عند جلوس الوزير الخلايلة على الأرض بمشاعر منى | الأخبار العاجلة

عند جلوس الوزير الخلايلة على الأرض بمشاعر منى | الأخبار العاجلة


مدار الساعة – كتبت: تغريد قرقودة – ليس من المعتاد أن ترى وزيرًا يجلس على رصيف في موسم الحج.وليس من المألوف أن تراه بلا حراسة أو بهرجة أو عدسات تدور حوله؛ لكن محمد الخلايلة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية فعلها بهدوء يشبه جوهر الرسالة التي يحملها.جلس على الرصيف بين الحجاج لا كأنه مسؤول كبير بل كأنه خادم صغير في حضرة الكبار.كأنه يقول دون أن يتكلم إن خدمة الناس لا تُدار من فوق وإن القرب من الحجيج لا يحتاج إلى تصاريح مكتوبة بل إلى قلب يمشي بينهم.في لحظة واحدة تحوّل الرصيف إلى منبر وتحوّل الصمت إلى بلاغةوتحوّلت الصورة العابرة إلى معنى لا ينسى.كان بإمكانه أن يراقب المشهد من بعيد كما يفعل كثيرون..أن يثق بتقارير مكتوبة وابتسامات بروتوكوليةلكنه اختار أن يضع كفه على نبض الطريق.. أن يرى تعب الحجاج بعينيه..أن يتنفس معهم هواء مكةوأن يحمل معهم بعضًا من العبء؛ لا بالكلمات بل بالجلوس نفسه.هذا ليس تصرفًا عابرًا ولا استعراضًا سياسيًا كما يظن بعض السطحيينهذا موقف فلسفي كامل يلخص معنى خدمة الحجيج في زمن تبتعد فيه المناصب عن الناس.جلوس الخلايلة على الرصيف كان فعلًا رمزيًا يقول فيه إن الوزارة ليست جدارًا بينه وبين الناس بل جسر إليهموإن الرسالة لا تُبلّغ من برج عاجي بل من عتبة الطريق حيث الألم موجود والأمل أيضًالم يجلس ليستريحبل جلس ليرىجلس ليشعرجلس ليقول إن المسؤول الحق لا يلبس موقعه بل ينزعه كلما اقترب من قلوب الناسوهذا ما فعله بالضبط حين اختار البساطة بدل الاستعراضوالتعب بدل الراحةوالرصيف بدل المنصةفي زمن تتكاثر فيه الكلمات ويقلّ فيه الفعليأتي جلوس صامت كهذا ليصنع فرقًافمن يجلس على الرصيف مع الحجيجيعلو دون أن يطلبويُرى دون أن يتكلمويُحَبّ دون أن يسعى لذلكوهذا هو جوهر الدينأن تخدم لا أن تُخدمأن تقترب لا أن تتعالىأن تمشي مع القلوب لا أمامهاوفي هذا كلهكان الخلايلة معلمًا دون أن يدّعيومتحدثًا دون صوتوخادماً للحجيج يعرف أن أول الطريق يبدأ من حيث يجلس الناس لا من حيث تُلقى الخطب.الصورة: التقطها أحد الحجاج الأردنيين، وارسلها لمدار الساعة.