قانون الأسس الافتراضية: نقطة تحول تاريخية في تطور الاقتصاد الأردني الحديثة

قانون الأسس الافتراضية: نقطة تحول تاريخية في تطور الاقتصاد الأردني الحديثة


مدار الساعة – كتب جون بولص دركجيان: بصدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قانون تنظيم التعامل بالأصول الافتراضية، يضيف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، لبنة جديدة في صرح التحديث الاقتصادي الأردني، مجسداً رؤية ملكية استشرافية تُراهن على المستقبل وتُعزز موقع الأردن على خارطة الاقتصاد الرقمي العالمي.لقد جاءت هذه الإرادة الملكية المشرّفة في توقيت بالغ الأهمية، حيث يتسارع التحول الرقمي عالمياً وتتشكل ملامح اقتصادات جديدة تقوم على الأصول الرقمية والتكنولوجيا المالية. ومن خلال هذا القانون، يعلن الأردن، بقيادته الحكيمة، جاهزيته الكاملة لدخول هذا العصر بثقة واقتدار، وبمنظومة تشريعية متكاملة تعكس أعلى درجات الوعي السيادي والاستباقية الإصلاحية.يمثل هذا القانون إطاراً تنظيمياً رائداً يضمن حماية المستثمرين ويعزز الشفافية ويكافح الجرائم المالية، وهو ما يُعيد ترسيم صورة الأردن كمركز إقليمي جاذب للاستثمار والابتكار المالي، وبيئة مثالية لنمو الشركات العاملة في مجال الأصول الافتراضية والبلوك تشين والتكنولوجيا المتقدمة.ولا يقتصر أثر هذا القانون على البُعد الاستثماري فقط، بل يمتد ليشكل رافعة حقيقية لتشغيل الشباب الأردني، من خلال تشجيع تأسيس الشركات المحلية المتخصصة وتوفير فرص تدريب وعمل نوعية تواكب المهارات المطلوبة في الاقتصاد الرقمي، وهو ما سينعكس إيجابًا على معدلات النمو ورفع الناتج المحلي الإجمالي.وقد راعى القانون في بنيته التشريعية الانسجام الكامل مع القوانين الناظمة الأخرى، كقانون الأوراق المالية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعزز موثوقيته ويجعله مطابقًا للمعايير الدولية، ويمنح هيئة الأوراق المالية صلاحيات رقابية متقدمة تُرسّخ مفهوم الحوكمة الرشيدة.كما شدد القانون على ضرورة الترخيص المسبق لأي جهة تقدم خدمات الأصول الافتراضية داخل المملكة، وألزم بالفصل الكامل بين أموال العملاء وأموال الشركات، ووفّر حماية متقدمة من الإعسار، وهو ما يشكل قفزة نوعية في مسار التشريع الاقتصادي الأردني، ويجعل من المملكة نموذجًا يُحتذى في التنظيم الذكي والآمن لهذا القطاع الحيوي.إننا اليوم أمام لحظة مفصلية في المسيرة الاقتصادية الأردنية؛ لحظة تعكس عمق الرؤية الملكية وثبات الإرادة الوطنية في بناء اقتصاد تنافسي عصري، يواكب العالم ويستبق تحدياته. فبفضل هذا القانون، يتهيأ الأردن ليكون ليس فقط مشاركًا في الثورة الرقمية العالمية، بل مركزاً إقليمياً للريادة في اقتصاد المستقبل.جون بولص دركجيان – كاتب ومحلل اقتصادي أردني