الروابدة تناقش: هل حان الوقت لتحديث الهيكل الزراعي في الأردن للتكيف مع التغيرات المناخية؟ (1) ـ بقلم المهندسة الزراعية فداء الروابدة

يبين الواقع المناخي أن الأردن يعد من أفقر الدول مائياً في العالم ويسجل إرتفاعاً تدريجياً في درجات الحرارة بمعدل يفوق المتوسط العالمي وإنخفاض معدل سقوط الأمطار في بعض المناطق بنسبة 20% خلال العقود الأخيرة كما يشهد الأردن مواسم مطرية متقلبة من حيث التوقيت والكمية. أما واقع القطاع الزراعي فهو يشكل أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي وتعتمد أكثر من 70% من المحاصيل الزراعية على مياه الري، لا سيما في منطقة وادي الأردن بالإضافة إلى معاناة المزارعين من ضعف الدعم الفني والتقني وإرتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، وهجرة الأيدي العاملة الزراعية الى المدن سعياً وراء الأمن الإجتماعي والإقتصادي.ويعتبر تغيير الخارطة الزراعية في الأردن من المتطلبات الضرورية جداً في الوقت الحالي في ظل التغيرات المناخية الحالية والأوضاع السياسية المحيطة ،واستراتيجية الأمن الغذائي والعمل على استدامة الموارد الطبيعية لخصوصية الأردن مما يجعل الزراعة التقليدية غير قابلة للإستمرار بنفس النمط السابق.فالتغيرات المناخية عبارة عن تحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس، تعود في الغالب إلى النشاط البشري مثل انبعاثات غازات الدفيئة من الصناعة والزراعة والنقل، مما يؤدي إلى ظواهر مختلفة عدا عن إرتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير أنماط الأمطار فهناك إزدياد في موجات الجفاف والفيضانات وذوبان الجليد وإرتفاع مستوى البحار مما له أثر واسع على القطاع الزراعي عالمياً ومحلياً وذلك بتقليل إنتاجية المحاصيل الحساسة للحرارة مثل القمح وزيادة حاجة النباتات للمياه مما يرفع تكاليف الري.كما يسرّع التغير المناخي في نمو وإنتشار بعض الآفات الزراعية بزيادة تكاثر بعضها واختفاء بعضها الآخر وتأقلم بعضها على الظروف المحيطة ،وانتقال الأمراض النباتية والحيوانية إلى مناطق جديدة.أما نقص المياه والتغًير في نمط الهطول المطري فذلك يؤدي إلى تقليص فترة الزراعة البعلية وتقلًب المواسم الزراعية مما يربك دورة الإنتاج الزراعي ويزيد من الإعتماد على المياه الجوفية والمصادر غير المستدامة. وللظواهر المناخية الحادة أو المتطرفة نصيب كبير مثل موجات الصقيع أو موجات الحرّ المفاجئة أو السيول أو الفياضانات والتي يمكن أن تؤدي إلى دمار المحاصيل كاملة وتدمير البنية التحتية الزراعية من سدود وطرق زراعية وغيرها.كما أن التأثيرات الإقتصادية والإجتماعية من التأثيرات الهامة في ظل التغيرات المناخية وإجمالاً إن عملية إنخفاض الإنتاج تؤدي إلى إرتفاع الأسعار مما يؤثر على الإقتصاد الزراعي وصعوبة توفير محاصيل أساسية وتذبذب الأمن الغذائي وصعوبة الزراعة في المناطق الريفية مما يدعو للهجرة إلى المدن ،أما تراجع فرص العمل في القطاع الزراعي والقطاعات المرتبطة فيؤدي إلى زيادة البطالة فيما تظهرهشاشة المجتمعات الريفية المعتمدة على الزراعة في الفقر الريفي.ومن أبرز التوجهات التي يجب أن تضمنها تغيير الخارطة الزراعية الأردنية لمواجهة التغيرات المناخية هو التحول إلى الزراعة الذكية مناخياً ،وتعديل التركيب المحصولي ،وتحسين إدارة الموارد المائية ،بالإضافة إلى التحول نحو الزراعة المحمية وتشجيع الزراعة المائية والأهم في ذلك كلة دعم المزارعين بالتدريب والتكنولوجيا وتوفير إرشاد زراعي حديث وتطوير البحث العلمي الزراعي التطبيقي وأخيراً وليس آخراً دعم ريادة الأعمال والإبتكار الزراعي خاصة في المشاريع ذات الانعكاس الإيجابي في الحد من تأثير التغيرات المناخية.في الخلاصة نعم، يمكن القول بأن الوقت قد حان فعلياً لإعادة النظر في الخارطة الزراعية الأردنية، إستجابة لمجموعة من العوامل المتداخلة، وعلى رأسها التغيرات المناخية والظروف البيئية والإقتصادية والإجتماعية فالتوقيت مناسب وضروري لتغيير الخارطة وفرصة لتعزيز القدرة التكيفية وتحقيق تنمية زراعية حقيقي.وللحديث بقية..