القيادة العسكرية: وطن يحقق الاستقرار وجهاز يضمن السلامة.

القيادة العسكرية: وطن يحقق الاستقرار وجهاز يضمن السلامة.


مدار الساعة – كتب د. وسام حسين الزعبي: يقف الأردنيون في هذه اللحظة الوطنية السامية، أمام محطتين راسختين في تاريخهم الحديث، التاسع من حزيران، عيد الجلوس الملكي، والعاشر من حزيران، عيد الجيش الأردني، مناسبتان تتعانقان في الوجدان كما في الواقع، لتشكلان معاً المعنى الأسمى لمعادلة الاستقرار الوطني المتجذّر، حيث تلتقي القيادة الحكيمة والمحنكة مع القوة العسكرية المنضبطة لصياغة وطنٍ لا تنكسر إرادته. الملك عبدالله الثاني: القائد الذي يجيد لغات القوة والحكمة منذ اليوم الأول لتسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية عام 1999، لم يكن مجرد حاكم دستوري أو صاحب ولاية سياسية فقط، بل كان ولا يزال قائداً ميدانياً يفهم لغة السلاح حين تشتد المعركة، ويُتقن لغة الحوار حين تقتضي الحكمة ذلك.جلالة الملك بخلفيته العسكرية الصلبة، التي صقلتها سنوات طويلة من الخدمة والتدريب في أعرق المؤسسات العسكرية العالمية، لم يكن يوماً غريباً عن ميادين القتال، بل كان في صُلبها، يعرف تماماً إيقاع الميدان، ويرصد أنفاس الجندي ونبضه، ويقود لا من خلف المكاتب، بل من قلب الميدان.أما في السياسة فهذا لا يخفى على أحد ذلك التوازن الدقيق الذي استطاع جلالته أن يصوغه للأردن وسط بيئة إقليمية مضطربة، فكان صوت العقل والحق، والمدافع الأشجع عن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ثابتاً على مواقفه، صلباً في مبادئه، رحيماً في توجهاته، صادقاً في التزامه بمصالح شعبه وأمته. عيد الجيش: يوم الوفاء لمدرسة الشرف والانضباط الجيش العربي الأردني، الذي وُلد مع تأسيس الدولة الحديثة عام 1921، لم يكن يوماً مجرد مؤسسة أمنية أو قوة عسكرية بالمعنى التقني، بل هو حاضنة الهوية الوطنية، وراية السيادة، وصانع الاستقرار.وفي معاركه الكبرى، من معركة الكرامة إلى مساهماته في قوات حفظ السلام العالمية، قدّم الجيش الأردني للعالم نموذجاً للجندية الملتزمة بالقيم والمبادئ، والتي تحفظ أمن الوطن وتحترم الإنسانية في آن واحد.وليس غريباً أن يكون هذا الجيش المهيب تحت قيادة ملكٍ عسكري، يتحدث بلغة الجندية كما يتحدث بلغة السياسة، فرؤية الملك عبدالله الثاني لهذا الجيش ليست فقط كأداة للدفاع، بل كمنظومة قيم، ومدرسة للرجال، ودرع للوطن، وسيف لا يُغمد في وجه التهديدات. ولي العهد: الامتداد الطبيعي لحكمة القيادة وقوة الجندية شخصية سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حيث تلتقي الحكمة الهاشمية مع الروح الشابة، وتتكامل ملامح القيادة الجديدة التي نشأت في بيتٍ عسكري ووطني بامتياز.حضور ولي العهد في الميدان، سواء في زياراته المتواصلة للمؤسسات الوطنية، أو مشاركته الفاعلة في الفعاليات الرسمية، لا يقتصر على التمثيل البروتوكولي، بل هو ممارسة عملية لنهج قيادي تراكمي، بدأه جلالة الملك واستمر عليه ولي عهده بثقة واتزان.لم يكن ولي العهد، وهو يقف خلف المنتخب الوطني لكرة القدم، ويشارك الأردنيين أفراحهم وأحزانهم، ويتحدّث باسم الوطن في المحافل الدولية، مجرد وريث للعرش فقط، بل كان ابنًا لكل بيت أردني، وسفيرًا لروح شابة تنبض بقلب الوطن، وتهمس بصدق الانتماء، وكان أيضاً صوته قريبًا من الناس، ويده ممدودة إليهم، حاملاً رسائل المحبة والوفاء من البيت الهاشمي إلى قلوب الأردنيين جميعًا، بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم. معادلة الاستقرار: القيادة الحكيمة والجيش المنضبط في عالم تهدده الفوضى، وتربكه النزاعات، لا تبقى الدول على قيد الحياة إلا إذا امتلكت ركيزتين: قيادة شرعية تحظى بثقة شعبها وتحسن إدارة الدولة، وجيش منضبط يحمي الداخل ويحترم الخارج.والأردن، بنظامه الملكي الدستوري وجيشه العربي الموحّد، استطاع أن يحافظ على معادلة صعبة، توازن بين التحديث والحفاظ على الثوابت، وبين الانفتاح وصون السيادة، وبين الواقعية السياسية والثبات على المبدأ.ولأن الاستقرار لا يُشترى، بل يُبنى بتضحيات وبصبر، كان الأردن وما يزال مثالاً حياً لدولة صغيرة جغرافياً، عظيمة بقيادتها، مهيبة بمؤسستها العسكرية، مصانة بوحدة أبنائها. الأردن وطن لا ينكسر في التاسع والعاشر من حزيران، لا يحتفل الأردنيون بتواريخ على الروزنامة، بل يحيون الذاكرة الحية لوطنهم، يقرأون في وجوه جنودهم معاني الفداء، ويستمدون من خطابات قائدهم جلالة الملك عبدالله الثقة والإلهام.فهي مناسبات تنطق بما في القلب، أن الأردن، بهيبته وقيادته وجيشه، هو وطن لا يُقاس بمساحته، بل بثباته، ولا يُعرّف بعدد سكانه، بل بمواقفهم، ولا يُقارن بموارده، بل بعزيمة رجاله.وفي بيتٍ هاشميٍ كريم، نشأ جيلٌ جديد يواصل المسيرة، ليبقى الأردن، كما أراده الهاشميون، عزيزاً، كريماً، شامخاً، آمناً، بإذن الله، ثم بإرادة قيادته وشعبه.