غيث القرالة: السيادة لا تقبل المساومة.. الأردن بين الحكمة والافتراء

في خضم التوترات المتصاعدة في الإقليم وتصاعد وتيرة الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل وجد الأردن نفسه مرة أخرى أمام سيل من الاتهامات التي لا تستند إلى دليل، تتهمه بـ”فتح أجوائه” أمام عمليات عسكرية أو “الانحياز” لمحور على حساب آخر. غير أن مثل هذه الادعاءات لا تنم إلا عن جهل بطبيعة الدور الأردني ولا تعكس سوى محاولات لزج المملكة في صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل. لقد أثبت الأردن عبر عقود أنه دولة تملك قرارها السيادي ولا تتحرك إلا بما يخدم مصالحها الوطنية العليا وأمنها القومي فالموقف الأردني لم يكن يوماً دفاعياً بل موقف نابع من وعي استراتيجي راسخ يتعامل مع الأحداث الإقليمية وفق منطق التوازن والحكمة لا وفق الاصطفاف أو التبعية والدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني لطالما حذرت من انفجار الأوضاع الإقليمية ودعت باستمرار إلى حلول سلمية قائمة على القانون الدولي خصوصاً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يمثل جوهر الأزمة.ما يثير الاستغراب هو أن الاتهامات الأخيرة لا تأتي من أطراف متضررة مباشرة بل من محاور إعلامية تسعى إلى تحويل الأردن إلى ساحة تصفية حسابات أو ورقة ضغط إقليمية والحقيقة أن الأردن وعلى خلاف ما يشاع أغلق مجاله الجوي بالفعل في لحظات تصاعد التوتر كما حدث في نيسان الماضي لحماية أمنه ومواطنيه، وليس لأي حسابات إقليمية.إن الدفاع الحقيقي عن الوطن لا يكون بالرد على الشائعات بل بالثبات على المبادئ والمبدأ الأردني واضح لا للحروب بالوكالة ولا لزج المملكة في معارك الآخرين ولا مساومة على السيادة هذا الموقف ليس دفاعياً بل هجوم ناعم ضد محاولات التشكيك.مجمل القول.. فإن الأردن ليس بوارد الدفاع عن مواقفه لأنها لا تحتاج إلى تبرير بل هو ماضياً في حماية مصالحه الوطنية وصون استقراره وحماية شعبه من نيران الفوضى المحيطة وهذا ما يجب أن يقرأ جيداً لا ما يقال ضمن حملات التهويل والتأويل.