إيران – تأليف: عبدالهادي راجي المجالي

إيران – تأليف: عبدالهادي راجي المجالي


… منذ أكثر (40) عاما، أي: منذ انطلاق الثورة الإسلامية في إيران، وتلك الدولة تقوم بإعداد المجتمع وتثقيفه بما يتماهي مع قيم ومبادئ الثورة، إيران لم تركز على التنمية ولا على الإقتصاد، لم تركز على البنية التحتية.. ولا على عالم (الرقمنة) بقدر ما ركزت على مشروع تصدير الثورة، وعلى تحصين العقل الإيراني، وعلى فكرة المقاومة وتحرير فلسطين، ناهيك عن التوسع وانتاج الأذرع المسلحة لها في المنطقة.حين تتحدث عن ثورة إسلامية، تتحدث عن قيم ومبادئ، تتحدث أيضا عن أجيال ولدت وعاشت وهي تقاتل الان تحت مظلة الثورة الإسلامية، وتتحدث عن وصايا الإمام الخميني، وما تركه في المجتمع من: حرس ثوري، وقوات باسيج ومؤسسات أمنية، وأخرى دينية..لكن السؤال الذي يقض مضجعي هو: كيف استطاعت إيران أن تزرع في أذهان جيل كامل حتمية تحرير فلسطين، وضرورة مواجهة أمريكا باعتبارها الشيطان الأكبر..ونسيت أن تحصن مجتمعها من الإختراقات، كيف يقتل في ساعات معدودة (8) من أهم قادتها العسكريين؟ كيف يتم اختراق الناس وتجنيدهم لكي يصبحوا أدوات للموساد، كيف تصنع المسيرات الخفيفة في الداخل الإيراني وعلى يد إيرانية..ثم تنطلق من أجل تدمير مؤسسات الدولة، واغتيال قادتها…كوريا الشمالية دولة صغيرة بالمقارنة مع إيران، مواردها محدودة جدا…تعاني من المجاعات المتكررة، ولكن الغرب لم يستطع أن يتسلل إلى عقل مواطن كوري واحد، لم يستطع أن يجند خلية من أجل تخريب مفاعل أو اغتيال قائد عسكري واحد، لم يستطع للان أن يقوم بالتأثر على الداخل الكوري..الصين تشبه إيران، فهي ما زالت تعيش ضمن إرث القائد والزعيم (ماوتسي تونغ)، ما زالت تعيش تحت مظلة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، لكن الصين للان لم يستطع الغرب، أن يوقف مشروع تطوير طائراتها، لم يستطع أن يخترق منظوماتها العسكرية، ومازال حائرا في إنتاجها، لايجرؤ على مواجهتها عسكريا.. ولم يسجل في تاريخها، أن اختراقا أمنيا كبيرا قد حدث في منظومتها العسكرية..أو أن سرقة حدثت لبرنامج تطوير صواريخها.أنا لا أقف أبدا ضد إيران بل أنا بجانبها، في النهاية تبقى دولة إسلامية وتبقى تمثل الجزء الأكبر من المنطقة جغرافيا واستراتيجيا، وتمتلك مخزونا هائلا من الطاقة…لكن إيران على ما يبدو لم تطور في مشروع الثورة، ذات الخطاب الذي مارسه الإمام الخميني..هو ذاته يردده المرشد الأعلى (الخامنئي)، ذات العقلية الإعلامية التي بدأت في منتصف الثمانينات، ذاتها بمفرداتها ومضامينها تتكرر الان…المجتمع الإيراني نفسه، لم يستطع أن ينتقد الثورة، وكل من ينتقدها هو عميل للغرب، والحياة السياسية في إيران شبه معدومة، لا أحزاب ولا تيارات?سياسية متنوعة، ولا انفتاح.إيران الحالية هي نتاج الإمام الراحل الخميني والصين الحالية هي نتاج (ماوتسي تونغ)..لكن الفارق بينهما، أن الصين طورت ثورتها، أطلقت إبداع الشباب والمجتمع، أقامت بنية صناعية، أنتجت مشروع الصناعات الصغيرة..انفتحت على الغرب بشروطها، احترمت الحريات الفردية في التملك والإستثمار والسفر..الصين طورت ثورتها بشكل متصاعد، وأبقت (ماوتسي تونغ) مجرد رمز خالد في الذاكرة فقط، في حين أن إيران بقيت رهينة تفكير المرشد الأعلى… لهذا اخترقت.حمى الله الشعب الإيراني من كل مكروه.