د. محمد كامل القرعان: بيروقراطية المراكز الصحية في الأردن.. هل حان وقت التغيير؟

د. محمد كامل القرعان: بيروقراطية المراكز الصحية في الأردن.. هل حان وقت التغيير؟


حين يضطر المواطن الأردني، وخاصة المريض أو كبير السن، لقضاء ساعات طويلة في المراكز الصحية بين التسجيل والتحويل والسجلات والتسعير والمحاسبة ثم الصيدلية، فإننا أمام نموذج إداري تقليدي بات عتيقًا ومثقلًا بالتعقيدات. تبدأ رحلة المراجع في المركز الصحي بمسار طويل ومعقد، يستهلك جهده ووقته وربما يُفاقم من حالته الصحية، بدلاً من أن يجد في المركز راحة وسرعة في الخدمة.إننا نتحدث عن خطوات إجرائية متتابعة تبدأ بالتسجيل، ثم التحويل للطبيب، ثم المرور على السجل، فالتسعيرة، فالمحاسبة، وأخيرًا الوصول إلى الصيدلية، وكأن المراجع في سباق ماراتوني بين النوافذ والموظفين. هذه المنظومة قد تصلح قبل عشرين عامًا، أما اليوم وفي ظل التحديثات الرقمية التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات، فإن الإبقاء على هذا الشكل البيروقراطي يُشكل عائقًا أمام جودة الخدمة الصحية وكرامة المواطن.السؤال الذي يفرض نفسه: أين التحول الرقمي؟ أين الربط الإلكتروني بين الأقسام؟ لماذا لا يتم دمج الإجراءات في منصة موحدة تبدأ من لحظة دخول المراجع حتى تسلم العلاج؟ لماذا لا نُخصص مسارًا ميسرًا لكبار السن وذوي الأمراض المزمنة يختصر عليهم العناء والوقت؟نحن لا نقلل من جهود الكوادر الصحية، بل نثمنها ونقدرها، ولكنّ المنظومة الإدارية بحاجة إلى إعادة نظر شاملة، تُعيد الاعتبار للهدف الأساسي من المراكز الصحية: تقديم الخدمة العلاجية بشكل ميسر، سريع، وإنساني.وفي ظل توجه الدولة بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني لتطوير القطاع العام وتحديثه، فإن إصلاح المنظومة الصحية، وبالأخص المراكز الصحية، يجب أن يكون أولوية عاجلة، لا سيما وأن هذه المراكز هي خط الدفاع الأول عن صحة المواطن في مختلف المحافظات.لقد آن الأوان لنسأل بجرأة: هل تعب المواطن من الانتظار، أم أن الوقت لم يحن بعد لتعب الأنظمة البيروقراطية؟