية لا ناقة لنا فيها ولا جمل.لقد أعلن الأردن بوضوح أن أجواء المملكة الأردنية الهاشمية ليست ساحة حرب لأي طرفٍ كان ، وهذه ليست مجرد كلمات عابرة، بل موقف وطني راسخ يستند إلى عقيدة أمنية راسخة، تضع أمن المواطن الأردني فوق كل اعتبار.وفي هذا السياق، جاء قرار منع الطائرات الإسرائيلية من عبور الأجواء الأردنية لضرب إيران، متسقًا تمامًا مع السياسات الأردنية المتزنة والرافضة للانخراط في محاور أو تحالفات عسكرية عدوانية. وكما يُمنع طرفٌ من انتهاك السيادة الأردنية، فمن حق الدولة الأردنية التصدي الحازم لأي محاولة اختراق من الجانب الإيراني، سواء عبر صواريخ أو طائرات مسيّرة، والتي تمثل خطرًا جسيمًا على حياة المدنيين وممتلكاتهم.تجربة الأردنيين مؤخرًا مع سقوط مسيّرة إيرانية على أحد المنازل في بلدة إربد ليست إلا إنذارًا واضحًا لما قد تؤول إليه الأمور إن لم تتخذ القوات المسلحة الأردنية موقفًا صارمًا. فالسلاح الإيراني في المنطقة ليس دقيقًا، واحتمالات سقوطه خارج أهدافه العسكرية عالية، مما يجعل حياة المواطنين الأردنيين عرضة للخطر.إن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، وسلاح الجو الملكي، لم ولن يكونوا جزءًا من أي حرب لا تخدم المصالح الوطنية العليا. وموقفهم في الدفاع عن أجواء المملكة ليس دعمًا لإسرائيل أو لغيرها، بل هو دفاع صريح عن الوطن، وعن السلم الأهلي، والاستقرار الداخلي، والأمن القومي الأردني.إن تحويل الأردن إلى ساحة عبور للطائرات الحربية والصواريخ، أو إلى ممر إجباري لتصفية الحسابات الإقليمية، هو أمرٌ مرفوضٌ جملة وتفصيلًا، ولا يمكن أن تقبل به القيادة الأردنية، ولا الشعب الأردني الواعي، الذي يقدّر تمامًا حجم المخاطر المحيطة.كما أن الردود الداخلية والخارجية التي تحاول التشكيك بموقف الأردن أو تحميله ما لا يحتمل، تغفل عن حقيقة أن السيادة الوطنية غير قابلة للتفاوض، وأن صقور سلاح الجو الأردني أعلم الناس بمسؤولياتهم، وأكثر حرصًا من أي جهة أخرى على أمن واستقرار هذا الوطن.في وجه العواصف الإقليمية، يبقى الأردن صخرة تزن الأمور بميزان الحكمة، وتدافع عن حدودها وقرارها وسيادتها بثبات ووعي. وما نراه اليوم من تصديٍ صارم للطائرات المسيّرة والصواريخ المتسللة ليس سوى تعبير عن دولة تحترم نفسها، وتحمي شعبها، وتعرف تمامًا موقعها وتاريخها ودورها في المنطقة.عاش الأردن، ودامت سيادته مصانة بسواعد رجاله الشرفاء.