هل ينعقد النذر إذا كان الشخص قد نطق باسم غيره بدلًا من اسمه؟

مدار الساعة – السؤال: من أراد أن يقول نذرا، وقال نذرا آخر غير الذي أراد أن يقوله، مثلا أردت أن أقول النذر بأن أدرس كل خميس، لكني قلت: النذر بان أصوم كل خميس، ولم أكن أنوي أن أقول نذر الطاعة أبدا، بل أتت على لساني، ولم أعرف كيف قلتها؟ فهل يجب ان أصوم؟ الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا أراد الشخص أن يقول نذرًا، فسبق لسانه إلى التلفظ بغيره: لم ينعقد نذره، كما لو أراد أن يقول: نذرت أن أدرس كل خميس، فقال: نذرت أن أصوم كل خميس، وذلك أن شرط النذر التلفظ به، ولا تكفي فيه النية، والحال هنا أنه لم يتلفظ بنذره، الذي هو الدراسة.وأما الصوم فلم يُرِده أصلا، ولم يعقد نيته على نذره؛ فلم يتعلق به حكم.وقد ذكر الفقهاء نحو ذلك في اليمين.قال في “أسنى المطالب” (4/ 241): “(ومن حلف بلا قصد)؛ بأن سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد، كقوله في حالة غضب، أو لجاج، أو صلة كلام: لا والله تارة، بلى والله أخرى.(أو سبق لسانه) بأن حلف على شيء، فسبق لسانه إلى غيره= (فلغو)؛ أي: فهو لغو يمين؛ إذ لا يقصد بذلك تحقيق اليمين، ولقوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم [البقرة: 225]” انتهى.وقال صاحب “فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان” (961): وفي معنى اللغو: ما لو حلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره. انتهى.وفي الموسوعة “الفقهية الكويتية” (7/ 267): ” لا تشترط عند الحنفية الطواعية – أي الاختيار – في الحالف، ولا العمد – أي القصد – فتصح عندهم يمين المكره والمخطئ، وهو من أراد غير الحلف فسبق لسانه إلى الحلف، كأن أراد أن يقول: اسقني الماء، فقال: والله لا أشرب الماء؛ لأنها من التصرفات التي لا تحتمل الفسخ فلا يؤثر فيها الإكراه والخطأ، كالطلاق والعتاق والنذر وسائر التصرفات التي لا تحتمل الفسخ.وقال المالكية والشافعية والحنابلة: تشترط الطواعية، والعمد، فلا تنعقد يمين المكره ولا المخطئ” انتهى.وينظر: “الموسوعة” (19/ 166)، “شرح الزركشي على الخرقي” (7/ 76)، “الإنصاف” (11/ 22).والنذر حكمه حكم اليمين.فعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا النَّذْرُ يَمِينٌ، كَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) رواه أحمد (17340)، ورواه مسلم (1645) بلفظ: ( كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ).قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” والنذر نوع من اليمين، وكل نذر فهو يمين، فقول الناذر: لله علي أن أفعل. بمنزلة قوله: أحلف بالله لأفعلن؛ موجب هذين القولين التزام الفعل معلقا بالله.والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (النذر حلف)، فقوله: إن فعلت كذا، فعلي الحج لله؛ بمنزلة قوله: إن فعلت كذا فوالله لأحجن ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (35/258).والحاصل: أن نذرك لم ينعقد، لا للدراسة ولا للصوم، أما الدراسة فلعدم التلفظ بها، وأما الصوم فلعدم قصد لفظه.