فريحات يكتب: إسرائيل تعيق القدرات الإيرانية – بقلم العقيد المتقاعد رائد فريحات

تشير التطورات الحربية والقتالية الجارية إلى تفوق واضح لسلاح الجو الإسرائيلي في المواجهة مع إيران ، فقد نفذت إسرائيل ضربات جوية دقيقة في العمق الإيراني، استهدفت منشآت حيوية شملت مواقع لتخصيب اليورانيوم ومراكز تطوير الصواريخ الباليستية، ما ألحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية العسكرية والاستراتيجية الإيرانية.في المقابل، أطلقت إيران عدة موجات صاروخية باتجاه إسرائيل، إلا أن فعاليتها كانت محدودة. ويُعزى ذلك إلى اعتماد الصواريخ الإيرانية على أنظمة توجيه بالإحداثيات الثابتة، دون الاستفادة من تقنيات التوجيه عبر الأقمار الصناعية، ما أدى إلى انخفاض دقة الإصابة وتراجع التأثير العملياتي للهجمات ، وقد لوحظ انخفاض في عدد الصواريخ التي أطلقت يوم أمس باتجاه إسرائيل مقارنة بالأيام السابقة.من جانبها، واصلت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية – وفي مقدمتها “القبة الحديدية” – أداءها العالي، حيث تمكنت من اعتراض الغالبية العظمى من المقذوفات، مما حدّ بشكل كبير من تأثيرها، وساهم في تأكيد السيطرة الإسرائيلية شبه الكاملة على المجال الجوي، دون تسجيل أضرار كبيرة على المستوى المدني أو العسكري.ميدانيًا، شهدت العاصمة الإيرانية طهران حالة من الاضطراب، حيث رُصدت تحركات كثيفة للسكان نحو خارج المدينة، في مؤشر واضح على تصاعد القلق من إمكانية توسّع الضربات. هذا الاضطراب الداخلي تزامن مع مؤشرات على ارتباك وتردد في اتخاذ القرار داخل البنية السياسية والعسكرية الإيرانية.سياسيًا، تصاعدت في الساعات الأخيرة التقديرات الإعلامية في إسرائيل والغرب بشأن احتمال تصعيد نوعي قد يشمل استهداف شخصيات قيادية عليا في النظام الإيراني، من بينها المرشد الأعلى علي خامنئي. ويُنظر إلى هذا السيناريو باعتباره ورقة ضغط قصوى تهدف إلى دفع طهران نحو التراجع أو القبول بشروط تفاوضية جديدة. هذا الطرح – رغم أنه لا يزال ضمن نطاق التحليلات – يعكس تحولًا لافتًا في الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية والدولية تجاه إيران، بعد فشل العقوبات والضغوط الدبلوماسية التقليدية.وتشير التحليلات الإقليمية إلى أن الهدف الإسرائيلي لم يعد يقتصر على البرنامج النووي، بل توسع ليشمل ثلاث ركائز أساسية من بنية القوة الإيرانية وهي القدرات النووية، ومنظومات الصواريخ الباليستية، والقيادة السياسية والعسكرية العليا ، وترتكز هذه الاستراتيجية على تقليص قدرة طهران على شن هجمات مباشرة أو بالوكالة، وتحجيم نفوذها الإقليمي.في حال تطور الصراع وتدخلت الولايات المتحدة عسكريًا، فقد تتجه الأمور نحو محاولة إسقاط نظام “ولاية الفقيه” كليًا، مستغلين حالة الضعف الداخلي، وربما التمهيد لفوضى داخلية تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في إيران. وتشير المعلومات إلى أن هذه الضغوط العسكرية، المتزامنة مع اضطرابات داخلية حادة، قد تؤدي إلى انقسام شعبي، وتفكك في بنية النظام، لا سيما مع وجود مؤشرات على تباعد وتوتر بين خامنئي وبعض القيادات العسكرية .هذا المشهد المعقد قد يدفع النظام الإيراني إلى مراجعة مواقفه، والقبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات تحت ضغط “قوة النار”، في ظل تحركات البوارج الأمريكية، لتقديم تنازلات صعبة بهدف الحفاظ على بقاء النظام. وإذا تحقق هذا السيناريو، فقد يتحول النظام الإيراني إلى كيان سياسي محدود النفوذ، محصور في المجال الديني داخل الحوزات في قم ومشهد، ما يعني عمليًا تحجيم دوره واحتواء خطره على الأمن الإقليمي، وإنهاء مرحلة امتدت لعقود من التدخل الإيراني في شؤون دول الجوار.