النعيمات يسلط الضوء على الدروس المستفادة من تأهل المنتخب الأردني لبطولة كأس العالم ـ بقلم: أ.د. أسامة أحمد النعيمات

النعيمات يسلط الضوء على الدروس المستفادة من تأهل المنتخب الأردني لبطولة كأس العالم ـ بقلم: أ.د. أسامة أحمد النعيمات


في لحظة امتزجت فيها دموع الفرح بفخر الانتماء، سجّل المنتخب الأردني لكرة القدم إنجازًا وطنيًا مميزًا بتأهله إلى المرحلة القادمة من تصفيات كأس العالم، ليؤكد أن العزيمة والإصرار والانتماء يمكن أن يصنعوا المعجزات، حتى في ظل شح الإمكانيات وقلة الموارد. لقد قدّم “النشامى” درسًا وطنيًا بليغًا في أن النجاحات العظيمة لا تُبنى فقط على المال أو الإمكانيات المادية، بل على الإيمان بالهدف، والعمل الجماعي، والقيادة الحكيمة التي تحتضن الطاقات الوطنية وتوجهها. لقد كان الشباب الأردني حجر الأساس في هذا الإنجاز، حيث أثبت اللاعبون، ومعظمهم من جيل الشباب، أن الطاقات الكامنة لدى الجيل الجديد قادرة على رفع راية الوطن في المحافل الدولية إذا ما أُتيحت لها الفرصة. لقد أظهروا روح التحدي، والتحلي بالمسؤولية، والانضباط العالي، وهي قيم تحتاجها كل دولة تتطلع للنهوض وبناء مستقبل مزدهر.من أبرز ما ميّز المنتخب الأردني في هذه التصفيات هو التضامن الحقيقي بين عناصر الفريق، حيث كان اللعب الجماعي واضحًا في كل مباراة، وتجلّت الروح القتالية في الدفاع عن ألوان الوطن. لم يكن هناك نجم واحد يطغى على الفريق، بل كان الفريق كله نجمًا. وهذا يُعلّمنا درسًا عميقًا: أن التكاتف والتكامل بين الأفراد يقود إلى الإنجاز، سواء في الرياضة أو في مختلف مؤسسات الدولة.رغم محدودية الموارد المالية والبنية التحتية الرياضية المتواضعة مقارنة بدول أخرى، استطاع المنتخب أن يثبت أن التحديات لا تعني الاستسلام، بل قد تكون محفّزًا لتقديم الأفضل. هذه الرسالة ليست موجهة فقط للرياضيين، بل لكل شاب وطالب وموظف وريادي، بأن النجاح لا يحتاج إلى ظروف مثالية، بل إلى عقلية مثابرة وروح لا تعرف اليأس.لا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون الإشارة إلى الدعم اللامحدود من القيادة الهاشمية، وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، اللذين كانا حاضرين في تفاصيل المشهد الرياضي، داعمين للشباب ومشجعين لهم على الدوام. لقد كانت كلماتهم، وتشجيعهم، وزياراتهم للمباريات، بمثابة طاقة معنوية هائلة للاعبين، ورسالة للمجتمع بأهمية الرياضة كجزء من بناء الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة.إن هذا التأهل يجب ألا يُنظر إليه كحدث عابر، بل كنقطة انطلاق نحو تطوير الرياضة الأردنية بشكل مؤسسي ومستدام. فالنجاح الذي تحقق يجب أن يفتح الباب أمام استثمار حقيقي في البنية التحتية، وتوسيع قاعدة الرياضة المدرسية والجامعية، وتأهيل الكوادر التدريبية، بما يُمكن الأردن من المنافسة بجدارة على الساحة الدولية.إن تأهل المنتخب الأردني لكرة القدم إلى المرحلة المقبلة من تصفيات كأس العالم ليس فقط إنجازًا رياضيًا، بل هو قصة إلهام وطني، تحمل في طياتها دروسًا بالغة الأهمية عن قيمة الشباب، والعمل الجماعي، والتحدي، والدعم القيادي. ولعلّ هذا الحدث يكون دافعًا لكل فرد ومؤسسة في الأردن لتقديم الأفضل، تحت راية الوطن، وبروح النشامى.والله من وراء القصد…