تحليل قانوني دولي حول تصاعد النزاع الإيراني الإسرائيلي – بقلم: المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين

تحليل قانوني دولي حول تصاعد النزاع الإيراني الإسرائيلي – بقلم: المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين


مع تصاعد النزاع المسلح بين إيران وإسرائيل، أصبح المجال الجوي للدول المجاورة ساحة محتملة لعبور الطائرات العسكرية وعمليات القصف والردع، وهو ما يثير تساؤلات قانونية حول مدى مشروعية استخدام أجواء دول محايدة دون إذنها. في هذا السياق، يُعد حق الأردن في منع اختراق مجاله الجوي ثابتًا وواضحًا بموجب القانون الدولي، وهو حق ينبع من مبدأ السيادة الذي يشكل حجر الأساس في العلاقات الدولية. تؤكد اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لعام 1944 على أن لكل دولة السيادة الكاملة والمطلقة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها، وبالتالي فإن أي دخول غير مشروع إلى هذا المجال، سواء من قبل طائرات عسكرية أو حتى طائرات استطلاع، يُعد انتهاكًا صريحًا لسيادتها.إلى جانب ذلك، يُلزم القانون الدولي الإنساني أطراف النزاعات المسلحة باحترام حياد الدول غير المنخرطة في النزاع، ولا يجوز لها استخدام أراضي هذه الدول – بما في ذلك المجال الجوي – لأغراض عسكرية دون موافقة صريحة. ينطبق هذا بشكل مباشر على حالة الأردن، الذي لم يكن طرفًا في النزاع الدائر بين إيران وإسرائيل، وبالتالي فإن عبور أي طائرة حربية من أي طرف عبر أجوائه دون إذن مسبق يشكل انتهاكًا واضحًا للحياد ومخالفة صريحة للبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977.ويمتد هذا الحق السيادي ليشمل قدرة الدولة على اتخاذ تدابير دفاعية لحماية مجالها الجوي من أي اختراق غير مشروع، بما في ذلك الإنذار، الاعتراض، بل وحتى إسقاط الطائرات إذا شكلت تهديدًا مباشرًا. ووفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، يحق للدول ممارسة الدفاع الشرعي عن النفس إذا تعرضت لعدوان مسلح، أو إذا كان هناك تهديد جدي ووشيك باستخدام القوة، ما يعزز موقف الأردن القانوني في مواجهة أي خروقات محتملة لأجوائه خلال هذه الحرب الإقليمية.وعلاوة على ذلك، يمتلك الأردن حقًا قانونيًا أصيلًا في المطالبة بالتعويض عن أي أضرار تنجم عن اختراق أجوائه أو انتهاك سيادته، سواء كانت هذه الأضرار مادية – كخسائر ناتجة عن سقوط حطام طائرات أو ضربات خاطئة – أو معنوية تتعلق بتهديد الأمن الوطني، أو إرباك المجال الجوي المدني، أو تعريض السكان للذعر وعدم الاستقرار. هذا الحق بالتعويض يستند إلى مبادئ المسؤولية الدولية، حيث يلتزم الطرف الذي يرتكب فعلًا غير مشروع دوليًا بإصلاح الضرر الناتج عنه، وفقًا لمسودة لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول (2001). وتُعتبر السوابق الدولية، مثل تعويضات الولايات المتحدة لإيران عن إسقاط طائرتها المدنية عام 1988، أو تعويضات ليبيا عن حادثة لوكربي، تأكيدًا على مبدأ جبر الضرر كجزء أساسي من قواعد القانون الدولي.في ضوء ما تقدم، فإن موقف الأردن القانوني يتمتع بصلابة وشرعية كاملة في رفض أي اختراق لأجوائه، وفي المطالبة بحقوقه السيادية، بما في ذلك الحق في التعويض عن أي انتهاك يتسبب في أضرار، أيا كان شكلها. إن تمسك الأردن بهذا المبدأ لا يُعد تصرفًا عدائيًا بل هو تعبير عن احترام القانون الدولي، وسعي لحماية أمنه واستقراره الداخلي، في منطقة تُعد من أكثر مناطق العالم حساسيةً وتوترًا.