الرواشدة تكتب: الأردن.. استقلال لا يحتمل التفاوض ـ بقلم: د. ريم محمود الرواشدة

الرواشدة تكتب: الأردن.. استقلال لا يحتمل التفاوض ـ بقلم: د. ريم محمود الرواشدة


في زمن اختلطت فيه المبادئ بالمصالح، وارتفعت فيه أصوات الزيف فوق صوت العقل، يختار الأردن أن يثبت مجددًا أنه وطن السيادة، لا التبعية. يتعرّض اليوم لهجمة إعلامية ممنهجة، لا لأنه أخطأ، بل لأنه رفض أن يُزَجّ في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقرّر أن يحمي حدوده وسماءه وشعبه.يستنكر البعض موقفه المحايد، ويتهمونه بالخيانة ! وكأن الحياد في زمن الحروب صار تهمة، وكأن رفضك أن تكون سماؤك ممرًا لطائرات الآخرين يُعدُّ خيانة. والحقيقة أن الخيانة كل الخيانة، أن تُسلم سيادتك لغيرك، أن تتحول إلى ممرٍّ لخلافات الآخرين، أن تفرّط بأمن وطنك إرضاءً لجهة على حساب أخرى.الأردن ليس حديث عهدٍ بالثبات. هو الذي وقف مع فلسطين حين خانها الأقربون، وهو من فتح أبوابه للمشرّدين من كل صوبٍ دون منّة. لم يتاجر بإنسانيته، ولم يركض خلف كاميرات التلميع. تحمّل ما لا يُحتمل بصمت الحكماء، لكنه حين يُستفَز، يعرف كيف يُعلن موقفه بحزم.سيادة الأردن ليست قابلة للمساومة، وحدوده خط أحمر، وقراراته تُصاغ في عمّان، لا في عواصم تُصنِّع الفوضى وتُوزّع الولاءات حسب مصالحها. وإن كان الصمت أحيانًا سياسة، فإن الكلام اليوم ضرورة، ليُفهم بأن الأردن لا يقبل أن يكون تابعًا، ولا أن يُستخدم كورقة في صراع الكبار.نقف خلف دولتنا وجيشنا وقيادتنا، لا لأننا مغيّبون، بل لأننا مؤمنون أن من يختار الحياد لحماية وطنه في زمن الجنون هو من يستحق الاحترام لا الهجوم. فلتسقط كل أبواق التشويه، وليبقى الأردن كما كان: وطنًا عزيزًا، وسيّد قراره، لا يُملى عليه من أحد .